في يوم الخميس 27 سبتمبر، أسرعت الروح الطاهرة لتلاقي ربها شوقاً، وقبل هذه الأثناء لم تكن الفرحة تتمالك خالي الغالي علي أحمد عبدالله بأنه سيصلي بالناس بدلاً من إمام المسجد الذي شاءت الأقدار أن يسافر ليحل محله، وما أن أنهى صلاة الظهر إلا وجلس مكانه يسبح الله ليهم بعدها بأداء ركعتي السنة، وهنا غادرت الروح المشتاقة لربها تاركة ذلك الجسد لا حول له ولا قوة ليبقى طريحاً مكانه في المحراب، توفي خالي بوحسن في الساعة 12والنصف، وفي الساعة 4 والنصف اجتمعت الحشود في مقبرة المحرق من كل مكان، وتتساءل عن هذا الشخص الذي اختاره الله في أفضل خاتمة يتمناها الملايين؟ ومن هو هذا الإنسان الذي أسرعت جنازته لتتقدم مسرعة مشتاقة لربها وهي تقول قدموني قدموني؟ إنه علي أحمد عبدالله بوحسن رحمه الله.
هذا الرجل عاش حياته بمفهوم الصبر، لم يشكو ألماً ولا هماً، كان الولد الوحيد بين 4 فتيات، فاهتم بهن وبوالديه، واهتم بأبناء أخواته ليكون أباً آخر لهم، حمل مسؤولية ابنه وحيد وزوجته، وقام بكل واجباته كأب وزوج وأخ وخال وصديق وجار، ابتلاه الله بأن أخذ منه طفلين وهما مازالا جنينين في بطن أمهما، فلم يفرح إلا بالثالث، لكنه كان صابراً محتسباً لقضائه، مُلئ قلبه بالقناعة والرضى، كل من يراه يجده دائم الابتسامة، رغم إنه كان يعاني من السكري ومن عينه التي لا يرى إلا من واحدة، لكنه لم يشكو يوماً لا من التعب ولا من المرض، بل لا يعرف عن مرضه أي أحد لأنه لا يشتكي منه بل وكل أمره للعلي القدير.
عاش بوحسن حياته بسيطًا متواضعاً، لا يرد كل من يطلبه، يقدم المساعدة للجار والصديق والقريب وحتى البعيد، يقابل الإساءة بالحسنة ويعفو ويسامح كل من أساء له، يشارك رفاق المسجد الإفطار الجماعي في الأيام التي يستحب بها الصيام ويفعل الخير أينما كان، يحب لقاء ربه في كل ما أمره به من صلاة وصيام وصدقة وذكر وعمرة وحج، أما هوايته فكانت في البحر، حيث يقضي أمتع أوقاته في الحداق بصحبة رفاق عمره الذين يكن لهم كل الحب والتقدير، وكيف لا يحبهم وهم أصحاب عمره (سامي وعبدالله).
وخلال معظم سنوات حياته وجد أن الصورة هي ذكرى تبقى طول العمر، فأحب التصوير وكان يوثق معظم اللحظات الجميلة سواء بالتصوير الفوتوغرافي أو بالفيديو، فكان هو أول من شجعني على التصوير وعلى شراء كاميرا الفيديو وعلمني التصوير بها، وكان رحمه الله يحب اجتماع العائلة فيحرص عليه، وهو أول من تجده في المناسبات السعيدة والأحزان، لا يترك أحداً إلا ويقف إلى جانبه إما يشاركه الفرحة أو يواسيه في الحزن.
هذا هو بوحسن الذي عاش حياته بمفهوم الصبر والرضا بالقضاء والقدر والتسامح والقناعة، أحب الله وسعى إليه في حياته بكل استطاعته، ليحبه الله ويختاره في بيت من بيوته وعند المحراب، اختاره في أفضل خاتمة وأعطاه حسن الخاتمة، رحلت يا خالي وتركت المكان من بعدك فاضياً، ولا يمكننا إلا أن نقول (إنا لله وإنا إليه راجعون)، إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا خالي علي لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وأسأل الله أن يجمعنا بك في الفردوس الأعلى تحت ظله وعند الحوض مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة.
ابنة أختك
إيمان عبدالرزاق الخاجة