أكد العلماء على أهمية الإخلاص لله سبحانه وتعالى واعتبروه في مقدمة أعمال القلوب فلا تتم الأعمال إلا به واعتبره أساس قبول الأعمال وبالتالي فكما قال العلماء أن الإخلاص هو عبادة القلوب.
والإخلاص درس مفيد لمن أقبل على طاعة الله عزوجل وجرب حلاوة الطاعة وكان له مع الشيطان صولات وجولات.
فمعنى الإخلاص أن تقصد بقولك وعملك وفعلك وحياتك كلها وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته. وهو أفراد الله سبحانه وتعالى بالقصد في كل التصرفات وأن ينسى العبد رؤية الخلق له فلا يرى سوى الخالق عزوجل. وبالتالي فلا تطلب على عملك اي شهود سوى الله فكفى بالله شهيدا على عملك دون الناس جميعا.
ومن ثم يكون دافعك لأي عمل في الوجود هو الله، في كل حياتك سواء الطاعات أوالعبادات أوالعاديات.
وقال العلماء إن الإخلاص يكون حتى في مفهموم العبادة في العاديات، وهي أمور الحياة العادية مثل الطعام والشراب والعمل وغيره، استناداً إلى قول الله تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين).
وأشار العلماء إلى أن القرآن الكريم أبرز أهمية الإخلاص في قوله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء)، وقوله تعالى: (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين)، وقوله تعالى: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين، ألا لله الدين الخالص)، ولذلك فإن العبادة الخالصة لله وحده، وحينما زكى الله أنبياءه قال عنهم في القرآن الكريم: (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار، وأنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار).
وجزاء الإخلاص أجر عظيم، فما نجا سيدنا يوسف من الفاحشة إلا بإخلاصه لله سبحانه وتعالى، يقول الله تعالى: (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين).
وهنا يعطي العلماء الحل الأمثل للشباب الذي يعاني من تعرضه للفتن بقولهم: (بقدر إخلاص المرء يكون هدي الله له فكما نجا الله سيدنا يوسف تكون النجاة لغيره من المؤمنين).
وما بلغ سيدنا موسى عليه السلام المكانة التي بلغها إلا بإخلاصه لله يقول الله تعالى: (واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصاً وكان رسولاً نبيا)
وقال العلماء إن الشيطان يقدر على الوسوسة لبني البشر فيما عدا المخلصون من عباد الله يقول الله تعالى: (قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين)، وبالتالي يشدد العلماء على حقيقة هامة ألا وهي (بقدر إخلاص المرء بقدر عجز الشيطان عن الوصول إليه، وبقدر صلة العبد بربه وإخلاص قلبه لله بقدر تجنب الشيطان له وبالتالي لا سبيل للشيطان على الإنسان المخلص).
كما إن توبة المنافق لا تصح إلا باستكمال بند الإخلاص، يقول الله تعالى: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم فأولئك مع المؤمنين).
ونوه العلماء إلى أن الإخلاص سر بين العبد وربه لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده، واستشهدوا بقول الإمام الغزالي رحمه الله: كل الناس هلكى إلا العالمون، وكل العالمين هلكى إلا العاملون، وكل العاملون هلكى إلا المخلصون)، ويقول سهل بن سعد: (أشد شيء على النفس هو الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب)، ويقول سفيان الثوري: (ما عانيت من معالجة شيء أشد علي من نيتي لأنها تتقلب علي).
وأشار العلماء إلى أن الرياء نقيض الإخلاص، وبالتالي فإن العمل إذا شابه الإخلاص واستولى الشيطان على المسلم وزين له عمله وفرح الإنسان بمدح الناس له وربط طاعته لله بمدح الناس وذمهم فهو في دائرة الشرك والرياء.
لكن في الوقت ذاته، فإن العلماء يرون أن «العمل من أجل الناس رياء، وترك العمل من أجل الناس رياء فإذا كان العبد صادقاً مع الله فسيصدقه الله».
دلائل الإخلاص
وذكر العلماء أن هناك بعض الدلائل التي يشعر بها المسلم وتدل على إخلاصه، منها:
^ الخوف من النفس واتهامها بالتقصير دائماً ومثال على ذلك بكاء سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنه عند موته وعندما سأله أصحابه لماذا تبكي؟ قال تذكرت قول الله تعالى: (إنما يتقبل الله من المتقين).
^ ألا يطلب العبد المدح من الناس فيستوي عنده مدح الناس وذمهم.
^ ألا تتغير طـاعــة العبـد بفســـاد الناس، وثبــــات العبد على اإلاصه في طاعة ربه.
^ النية هي محور العمل وإخفاء الحسنات أمر ضروري فلابد للمخلص أن يكون له حسنات خفية بينه وبين الله.