كتبت - مروة العسيري:
أطلقت جمعية الوسط العربي الإسلامي مبادرة لتشكيل لجنة أهلية من فعاليات المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والجمعيات السياسية لتكون جهة ضغط على السلطة التنفيذية والتشريعية لإجبارهم على تفعيل توصيات ديوان الرقابة المالية والإدارية وخصوصاً الملاحظات التي تكررت في أكثر من تقرير للديوان بشأن بعض المؤسسات ومحاسبة الوزراء.
وطالب حضور الحلقة النقاشية “ماذا بعد تقرير ديوان الرقابة المالية؟” التي نظمتها الجمعية بمقرها، بضرورة محاسبة الوزراء والمديرين المقصرين والذين أثبت الديوان في تقريره تورطهم في هذه التجاوزات المالية والإدارية.
إهمال إداري وليس فساداً متعمداً
وشرح النائب محمد العمادي للحضور الإجراءات المتبعة عند اللجنة الاقتصادية والمالية بعد تسلمها تقرير ديوان الرقابة، موضحاً ما هي الصلاحيات التي يمتلكها النواب في كيفية التعامل مع هذا التقرير الذي يكشف بكل مهنية وشفافية التجاوزات والمخالفات الحاصلة في الوزارات والشركات الحكومية”، معتبراً “التقرير لم يكشف عن وجود فساد متعمد وإنما إهمال إداري أدى إلى هذا الهدر المالي”.
وأكد العمادي أن “استمرار صدور تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية وفكرة إنشاء الديوان من البداية بأمر من جلالة الملك ومن رأس السلطة يعتبر إنجازاً حقيقياً للعملية السياسية والإصلاح في البحرين”.
وحذر العمادي أصحاب الأفكار السياسية والمواطنين المتابعين للوضع السياسي والعمل البرلماني من إيصال الشعب إلى مرحلة الإحباط بسبب كثرة الهجوم على مجلس النواب مما يفقد هذه المؤسسة أهميتها ويكون هذا الإحباط سبباً أولاً لعزوف الشعب عن المشاركة في العملية الديمقراطية وإفشال العملية السياسية وهي في أولها”، مشيراً إلى أن “العملية السياسية بالبحرين لاتزال وليدة وتحتاج إلى المزيد من التعديلات والصبر والإلحاح ووعي سياسي ناضج يفهمه جميع أبناء البحرين كباراً وصغاراً”.
وبيّن العمادي أن “تقرير الرقابة بالنسبة لي اعتبره مسؤولية مشتركة بين الديوان ورأس السلطة والسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية “، مضيفاً “أثناء عمل فريق الديوان على رصد المخالفات والتدقيق القانوني والمالي يقدم الديوان ملاحظات وتوصيات مبدئية إلى الجهة التي يقوم الديوان بمهمته فيها وتقوم الجهة بالرد، وإذا لم يقتنع الديوان بتبريرات الجهة يقوم بالتعقيب”.
وامتعض العمادي من الإجراءات المطولة التي يمر بها التقرير بعد صدوره قبل اتخاذ أي ردة فعل عليه من قبل النواب والجهات ذات صلة، مشيراً إلى “أن التقرير رقم 8 لسنة 2010 لم يناقشه النواب بعد وصدر التقرير التاسع قبل أسابيع للسنة 2011-2012”، مبيناً أن التقرير يمر أولاً على الملك وهو رأس السلطة وبحسب الدستور فيستطيع جلالته أن يمارس سلطاته من خلال وزرائه فالملك يعتبر الخط الأول والأقوى الذي يمر فيه التقرير والخط الثاني هو رئيس الوزراء والملاحظات واضحة فلماذا لا تصحح الأخطاء مباشرة؟”.
وأشار العمادي إلى أن “تشكيل لجنة وزارية للتحقيق في الملاحظات والتوصيات التي أثارها الديوان تعتبر تمديداً وإطالة أخرى لردة الفعل الصحيحة التي لابد أن تتخذ بعد كل تقرير”، طارحا تساؤلاً “إذا كانت هناك مصداقية للديوان، فلماذا تشكيل اللجان وإعادة التدقيق؟، يجب اتخاذ الإجراء المناسب على غرار ما أتى بالديوان مباشرة”. واقترح العمادي “أخذ توصيات الديوان الموجودة في تقريره (قصاً ولصقاً) ووضعها في تقرير لجنة الشؤون المالية ومناقشتها بسرعة قصوى، فالإجراءات التي يمر فيها التقرير عند اللجنة طويلة ومضيعة للوقت، حيث لا يحق لنائب استجواب وزير على غرار التقرير إلا بعد انتهاء اللجنة ومناقشة المجلس للتقرير”، مؤكداً “لابد من تفعيل الأدوات الثلاث الرقابية والمحاسبية عند النواب وهي الاستجواب الذي يعتبر اتهاماً صريحاً للنواب وصولاً إلى طرح الثقة”.
كما وشرح العمادي “إفراط بعض المسؤولين والوزراء من المحاسبة النيابية أثناء الإجراءات المطولة وذلك بإخلاء مسؤولياتهم الوزارية عن بعض الجهات أو عدم وجود أي وزير مسؤول عن جهة أخرى، يعد أيضاً من الإجراءات التي تضيع الوقت وتشتت آلية الاتهام والمسائلة، “مضيفاً “على سبيل المثال “تمكين” كانت لا تدخل تحت صلاحيات أي وزير واليوم هي تحت صلاحيات كمال أحمد فهل من المعقول محاسبته واستجوابه على أخطاء وتجاوزات لم تكن في ولايته للوزارة!؟”.
وبين العمادي “إذا تهيأت جميع الظروف لاستجواب وزير ما، ترجع العملية الشائكة لعمل النواب داخل قبة البرلمان واختلافاتهم ككتل وكنواب مستقلين ونجد صعوبة التوافق على الاستجواب، لذلك يجب على الناخب نفسه أن يعرف من يوصل إلى مجلس النواب بوعي سياسي وثقافي معين ويختار القوي ليمثله”.
تقديم النصح لتفادي الخسارة
ومن جانبه، بيّن عضو مجلس الشورى د.عبدالعزيز أبل كيفية عمل ديوان الرقابة المالية وما هي صلاحياته”، مشيراً إلى أن “الهدف منه تقديم النصح للمؤسسة الحكومية لتفادي الخسارة”.
وبين د.أبل “الفرق الشاسع بين العملية الديمقراطية في البحرين وبين الدول العريقة في عملها البرلماني، مشيراً إلى بريطانيا التي تعتبر من أكثر الدول تعمقاً في الديمقراطي احتاجت 800 سنة تقريباً للوصول إلى ما وصلت إليه اليوم”.
وقال إن “وجود ديوان رقابة مالية وإدارية بالبحرين خلال 10 سنوات من العملية الإصلاحية هو نجاح”، شارحاً “عمل فريق الديوان يقتصر على التأكد والتدقيق في ما إذا كانت المبالغ المدفوعة في الوزارات والمؤسسات تطابق فعلاً الرصيد هذا من الناحية المالية، أما من الناحية القانونية والإدارية فهو يتابع انتظام عمل الموظفين والإجازات وتحقيق الأهداف الإدارية”.
ونوه إلى أن الفساد تعبير اتهامي فعلاً، فلابد من أن نحدد في ماذا هذا الفساد هل هو في أخلاق الشخص أو في معاملته الأدائية”.
وبين د.أبل “التقرير لا يجد طريقه لنا في الشورى كوننا سلطة تشريعية فقط وليس لدينا صفة الرقابة كالنواب،كما إن الديوان لا يستطيع تحريك الدعوة الجنائية إلا عن طريق النيابة العامة بتحقق شرط وجود الجناية المالية، في حين أن هذه الدعوة تعتبر دقيقة جداً”.
وأشار د.أبل إلى “أن عملية دراسة التقرير في لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالنواب تأخذ الوقت الطويل وذلك بسبب طريقة تعامل النواب معه ومع الوزراء في اجتماعات اللجنة”، مستذكراً “عندما كنت نائباً وعضواً في اللجنة الاقتصادية كنت أتعامل مع عقليات مختلفة من النواب فمنهم صاحب التفكير الاقتصادي الغربي ومنهم الشرقي ومنهم السياسي البحت ومنهم من لديه خلاف مع وزير ما يريد أن يركز في التقرير على هذا الوزير ليسقطه وغيرها من وجهات النظر المختلفة، كما إن هناك الوزير المتعاون والوزير الغير متعاون وكل هذه الأمور تجعل التقرير يطول مكوثه عند اللجنة المالية”.
وأكد د.أبل “لابد أن يعي المواطنون جيداً كيفية عمل النواب والشوريين ويكون لديهم حس سياسي واعي وناضج، وأن يكون النقد الذي يثار في الساحة نقداً إيجابياً يزيد العمل السياسي نجاحاً وقوة وإصلاحاً”، مضيفاً “المطلوب أن الأجيال القادمة تفهم هذه المصطلحات ومن منطلق سليم”، موضحاً “العوامل الإقليمية والخليجية مترابطة إذ ما يحدث اليوم في الكويت وبعد 40 سنة رجعوا في عمليتهم الديمقراطية للوراء، والبحرين والكويت تربطهم علاقة صوت وصدى ونتمنى للبلدين كل الخير، كما لا نريد للبحرين أن تخسر 10 سنوات من عملها السياسي وتقدمها في مشروع جلالة الملك الإصلاحي”.
وفي رد العمادي على أسئلة الجمهور أوضح أن “هناك وزارات أخذت بتوصيات الديوان ولكن المشكلة الكبيرة هي الجهات التي تتكرر عليها الملاحظات وتظل المشاكل نفسها في أكثر من تقرير”، مطالباً بأن “يقوم الأفراد بدورهم وأن يحاسبوا الوزراء ويتحركوا كمؤسسات ويحاسبوا الوزير فليس عليه حصانة”، مؤكداً “أنا كنائب ليست لدي الصلاحيات في التجاوزات المحالة إلى النيابة”.