^ د. أسعد الدفتر
أثبتت البحوث العلمية أنه مع تقدم العمر يكون الإنسان معرضاً لأمراض أكثر من غيرها، وهنا يأتي السؤال ما هي هذه الأمراض؟ وما المغزى والأسباب لزيادتها؟
لعل أمراض احتكاك المفاصل وبعض أمراض الروماتيزم أكثر عند كبار السن وكذلك أمراض القلب والشرايين والتي تشمل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، وأمراض السكتة الدماغية والشيخوخة والاكتئاب.
كذلك يكون كبار السن معرضين للإصابة بالسكري، والقابلية للوقوع والإصابة بكسور الفخذين، وهشاشة العظام عند النساء، إضافة إلى صعوبة السمع، والإصابة بمرض الشلل الرعاش، أو “باركنسون”، فضلاً عن قرح الفراش، والمشاكل البولية والقائمة تطول.
لكن في الحقيقة أن الكثير من المعمرين ليس لديهم هكذا أمراض، وهذا دليل أنه يمكن تفادي الكثير من هذه الأمراض وهنا تأتي ضرورة معرفة بعض نسب الإصابة بتلك الأمراض خاصة عند الكبر.
على سبيل المثال هناك 25 مليون أمريكي يعاني من السكري أطفالاً وكهولاً، و18 مليون حالة تم تشخيصها، و7 ملايين حالة لم يتم تشخيصها، والغريب أن 79 مليون حالة معرضون للسكري، وهو رقم مخيف خاصة إذا عرفنا أن نسبة الإصابة بالسكري في الولايات المتحدة الأمريكية 8% فقط.
هنا يأتي الفرق نسبة الإصابة بالسكري عند الأطفال 0.26%، أقل من 1% بينما فوق سن 65 تقريباً 27%، وفي سنة 2004 كانت هناك 68% من الوفيات مصابين بالسكري نتيجة أمراض القلب فوق عمر 65، و16% من الوفيات بسب الجلطة الدماغية المتعلقة بالسكري. والأدهى أن مريض السكر معرض من 2 إلى 4 مرات أكثر للإصابة بالجلطة الدماغية واحتشاء العضلة القلبية التي قد تؤدي للوفاة.
نحن نعلم أن أحد مضاعفات السكري هو الضرر الذي يصيب الشبكية للعين، والذي قد يؤدي للعمى والعجز الكلوي، الذي يحتاج إلى الاستعانة بالغسيل الدموي أو البريتوني وبتر القدم.
وتشير الدراسات الحديثة إلى ضرورة اهتمام المسن بصحته، وإجراء الفحص الطبي الشامل ما بين فترة وأخرى، وعلاج أمراض القلب والسكري مبكراً، خاصة مع الثورة الطبية والعلمية في اكتشاف أدوية حديثة لعلاج الضغط والكوليسترول والسكري.
في الوقت ذاته، أظهرت تقارير صدرت من الأمم المتحدة خصوصاً منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن كبار السن يمثلون نسبة عالية من سكان العالم و75% منهم يتواجدون في دول العالم الثالث، وهذا يمثل كلفة حقيقية في الدول ذات الكثافة السكانية العالية مثل الصين والهند ويمثل مشكلة في 7 دول من 10. لكن التطور الاقتصادي السريع في هذه الدول أثبت جدوى الرعاية الصحية لهذه الشريحة المهمة من المجتمع مما أدى إلى لحاقهم بالدول الغربية المتقدمة في هذا المنحى.
ولاشك في أن التطور السريع في إيجاد أدوية لأمراض العصر الحديث ساعد على تقليل الوفيات والإعاقة، لذلك ننصح المسنين بضرورة إجراء فحص السكري والضغط الانبساطي والانقباضي ما بين فترة وأخرى، حيث إن علاج هذين المرضين يمنع الإصابة بالسكتة الدماغية واحتشاء العضلة القلبية.
إضافة إلى ذلك، لابد من الاهتمام بفحص الثدي وعنق الرحم وهشاشة العظام عند النساء فوق سن الخمسين أو بعد سن اليأس حيث إن العلاج المبكر يمنع انتشار تلك الأمراض، ويقلل من الضرر المتسبب في حين استئصال الورم قبل انتشاره هو العلاج الفعلي لهكذا حالات وكذلك استعمال علاج هشاشة العظام في حالة وجودها.
ولابد من إيجاد عيادات متخصصة لكبار السن تعطيهم الوقت الكافي للعناية بهذه الشريحة المهمة والتي أثبتت جدواها الاقتصادية في كثير من البلدان حيث إن الوقاية خير من العلاج.
ويرى العلماء أنه للعناية بصحة المسنين وكبار السن، فمن الأفضل تغيير طبيعة ونوعية الغذاء ونمط الحياة نحو الأحسن، والذي بالتالي يحسن مستوى ضغط الدم والسكري. كما إن وجود برامج رياضية خاصة لكبار السن خاصة بتوفير مرافق خاصة بهم لا يزاحمهم فيها الشباب تكون ذات جدوى لتقليل دخولهم المستشفيات، وإصابتهم بإعاقات تشل العائلة بالكامل، فالاهتمام بهم يمنع خطر الإعاقة والوفاة.
^ استشاري الأمراض الباطنية والسكري والغدد
وزميـل الكليـــة الملكيـــة البريطـــانية في لنــدن