يتفاقم الوضع في منطقة اليورو التي غرقت في الانكماش في نهاية 2012 وشهدت اقتصاديات ابرز دولها تدهورا ما قد يؤدي الى تعقيد مهمة الدول الاعضاء في احترام التزاماتها المالية وتاجيج النقاش حول سعر اليورو.
وتراجع اجمالي الناتج الداخلي في منطقة اليورو بنسبة 0,6 بالمئة في الفصل الرابع 2012، كما اعلن المكتب الاوروبي للاحصاءات (يوروستات) الخميس.
وهذا اسوأ مما كان متوقعا: فالمحللون كانوا يتوقعون انخفاضا بنسبة 0,4 بالمئة حتى ان بدا ذلك مبالغة في التفاؤل بالنظر الى ارقام النمو الالماني (-0,6 بالمئة) والفرنسي (-0,3 بالمئة) التي نشرت صباح الخميس ايضا.
وتقلص الاقتصاد الالماني اكثر مما هو متوقع في الفصل الاخير في 2012 بسبب تراجع الصادرات، في حين بقي الاقتصاد الفرنسي يواجه صعوبات، الامر الذي اكد ضعفه.
وفي بقية منطقة اليورو، لم يكن الوضع في حال جيدة ان لم يكن كارثيا: فقد دخلت هولندا في الانكماش في الفصل الرابع مع تراجع اجمالي الناتج الداخلي 0,2 بالمئة، وتقلص الاقتصاد الايطالي اكثر مما هو متوقع (-0,9 بالمئة)، في حين سجل النشاط في البرتغال تراجعا بنسبة 1,8 بالمئة فيما تدهور اجمالي الناتج الداخلي في اليونان --البلد الاكثر تضررا جراء الازمة-- بنسبة 6 بالمئة.
والخميس اعلنت هيئة الاحصاءات اليونانية ان قطاع العمل واصل تدهوره الكبير في اليونان في نوفمبر مع معدل بطالة تجاوز عتبة جديدة ليصل الى 27 بالمئة مقابل 20,8 بالمئة قبل سنة.
وفي اكتوبر 2012، بلغت البطالة نسبة 26,8 بالمئة.
وفي قبرص التي تتفاوض حول خطة انقاذ اوروبية، شهد الاقتصاد فصله السابع من الانكماش مع تراجع اجمالي الناتج الداخلي بنسبة 3,1 بالمئة في الفصل الرابع من العام 2012 مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبق، بحسب تقديرات رسمية نشرت الخميس.
وتقلص اجمالي الناتج الداخلي في قبرص بنسبة 1 بالمئة مقارنة مع الفصل الثالث من العام 2012.
وقلل جوناتان لوينز من مؤسسة كابيتال ايكونوميكس من شان ذلك، وقال ان "هذه الارقام سبق وتم تسجيلها، وقد دلت مؤشرات النشاط على اشارات تحسن في بداية 2013".
وقد يتدهور الوضع بسرعة، كما حذر فاندن هوت من مؤسسة آي ان جي، مشيرا بالخصوص الى الوضع السياسي في اسبانيا وايطاليا حيث يتوقع تنظيم انتخابات في فبراير اضافة الى صعوبة تطبيق خطة انقاذ لقبرص.
ويرى خبراء التوقعات في البنك المركزي الاوروبي ان الارقام التي نشرت الخميس تدعو الى الاعتقاد ان النمو في منطقة اليورو سيكون صفرا بالمئة في 2013 واسوأ مما هو متوقع في 2014 مع زيادة اجمالي الناتج الداخلي بواقع 1,1 بالمئة مقابل 1,3 بالمئة متوقعة حتى الان.
وفي الوقت الذي لم تعط يوروستات اي معطيات بشان مكونات اجمالي الناتج الداخلي في الفصل الرابع، فان ضعف الاستهلاك وتجارة خارجية متداعية يشكلان اساس هذا التدهور على ما يبدو.
وقال فاندن هوت "مع طلب داخلي ينذر بان يبقى ضعيفا في منطقة اليورو، فان اي تحسن سيتوقف على التجارة الخارجية".
واضح الخبير الاقتصادي "من هنا اهمية عدم وجود عملة قوية جدا"، في حين ان النقاش حول "اليورو القوي" يهز منطقة اليورو منذ ايام بناء على طلب فرنسا التي تخشى ان يلقي مستوى العملة المشتركة بثقله على صادراتها ويسيء الى قدرتها التنافسية.
وسيتم التطرق الى هذه المسالة الجمعة والسبت في مجموعة العشرين في موسكو حتى ولو ان باريس معزولة نسبيا في هذا الملف.
وهناك مشكلة اخرى تتمثل في ان تدهور النشاط في دول منطقة اليورو يجعل من المستحيل تقريبا الوفاء بالالتزامات المالية.
واقرت فرنسا، ثاني اقتصاد في منطقة اليورو، الاربعاء بانها لن تحقق هذه السنة الهدف الذي اعلنته للعجز العام، اي 3 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي، لكنه سيكون اعلى من ذلك بقليل.
وهي خطوة يمكن ان تعاقبها بروكسل نظريا، لكن المفوضية الاوروبية اظهرت منذ الاربعاء اشارات ليونة.
وفي رسالة موجهة الى وزراء مالية الاتحاد الاوروبي، ذكر المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية اولي رين بان مهلة يمكن منحها لدولة ما لتصحيح عجزها المفرط في حال تدهور النمو. لكنه اضاف "شرط ان يكون (هذا البلد) بذل، كما هو متفق عليه، الجهود المالية المطلوبة".
ولن تتخذ المفوضية الاوروبية اي قرار على الفور لانها تنتظر نشر توقعاتها الاقتصادية الجديدة في 22 فبراير.