فاطمــة خليــل النــــزر

أخصائية علاج نفسي


في خضم المشكلات التي أعاني منها كامرأة وأُمّ وعاملة وصراعاتي اليومية في الحياة وخاصة مع العمل وعقلياته، إلا أني دائماً مبتسمة وإن حاول متصنعو المشكلات دفعي لغير ذلك، وكثيراً ما يطلق عليَّ من حولي عديمة الإحساس بالمشكلات، وقد جئت هنا بالإثبات العلمي لنظرتي التفاؤلية. فالعلم أثبت أخيراً أن الإنسان في أصله يولد بنظرة متفائلة للحياة ويرفض النظرة التشاؤمية.
جاءت هذه النتائج في إحدى الدراسات العلمية ونشرتها مجلة التايم الأمريكية مفادها أن سيكولوجية التفاؤل هي طبيعة المخ البشري. فالإنسان فطر على أن حياة الأبناء ستكون أفضل من الآباء وأن الغد أفضل من اليوم على الرغم من الإحباطات التي تلاحق الإنسان وأن هذه النظرة المتفائلة تحمي الإنسان من الانهيار وتلهمه للبحث عن حلول لكل المصاعب التي يواجهها وبذل المزيد من الجهد والوسائل من أجل التقدم للأمام.
كما توصل الباحث الأمريكي صامويل جونسون أيضاً إلى أنه رغم مرارة تجربة الطلاق فإن التفاؤل هو الذي يجعل الإنسان يسعى إلى أن يعيد تجربة الزواج مرة أخرى وهو ما يسميه الانتصار على آلام التجربة السابقة، كما إن التفاؤل يجعل الإنسان أكثر هدوءاً وأقل توتراً ويساعد على تحسين الصحة العامة للجسم.
ويرى الباحثون في أمراض القلب أن الشخصيات المتفائلة تحتاج إلى الفيتامينات بدرجة أقل من الشخصيات المتشائمة ويمارسون الرياضة مما يقلل من مخاطر إصابتهم بأمراض القلب، وأن النظام العصبي في الإنسان ليس مجرد جهاز تسجيل للأحداث الماضية المخزونة في الذاكرة بل إنه يعيد تركيب هذه الأحداث ويضع سيناريوهات للمستقبل باستبعاد الأحداث واللقطات غير الضرورية من الذاكرة، أي أن مخنا هو ما يجعلنا نحلم ونتخيل الوقائع بطريقة أكثر تفاؤلية.
لاشك أن في الحياة الكثير من المشكلات والعقبات فلا تجعل سعادتك مشروطة بزوالها بل تعايش معها لأن نظرتك إليها، فالحياة هي أن تحول الآلام إلى آمال، ولكن ما السبيل لأن نظهر هذه الفطرة الإنسانية الجميلة، إن نظرتنا التفاؤلية شأنها شأن أي أمر في حياتنا فهي قرار نتخذه، كما إن مظهرنا العام وحركاتنا هي ما توحي للآخرين بتفاؤلنا وبالتالي فإنهم يتصرفون معنا على هذا الأساس، كما إن أكثر ما يجعل نظرتنا للحياة ومشكلاتها تفاؤلية هي ابتساماتنا فإن تعودت على الابتسام أخرجت هذه الفطرة للعلن.
إن الحياة في مجملها مجموعة خيارات. فكل صباح بالنسبة لي يكون لدي خياران، إما أن أكون في مزاج سعيد أو في مزاج حزين وعادة أختار الأول، وفي كل مرة تحدث لي مشكلة يكون لديَّ اتجاهان، إما أن أكون الضحية الباكية وإما مقاومة المشكلة والتعلم منها والحذر ممن سببها، وكذلك أختار الأول وإن ضعفت في أحيان لا أنكرها، فقراري هو حياتي وحياة ابنتي، لهذا سأظل متفائلة ومبتسمة.
لؤلؤة: الناجح يري لكل مشكلة حل، والفاشل يري في كل حل مشكلة.. لهذا تفاءلوا..