كثيراً ما نسمع بالعداء الإيراني – الأمريكي في السياسية الدولية! ولطالما سمعنا في الوسط الإعلامي العربي والإسلامي بأن إيران هي حائط السد الوحيد الذي يقف أمام الهيمنة الأمريكية في المنطقة! إن المتتبع للعلاقات الإيرانية الأمريكية يمكنه رصد تحركات الدولتين تجاه مصالحهما، حيث هناك اختلاف في ما يعلن بين الدولتين وفي ما يدور تحت الطاولة من الاتفاقات ومبادئ سرية تخدم مصلحة البلدين.
أحياناً نرى رؤساء و وزراء خارجية إيران والولايات المتحدة الأمريكية يظهرون على وسائل الإعلام العالمية حاملين معهم حزمة من الانتقادات للطرف الآخر، ولكن ما يدور في الاجتماعات والاتفاقات السرية ما بين البلدين يناقض ما يدور في وسائل الإعلام العالمية، وذلك لأن ليس كل ما يعلن في عالم السياسية يدرج تحت مظلة الحقيقة.
لقد تعاونت الولايات المتحدة الأمريكية مع إيران في العديد من القضايا في منطقة الشرق الأوسط بشكل سري، وهناك العديد من السياسيين والنقاد وصناع القرار في العالم العربي والإسلامي يرفضون مبادئ التعاون الأمريكي - الإيراني، وهذا الرأي بناءً على ما يدور في العلن من الانتقادات والهجمات المتبادلة من كل طرف إلى الطرف الآخر.
لم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية دخول أفغانستان إلا بعد تعاون إيران معها، حيث سمحت إيران باستخدام أراضيها للغزو الأمريكي لأفغانستان، وقدمت الخدمات اللوجستية للقوات الأمريكية والغربية في أفغانستان نتيجة لاجتماع مصالح الدولتين. ومن جانب آخر قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإدراج جماعة «جند الله» السنية التي يرأسها عبدالملك ريغي على القائمة الأمريكية للإرهاب، حيث تتهم إيران تلك الجماعة بالوقوف وراء تفجيرات وعمليات مسلحة أوقعت عشرات القتلى والجرحى، وقبضت إيران على رئيسها عبدالملك ريغي بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية. في الوقت الذي رحبت إيران بقرار الولايات المتحدة إدراج جماعة «جند الله» الإيرانية على قائمة المنظمات الإرهابية، مشيرةً إلى أنها خطوة في «الاتجاه الصحيح».
أما في العراق فالساحة متروكة للإيرانيين بعد انسحاب الأمريكيين، اليوم الإيرانيون هم من يتحكمون في الحكومة العراقية. والسؤال لماذا تركت الولايات المتحدة الأمريكية الساحة العراقية للإيرانيين هكذا بسهولة؟ هل كان هذا ضمن اتفاق مسبق ما بين الطرفين؟ ومن جانب آخر لماذا الولايات المتحدة الأمريكية تحارب دولة العراق الإسلامية ولا تحارب الجماعات المسلحة المدعومة من قبل الحرس الثوري (مثل حزب الدعوة والتيار الصدري)؟؟
إن الجمهورية الإيرانية تصول وتجول في المنطقة بلا رقيب ولا حسيب، بمساعدة الحليف البعيد (الولايات المتحدة الأمريكية)! اليوم الجمهورية الإيرانية يتسع نفوذها في المنطقة بازدياد مخيف، في الوقت الذي لا تحرك فيه الدول الخليجية ساكناً!
الولايات المتحدة الأمريكية سمحت للجمهورية الإيرانية بإنشاء قواعد وميلشيات في بعض الدول الشرق الأوسطية، فعلى سبيل المثال الدعم الإيراني لجماعة الحوثيين في اليمن، والتساؤل لماذا الولايات المتحدة لا تحارب الحوثيين في الوقت نفسه تحارب تنظيم القاعدة في اليمن؟ لماذا الولايات المتحدة تركت الجمهورية الإيرانية تفرض سيطرتها في شرق أفريقيا هكذا بدون مقاومة؟ (حيث إيران أنشأت قواعد بحرية في جيبوتي في البحر الأحمر) واستأجرت إيران كذلك 3 جزر بالغرب من باب المندب في البحري الأحمر (جزر الدهلك) لتدريب الحوثيين؟!
هذا غيض من فيض الحقائق، لمن يريد أن يربط ويفهم ويقرأ ما بين السطور.
راشد أحمد راشد