عواصم - (وكالات): استبعد الرئيس السوري بشار الأسد في تصريحات نشرت أمس فكرة مغادرته سوريا بعد 20 شهراً من النزاع في بلده، مؤكداً أنه يريد أن «يعيش ويموت» في سوريا، وحذر من أن أي غزو أجنبي لبلاده ستكون له تداعيات على العالم بأسره. وفي مواجهة تصاعد العنف على عدة جبهات، أسفرت معارك بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة المسلحة عن مقتل العشرات، اعترفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها عاجزة عن مواجهة تفاقم الوضع الإنساني في سوريا.
وتأتي التطورات بينما بدأت عقدت غالبية أطياف المعارضة السورية في الدوحة اجتماعاً موسعاً باحتضان دولي بهدف توحيد صفوفها وبحث إنشاء قيادة سياسية موحدة تقود المرحلة المقبلة من المواجهة مع نظام الرئيس بشار الأسد.
من جهته، قال الأسد في مقاطع مكتوبة وشريط مصور نشرتها «قناة روسيا اليوم» على موقعها الإلكتروني «لست دمية ولم يصنعني الغرب كي أذهب إلى إليه أو إلى أي بلد آخر. أنا سوري، أنا من صنع سوريا، وسأعيش وسأموت في سوريا».
وتأتي تصريحات الأسد بعدما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنه موافق على تأمين خروج آمن للرئيس السوري من أجل تسهيل المرحلة الانتقالية في سوريا. من جهتها، ترفض المعارضة إجراء أي حوار سياسي قبل رحيل الرئيس السوري.
من جهته، قال السفير الأمريكي في بريطانيا، لويس سوسمان، إن الأسد يجب أن يواجه المحاكمة بدلاً من عرض خروج آمن له من سوريا.
ومع أن تدخلاً عسكرياً أجنبياً في سوريا غير مطروح، حذر الأسد من أن «كلفة الغزو الأجنبي لسوريا ستكون أكبر من أن يستطيع العالم بأسره تحملها».
وقال «إننا المعقل الأخير للعلمانية والتعايش في المنطقة»، مؤكداً أن «ذلك سيكون له أثر «الدومينو» الذي سيؤثر في العالم من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ».
وتابع الأسد «لا أعتقد أن الغرب يمضي في هذا الاتجاه، لكن إذا فعلوا ذلك، لا يمكن لأحد أن يتنبأ بما سيحدث بعده».
ميدانياً، يشهد عدد من أحياء دمشق معارك وعمليات قصف، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد الذي يؤكد أنه يعتمد على شبكة واسعة من الناشطين والأطباء داخل سوريا، أن عدة قذائف سقطت على حيي الميدان ونهر عيشة. كما تحدث عن معارك في حي المزة.
من جهة أخرى، عثر على جثث لـ 10 أشخاص مجهولين في زملكا قرب دمشق. وفي وقت لاحق، قال المرصد الصوري إن 26 عنصراً من القوات النظامية السورية والمقاتلين المعارضين قتلوا في اشتباكات دارت بين الطرفين في بلدة رأس العين» ذات الغالبية الكردية في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، بحسب ما أفاد المرصد السوري. إلى ذلك، قال نشطاء في المعارضة السورية إن مسلحي المعارضة هاجموا حواجز للجيش في حي الميدان في قلب دمشق لتخفيف الضغط على معاقل المعارضة في ريف دمشق التي تتعرض لقصف جوي ومدفعي. وفي جنيف، أعلن رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورر أن المنظمة عاجزة عن مواجهة تفاقم الوضع الإنساني في سوريا.
من جهة أخرى، صرح الرئيس التركي عبد الله غول أن تركيا تحتفظ لنفسها بحق امتلاك كل أنواع الأسلحة للدفاع عن نفسها في وجه أي خطر سوري، وذلك بشأن مناقشات بين تركيا وحلف شمال الأطلسي حول احتمال نشر بطاريات صواريخ أرض جو وصواريخ باتريوت المضادة للصواريخ على أراضيها.
وقد ذكرت وسائل الإعلام التركية أن مدنيين تركيين جرحا في معارك عند مركز رأس العين الحدودي. كما أعلن الجيش الإسرائيلي أن 3 قذائف هاون من الأراضي السورية سقطت على الجزء المحتل من هضبة الجولان دون إيقاع إصابات أو أضرار.
وقد أرغمت السلطات التركية طائرة أرمنية تنقل مساعدات إنسانية إلى سوريا على الهبوط في تركيا وأخضعتها لعملية تفتيش «روتينية» دامت بعض الساعات في مطار أرضروم قبل أن تواصل طريقها إلى دمشق، وفقاً لوكالة أنباء الأناضول.
وتأتي هذه التطورات بينما بدأت عقدت غالبية أطياف المعارضة السورية في الدوحة اجتماعاً موسعاً باحتضان دولي بهدف توحيد صفوفها وبحث إنشاء قيادة سياسية موحدة تقود المرحلة المقبلة من المواجهة مع نظام الأسد.
و يأتي الاجتماع بعد جدل كبير حول مستقبل «المجلس الوطني السوري»، الذي كان يعد حتى الآن الكيان المعارض الرئيسي، وحول دوره في أي هيئة قيادية. ودعا رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في مستهل الاجتماع المعارضة السورية إلى «تغليب مصلحة الوطن والشعب السوري على المصالح الشخصية»، مؤكداً أن «المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق المعارضة تتطلب منها العمل على توحيد صفوفها».
وطلب وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية خالد العطية من المعارضين السوريين الحاضرين في الاجتماع «عدم مزايدة طرف على آخر»، ووصف الظرف الحالي بأنه «أقوى اللحظات حسماً وأبلغها خطراً».
ومن بين الحاضرين في اجتماع الدوحة وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني. وإلى جانب ممثلين عن المجلس الوطني السوري وفصائل المعارضة الأخرى، شارك في الاجتماع أيضاً رئيس الوزراء السوري السابق المنشق رياض حجاب والمعارض السوري هيثم المالح، وريما فليحان ممثلة عن هيئة التنسيق الوطنية، والمراقب العام السابق للإخوان المسلمين صدر الدين البيانوني، فيما أيد المعارض ميشال كيلو الاجتماع في بيان أصدره، دون أن يحضر . وكانت قطر والجامعة العربية وجهتا دعوات لمختلف فصائل المعارضة السورية للمشاركة في اجتماع يهدف إلى توسيع المعارضة والبحث في مبادرة مدعومة من واشنطن لإنشاء قيادة سياسية جديدة للمعارضة.
وتنص المبادرة التي يقودها المعارض رياض سيف على إنشاء قيادة موحدة تحت اسم «هيئة المبادرة الوطنية السورية» تنبثق عنها حكومة في المنفى.
إلا أن المجلس الوطني السوري كشف عن مبادرة خاصة به لتوحيد المعارضة.
وقال رئيس المجلس الوطني عبدالباسط سيدا قبل بداية الاجتماع «سنناقش المبادرتين وربما مبادرات أخرى، وسنطرح أفكارنا للوصول إلى صيغة ترضي الجميع».
وانتخب المجلس في الدوحة 41 عضواً للأمانة العامة الجديدة يتمثل فيها الإسلاميون بقوة، إلا أن اختيار المكتب التنفيذي والرئيس قد أجل لليوم، بحسب ما أفاد قياديون في المجلس. من جانبها، اتهمت دمشق الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بالمشاركة مع دول وتنظيمات «إرهابية» في مخطط «لتدمير سوريا»، وذلك غداة قوله إن النظام السوري لن يستمر طويلاً.