عواصم - (وكالات): بدا الناخبون الأمريكيون في وقت مبكر من صباح أمس الإدلاء بأصواتهم للاختيار بين الرئيس الديمقراطي باراك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني اللذين خاضا حملة مضنية شهدت تنافساً شديداً بحسب الاستطلاعات.
وفي معقله ماساتشوسيتس أدلى المرشح الجمهوري وزوجته آن بصوتيهما في مدينة بلمونت.
وعلى الإثر توجه رومني، الذي قال إنه يشعر بثقة كبيرة في الفوز، إلى ولايتي بنسلفانيا وأوهايو في آخر جهد يبذله في إطار حملته الانتخابية. وكان أوباما، الذي أدلى بصوته مبكراً أواخر أكتوبر الماضي، اختتم حملته في ولاية أيوا بلهجة قوية.
وقال أوباما الذي بدت عليه علامات التأثر والتعب بعد 5 أيام متتالية من الحملة الانتخابية المحمومة الوتيرة «بعد كل ما عايشناه وبعد كل ما قاتلنا من أجله، لا يمكننا التخلي عن التغيير الآن».
من جهته يواصل رومني حملته انتخابية حتى اللحظة الأخيرة في أوهايو وبنسلفانيا متهماً الرئيس المنتهية ولايته بأنه «فشل».
وبعد سباق محموم دام عاماً ونصف العام أنفقت خلاله مئات ملايين الدولارات على الدعاية الانتخابية واجتاز خلالها المرشحان عشرات آلاف الكيلومترات في جولات انتخابية صافحا خلالها عشرات آلاف الأيدي وألقيا عشرات الخطابات، تعود الكلمة الأخيرة إلى قرابة 200 مليون ناخب، بينما فتحت صناديق الاقتراع أبوابها في 9 ولايات شرق البلاد. وكان نحو 150 شخصا يصطفون وسط الصقيع صباح أمس أمام أحد مكاتب الاقتراع في الكسندريا بولاية فرجينيا، إحدى الولايات الحاسمة التي يمكن أن ترجح كفة أي من المرشحين.
ووضعت طاولات وأجهزة كمبيوتر في هذا المكتب وهو في الأصل ثكنة لرجال الإطفاء. وقال مايك أحد أول الناخبين «أنا موجود هنا للاحتفال بالديمقراطية». وكما هي العادة تقليدياً، صوت سكان قرية ديكسفيل نوتش الصغيرة في نيوهامشير ليلاً وللمرة الأولى انقسمت أصوات ناخبيها العشرة بين رومني وأوباما حيث نال كل منهما 5 أصوات. من جهة أخرى، صوت ملايين الأمريكيين في الاقتراع المبكر، من بينهم أوباما نفسه الذي صوت منذ 25 أكتوبر أي قبل 12 يوماً على الموعد الرسمي للانتخابات. ورومني الحاكم السابق لماساتشوستس والمليونير الذي بنى ثروة طائلة بفضل مهنته كرجل أعمال، ركز حملته الانتخابية على انتقاد حصيلة عهد منافسه الديمقراطي في المجال الاقتصادي. أما أوباما فقدم نفسه خلال الحملة مدافعا عن أبناء الطبقي الوسطى التي لا تزال تعاني تبعات الأزمة المالية التي ضربت البلاد عام 2008. وحتى اللحظة الأخيرة من السباق الرئاسي، ظاهرت استطلاعات الرأي أن كلا المرشحين متعادلان تقريباً في نوايا التصويت. لكن حظوظ أوباما بدت أعلى بشكل طفيف من حظوظ رومني وذلك خصوصاً بفضل النظام الانتخابي غير المباشر الذي يحكم الانتخابات الرئاسية الأمريكية حيث تختزل 10 ولايات أساسية من أصل ولايات البلاد الـ 50 العملية الانتخابية برمتها وبالتالي فإن الأنظار كلها تنصب عليها. إلا أن ذلك لم يحل دون أن يبدي معسكر رومني تفاؤلاً لم يتضاءل حتى اللحظة الأخيرة. واعتبر ستيورات ستيفنز أحد معاوني رومني أن كلمة «الثقة» هي الأفضل للتعبير عن الحالة النفسية لمعسكر رومني. وقال ريك غوركا السكرتير الإعلامي للمرشح الجمهوري «كانت مغامرة لا تصدق وحماسنا كبير جداً بعد الأحداث الأخيرة، ونحن متفائلون جداً لجهة فرصنا».
والولاية الأبرز التي ستكون محط الأنظار هي بلا منازع ولاية أوهايو. فما من جمهوري نجح في دخول البيت الأبيض من دون أن يفوز بهذه الولاية، كما إن أوباما تفوق في كل استطلاعات الرأي الأخيرة ولو بفارق ضئيل. وستبدأ اولى النتائج بالصدور في الثانية صباح الأربعاء، ولكن في بلد يمتد بعرض قارة باسرها وفيه 6 مناطق زمنية، من الساحل الشرقي إلى هاواي فإن اسم الفائز قد يبقى مجهولاً لفترة طويلة من الليل إذا ما كان الفارق بين المرشحين ضيقاً.
في المقابل فإن الحسابات الانتخابية تظهر أنه في حال فاز أوباما بكل من أوهايو وفلوريدا وفرجينيا وكان فوزه بفارق واضح عن منافسه، فان العملية ستحسم لصالحه اعتباراً من أولى ساعات المساء.
وفي هذا الإطار لا يغيب عن الأذهان السيناريو الكابوسي للانتخابات الرئاسية في عام 2000 عندما تأخر إعلان اسم الفائز قرابة شهر كامل بسبب طعن في عملية فرز الأصوات في ولاية فلوريدا، ما حتم إعادة جمع الأصوات، وهذا السيناريو السيئ ليس مستبعدا من حسابات كل من فريقي الحملتين، لا سيما أن كلاً منهما جهز جيشاً من الحقوقيين والمحامين والخبراء لهذه الغاية.
ولا يلحظ جدول أعمال أوباما أي خطاب علني قبل ذاك المقرر في قصر المؤتمرات على ضفة بحيرة ميشيغن، وقد أكد فريق حملته أنه سيقضي الوقت في لعب كرة السلة. ولحث الناخبين على الإدلاء بأصواتهم مبكراً سعى أوباما لأن يكون قدوة في هذا المجال إذ أدلى بصوته نهاية أكتوبر في معقله السياسي.
أما رومني فمن المقرر أن ينظم حفل انتظار إعلن النتائج في بوسطن عاصمة ولايته. لكن أياً كان الفائز في هذه الانتخابات فهو سيصطدم بالكونغرس القوي المحتمل أن تتغير موازين القوى فيه تماماً، كون الانتخابات الرئاسية ترافقها انتخابات تشريعية.
فمجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون سيتم تجديده بالكامل في الانتخابات، في حين أن ثلث أعضاء مجلس الشيوخ حيث يتمتع الديمقراطيون بالأكثرية وسيخوضون معارك تجديد الولاية.
وفي انتخابات الثلاثاء أيضاً سيدلي الناخبون بأصواتهم في أكثر من 170 استفتاء محلياً. وأمام 20 ألف شخص تجمعوا وسط الصقيع وسط العاصمة دي موين تطرق أوباما إلى سنتي 2007 و2008 حين لم يكن «أحد بإمكانه لفظ اسمي» مشيراً إلى أن تجمعاته الانتخابية آنذاك لم تكن تجتذب سوى 20 شخصاً.
وأضاف «من هنا انطلقت حركتنا من أجل التغيير، وهنا خلف المنصات يوحد المبنى الذي كان يضم مقر حملتنا في 2008».
وفي مطلع 2008 وفي أيوا التي تنظم تقليدياً أول عمليات الاقتراع ضمن الانتخابات التمهيدية، فاز السناتور أوباما أنذاك على المرشحين الأوفر حظا لدى الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون وجون ادواردز ما أطلق عملية ترشيحه للرئاسة.
وختم بالقول «أحبكم جميعاً، اذهبوا للتصويت ولنواصل المضي إلى الأمام» قبل أن يتوجه إلى شيكاغو في ولاية ايلينوي المجاورة، معقله حيث سينتظر نتيجة الانتخابات. وبدأ النهار الانتخابي الطويل مع فتح أولى صناديق الاقتراع، باستثناء قرية ديكسفيل نوتش الصغيرة في ولاية نيوهامشير التي أعطت إشارة الانطلاق للانتخابات كما جرت العادة. وللمرة الأولى في تاريخ البلدة، لم يتمكن ناخبوها العشرة من الوصول إلى غالبية حيث نال كل من أوباما ورومني 5 أصوات. والمهمة تبدو صعبة ولكن غير مستحيلة على رومني، فجميع استطلاعات الرأي تظهر تقدماً لأوباما على خصمه في هذه الولاية، وإن كان بفارق ضئيل. وبعد عطلة نهاية أسبوع محمومة وعشرات التجمعات الانتخابية التي عقدها المرشحان لمنصب نائب الرئيس، واصل أوباما ورومني حملتيهما حتى اللحظة الأخيرة حيث تواجدا بفارق بضع ساعات في نفس المكان قرب كولومبوس في ولاية أوهايو الحاسمة. ومنذ أسابيع حاول رومني الاستيلاء على شعار «التغيير» الذي كان أوباما رفعه شعاراً له في انتخابات 2008. وقال في كولومبوس بولاية أوهايو أن «التغيير لا يقاس بالخطابات بل بالنتائج. وفي 4 سنوات وعد المرشح أوباما بأن يفعل الكثير لكنه أخفق كثيراً».
لكن أياً يكن الفائز في هذه الانتخابات فهو سيصطدم بالكونغرس القوي المحتمل أن تتغير موازين القوى فيه تماماً، كون الانتخابات الرئاسية ترافقها انتخابات تشريعية.