مسلمو السويد.. أقلية مندمجة في مجتمع آمن
تعكس الكثير من المظاهر الاندماج الإيجابي والقوي للأقلية المسلمة في السويد رغم أصوات ضئيلة تسعى جاهدة لتغيير هذه المعادلة بين الطرفين - المجتمع السويدي الآمن، والأقلية المسلمة المسالمة. وأبرز تلك المظاهر مسجد استوكهولم الذي يزوره سنويّاً 20 ألف زائر للتعرف على الإسلام عن قرب وبشكل فردي وعائلي ورسمي، كما إن رئيس الرابطة الإسلامية أحرز نجاحاً في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ليصير عضواً بالبرلمان الحالي، فضلاً عن انتشار المسلمين في شتى طبقات المهنيين والكوادر المثقفة في مختلف مجالات الحياة، رغم أن الأجيال الأولى وفدت إلى السويد من الطبقة العمالية والحرفية والتحقت بمؤسسات دينية واجتماعية وثقافية متعددة. وينظر للسويد كبلد أوروبي نموذجي لكونه حقق لمواطنيه أفضل معيشة اقتصادية وخدمات اجتماعية على مستوى العالم، كما ينعم أبناؤه بأجواء الحرية المكفولة، ليس لهم فقط بل لكافة الوافدين من خارجه من مختلف أبناء الأعراق الإنسانية والديانات السماوية.
مسجد استوكهولم مقصد الجميع
لا يحتاج من يعيش خارج السويد أن يفهم هذا الاندماج الإيجابي سوى أن يقوم بزيارة سريعة للعاصمة استوكهولم وزيارة أحد معالمها البارزة والذي افتتحته مؤسسة الرابطة الإسلامية في السويد قبل أكثر من عقد مضى في عام 2000، حتى تصيبه بالدهشة والحيرة، إنه مسجد استوكهولم، الذي أضحى معلماً بارزاً من معالم المدينة.
فنادراً ما تجد مسجداً ومركزاً إسلاميّاً بهذا الاهتمام الكبير في الغرب، حيث يزوره سنويّاً 20 ألف زائر غير مسلم بشكل منتظم وفي إطار مجموعات للتعرف على الإسلام عن قرب وبشكل رسمي، إضافة إلى الزيارات الأخرى الخاصة، سواء الفردية أو العائلية. أما على المستوى الرسمي فهناك تنافس وحرص شديد على زيارة هذا المعلم الدال على حرية العقيدة وعلى الاحترام بين الأديان، حيث زاره ملك السويد وحرمه، كما حرص على زيارته كل رؤساء السويد الذين تولوا رئاسة الحكومات المتعاقبة، إضافة إلى العشرات من الوزراء السويديين منذ عام 2000 وحتى اليوم.
كما يزوره من هم خارج السويد من بينهم أعضاء البرلمان الأوروبي، وقد أضحى هذا المسجد قبلة لسفراء الدول الأوروبية والولايات المتحدة، حيث زارها العديد منهم، وقامت إدارة المسجد بتنظيم لقاءات لهم للتعريف بالإسلام الوسطي وموقف المسلمين من مختلف القضايا المهمة المطروحة على الساحة بشكل دائم ومستمر. وفي مؤشر آخر على مدى حرص الأقلية المسلمة في السويد على الاندماج الإيجابي في المجتمع، ترشح عبدالرزاق وابري رئيس مؤسسة الرابطة الإسلامية التي تعدّ المؤسسة الإسلامية الكبرى في البلاد في الانتخابات البرلمانية التي جرت هذا العام في السويد، وأحرز فيها نجاحاً كبيراً أهّله لكي يكون عضواً في البرلمان الحالي، كما إنه عضو منذ سنوات في الحزب الحاكم.
كوادر ثقافية
وفيما يعتبر مؤشراً ثالثاً على انتشار الأقلية المسلمة بالسويد، تجد أن أبناء الجيل الحالي ينتمون إلى جميع الطوائف المهنية والكوادر المثقفة، رغم أن معظم الأجيال التي وفدت قبل عدة عقود إلى السويد في القرن الميلادي المنصرم كانت تنتمي إلى الطبقة العمالية والحرفية، لكن أبناءهم الذين ولدوا ونشؤوا في السويد سرعان ما ظهر بينهم المهنيون والكوادر المثقفة التي تعمل في مختلف مجالات الحياة. وبحسب دراسة صادرة عن الرابطة المسلمة في السويد فإن ظهور المسلمين بالسويد يرجع إلى أربعينيات القرن الماضي حينما هاجر بعض التتار من آسيا الوسطى سنة 1947، واستقروا بالعاصمة استوكهولم، حيث أنشؤوا أول جمعية إسلامية في السويد، ومنذ ذلك الحين وأعداد المسلمين في تزايد مستمر.
ويقدر عدد مسلمي السويد بأكثر من 450 ألف مسلم تقريباً، يمثلون نحو 5% من إجمالي 9 ملايين نسمة هم تعداد السكان الكلي، ما يجعل الإسلام ثاني أكبر ديانة بالبلاد بعد البروتستانتية، بحسب مصادر الرابطة الإسلامية في السويد.
ويتواجد المسلمون بكثافة في ثلاث مدن رئيسة، هي استوكهولم العاصمة في الوسط، وجوتمبرج في الغرب، ومالمو في أقصى الجنوب، وينحدر المسلمون من أصول عربية، خاصةً من العراق والصومال وإريتريا ومن أصول بلقانية من البوسنة وتركيا.
وتعتبر العلاقة بينهم وبين الدولة في تحسن مستمر، نتيجة لزيادة وعي المسلمين بحقوقهم المدنية ومطالبتهم بها.