كتب - علي الشرقاوي:
الناقد فهد حسين أحد المتابعين الجادين للحركة الثقافية في البحرين والخليج العربي، وأحد المهتمين القلائل بالتجربة النسوية الأدبية، في الشعر والقصة والنقد، إضافة إلى اهتماماته بالرواية الخليجية ـ
وصدر له كتاب «الرواية والتلقي» عن دار فراديــــس للنشــــــــر 2012 وفي كتابــــــــه الجديد «بعيداً عن الظل» عن التجربة النسويّة في منطقة الخليج العربية، يواصل الناقد فهد حسين مشروعه النقدي.
يقول الناقد والباحث فهد حسين في مقدمة كتابه الجديد «بعيداً عن الظل» إنه منذ القرن التاسع عشر الميلادي حين ظهرت وقتذاك الدعوة إلى تغيير أوضاع المرأة داخل المنزل وخارجه، وفي العمل ومجالاته، في الجانب المادي والمعيشي، منذ ذلك الحين والمرأة لا تزال تنادي وتطالب بنيل حقوقها أسوة بحقوق الرجل، وعليه فقد برز مصطلح يهتم بما تقوم به النساء ومن معهن في هذه المطالبات، هذا المصطلح الذي أصطلح عليه «بالنسوية» انتشر مثل البرق في أوروبا، ثم الدول الأخرى غربية وغير غربية، وما حدث له من قبول واستقبال من قبل النساء في العالم، ومن رفض ومقت لهذا التوجه، وأياً كانت عملية التلقي والاستقبال، فإن البدء في هذه الدعوة كان عام 1895، ليعبر في ذلك الوقت عن تيار ينادي بحقوق المرأة.
ويضيف «وإذ هنا أقوم بهذا البحث ليكون كتاباً يتناول أوضاع المرأة العربية في معاملتها، وما وصلت إليه وفقاً لمسيرة النضال والتضحيات التي نالت بعدها المرأة العربية بعضاً من حقوقها، فإن دلالة المصطلح الذي أتفق معه يكمن في أن النسوية هي «كل جهد نظري أو عملي يهدف إلى مراجعة واستجواب أو نقد أو تعديل النظام السائد في البنيات الاجتماعية، والذي يجعل الرجل هو المركز، هو الإنسان، والمرأة جنساً ثانياً أو آخر، في منزلة أدنى، فتفرض عليها حدود وقيود، وتمنع عنها إمكانات النماء والعطاء، فقط: لأنها امرأة، ومن ناحية أخرى تبخس خبرات وسمات فقط لأنها أنثوية لتبدو الحضارة في شتى مناحيها إنجازاً ذكورياً خالصاً، يؤكد ويوطد سلطة الرجل، وتبعية أو هامشية المرأة».
هيكلية جسد البعد في الظل
ويتناول الكتاب ثلاثة فصول، في الفصل الأول يتناول المرأة والتعليم في المجتمع الخليجي بدءاً من التعليم الأهلي المتمثل في الكتاتيب، والحوزات الدينية وحلقات الذكر، والمدارس الأهلية، ثم التعليم النظامي، وما يضم من مدارس حكومية، ومدارس خاصة، بالإضافـــــــــة إلى المعاهــــــــد والجامعـــــــات الحكومية والخاصة.
وفي الفصل الثاني خصص للمرأة والمشاركة في بناء المجتمع اجتماعياً، وسياسياً وثقافياً وإعلامياً وإعلانياً، حيث ينقسم الفصل إلى ثلاثة أجزاء، يتناول الجزء الأول العمل الاجتماعي والتطوعي في منطقة الخليج العربية، وتأسيس الجمعيات النسائية، وكذلك المشاركة السياسية، أما الجزء الثاني فيتناول المساهمات الثقافية المتمثلة في الوعي القومي، ودور المؤسسات الثقافية في تنمية وعي المرأة الخليجية، كما تتحدث هذه المساهمات في علاقة المرأة بالمهرجانات الثقافية والفنية، والمشاركة في معارض الكتاب والنشر والترجمة، ويأتي الجزء الثالث ليتحدث عن مساهمات المرأة الخليجية في الحقل الإعلامي من صحافة وإذاعة ودراما تلفزيونية، ودخولها عالم صناعة المادة الإعلانية.
أما الفصل الثالث فيتناول المجال الإبداعي للمرأة الخليجية، وكتابتها في حقل الإبداع الشعري، بداءً من كتابة الشعر العمودي، إلى كتابة النص النثري، مروراً بقصيدة التفعيلة، كما يتحدث أيضاً عن إبداع المرأة الخليجية في الكتابة السردية بفرعيه القصصي والروائي، وصولاً إلى المتابعة النقدية التي كرست المرأة الخليجية الناقدة وقتاً مهماً في دراسة الإبداع العربي وغير العربي، من خلال الدارسة الأكاديمية أو البحثية، لتكون رافداً لسياق التواصل الثقافي والنقدي بين المنطقة والعالم العربي والأجنبي، وننهي الكتاب بخاتمة ثم المصادر والمراجع المعتمدة في هذا الكتاب، وهنا أؤكد مرة أخرى على الاستعانة ببعض النصوص الشعرية والقصصية والروائية كلما دعت الحاجة من أجل إبراز دور المرأة وما لها وما عليها.
ملاحظة صغيرة لابد منها
من الوهلة الأولى، نرى أن الناقد والباحث قد تابع بعض التجارب، فيما غابت العديد من الأسماء النسائية المهمة، في الرواية والشعر، فقد غابت عن الدراسة الروائية فوزية رشيد، والكاتبة فريدة خنجري والشاعرات فتحية عجلان وفاطمة التيتون وفاطمة محسن وفوزية بو خالد وخديجة العمري وزكية مال الله، وليلى السيد وجنة القريني، إضافة إلى تجربة الشاعرة منيرة فارس والتي تعتبر واحدة من التجارب المهمة التي تحدثت منذ بداية الحركة الأدبية الجديدة في البحرين شعراً ونثراً عن واقع المرأة البحرينية ومعاناتها، وهناك دراسات مهمة لكل من الباحثة أنيسة السعدون ود.ضياء الكعبي ود.إيمان الناصر وغيرها.
لم يتناولها الناقد في بحثه، بالرغم من النقص البسيط فيها، إلا أن مثل هذه الدراسة الجادة المهمة والتي تحتاجها المكتبة الثقافية البحرينية والخليجية والعربية والعالمية، تبقى واحدة من الدراسات الرائدة في متابعة الكتابة النسوية في هذه المنطقة.
جدير بالذكر أن هذا الكتاب صادر من خلال مشروع وزارة الثقافة والتراث الوطني وعن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، يقع في 230 صفحة من القطع الكبير، وصورة الغلاف من أعمال محسن المبارك، وتصميم الغلاف للشاعر محمد النبهان.