كتبت - عايدة البلوشي:
أكد رجال منفصلون عن زوجاتهم أن الطلاق يمثل كارثة مادية ونفسية، وأن الرجل يتأثر من الانفصال كما تتأثر المرأة إلا أن الرجل الشرقي يفضل الصمت وعدم البوح بمشاعره للآخرين، مستنكرين تعاطف المجتمع مع المرأة المطلقة دون الرجل الذي يعيش الظروف نفسها وربما معاناته أسوأ وأقسى وأشد.
وأشاروا، في لقاءات مع «الوطن»، إلى أن أي إنسان يتأثر بفقدان شخص كان يرتبط معه بعلاقة بغض النظر عن مدى عمق وطبيعة هذه العلاقة.
وأوضح اختصاصي علم نفس أن «الرجل يشعر بفراغ روحي ونفسي بسبب الطلاق خاصة إذا كانت العلاقة الزوجية تمثل مصدر دفء روحي ونفسي له، وبالتالي سيفتقد هذه العلاقة وأيضاً يعتمد على سنوات الزواج فإن كانت لفترة طويلة يكون التأثير أبلغ أثراً، فهناك جملة من الآثار تقع على الرجل بعد الطلاق وهذه الآثار تنعكس على حياته لأن المرأة (الزوجة) ليست لإشباع حاجات معينة إنما لإشباع حاجات معنوية».
معاناة الرجل ليست أقل
يروي صاحب هذه القصة مأساته قائلاً: يظن كثيرون أن معاناة الرجل من الطلاق في المجتمع الشرقي أقل من معاناة المرأة المطلقة، إذ ينظر إليها باعتبارها الخاسر الوحيد من الانفصال.
لكني أستنكر تعاطف المجتمع مع المرأة المطلقة دون الرجل الذي يعيش الظروف نفسها وربما معاناته أسوأ وأقسى وأشد، والتعامل مع المطلقة باعتبارها ضحية مظلومة وفي الطرف الآخر الظالم هو المطلق، فالأسئلة نفسها قد تحاصره، لماذا طلق زوجته؟ هل هو رجل ظالم أو بخيل أو قاسي تصعب معه العشرة، ولعل العيب فيه... إلخ.
ها أنا رجل أعيش تجربة ما بعد الطلاق بكثير من المعاناة والأذى، لكنني لا أتردد في القول إني فضلت إطلاق رصاصة الرحمة على حياة زوجية تعيسة ولدت ميتة، لم تدم سوى سنتين وأربعة أشهر، بدلاً من العيش في الجحيم.
فقد تزوجت بفتاة جامعية بخطبة تقليدية ودامت الخطبة 8 أشهر ومن ثم الارتباط بالزواج، فكانت في بادئ الأمر العلاقة من أحسن ما يكون، ولكن تدخل والدتها في كل أمور حياتنا جعلت الحياة صعبة، حيث إن على أبسط أمر تخلق مشكلة وبالتالي نعيش تحت مظلة المشاكل المختلقة رغم أن لا يوجد ما يجعلنا بأن نختلف.
يردف: حاولت التفاهم معها وأوضح لها بان أساس المشكلة هو «تدخل والدتها» في حياتنا، لكنها رفضت وأصرت بأنها «الصح»، والأم هي الأخرى وكأنها تريد بأن ترشد ابنتها إلى الطريق الصواب إلا أنها توجهها عكس هذا الاتجاه، إلى أن استمر الزواج لمدة ثلاث سنوات ومن ثم القرار الصعب «الانفصال» حيث إن هذا القرار لم يأت من فراغ، فقد أصبحت الحياة صعبة معها.
وعن نفسيته بعد الطلاق يقول: لا يوجد إنسان على وجه الأرض لا يتأثر بفقدان شخص كان يرتبط معه بعلاقة بغض النظر عن مدى عمق وطبيعة هذه العلاقة، فما بال إن كان هذا الشخص هو الزوج أو الزوجة، فكما تتأثر المرأة بالانفصال فالرجل هو الآخر أيضاً يتأثر.
الرجل يفضل الصمت
في بادئ الأمر رفض الحديث لنا على اعتبار بأن ما مر به تجربة وصفحة طوت من حياته، إلا أننا طرحنا عليه سؤالاً «ما المصاعب التي يواجهها الرجل بعد الطلاق»؟ يتحدث إلينا بشكل عام، فيقول: الرجل يتأثر من الطلاق والانفصال كما تتأثر المرأة إلا أن الرجل الشرقي يفضل الصمت وعدم البوح بمشاعره للآخرين، لذلك يعتقد المجتمع بأن الرجل لا يحمل مشاعر الحزن أو القلق بعد الطلاق ويفكر بالزواج وتستمر حياته، بينما تقف المرأة متأثرة تارة تبكي وتارة تفكر بمستقبلها.
الاختيار الخاطئ
وعن تجربته يتحدث (أ. س) 35 سنة/ كنت على علاقة بفتاة قبل زواجي وتقدمت لها إلا أن أهلها طلبوا مني مهراً لا أستطيع أن أقدمه لهم ومرت الأيام وتزوجت بفتاة أخرى وكانت العلاقة بيننا طبيعية تتخللها بعض المشاكل «ملح الحياة» إلا أن الفتاة الأولى دخلت حياتي من جديد لأنني أحبها بينما الثانية تزوجتها باسم الزواج فقط لا تربطنا مشاعر المودة والمحبة، فالمشكلة من وجهة نظري الخاصة بأن كان الاختيار خاطئاً، ربما يظن الكثيرون بأنني ظلمت الفتاة ولكن لو استمريت معها سأظلمها أكثر، فجعلتها تعيش حياتها كما تريد لأن الاختيار الخاطئ يقود إلى الانفصال بعد زواج دام أربع سنوات، ربما تأثرت نفسياً خاصة في بادئ الأمر إلا أنني كما ذكرت لا أريد أظلمها أكثر من ذلك كما تأثرت لوجود طفلة بيننا، كما إنني علي ديون بسبب النفقة في بادئ الانفصال ومصاريف الطفلة.
المصاعب النفسية والمادية
«ينتاب الرجل شعور بالإحباط والفشل بعد الطلاق» هكذا بدأ (م. ح) قوله، ويضيف: إلا أن الرجل دائماً يفضل الصمت وعدم البوح خاصة إذا كانت العلاقة بين الطرفين مستمرة لفترة طويلة، فلم يتصور الطرف الأول بأنه يعيش بعيداً عن الطرف الآخر في يوم من الأيام بالتالي تكون هذه الحادثة «الانفصال» أمر صعب سواء على الرجل أو المرأة سواء من الناحية المادية أو النفسية، فالمرأة تعاني نفسياً وتزيد المعاناة إن كانت لديها أطفال ولا تعمل، وإلى جانب هذه المعاناة ترافقها معاناة مادية، فكيف لها بأن توفر احتياجات الأطفال في ظل الانفصال، الأب يكون ملزماً في توفير هذه الاحتياجات إلا أن المرأة لا تستطيع إلزامه، والرجل أيضاً يواجه مصاعب مادية ونفسية، فحياته تتغير من مسؤول عن زوجة وأطفال إلى «عزوبي» بالتالي تختلف نظام حياته، وربما يواجه بعض المصاعب المادية.
الرجل أكثر معاناة
قال الاختصاصي بقسم علم النفس في جامعة البحرين د.شمسان المناعي «الرجل يشعر بفراغ روحي ونفسي بسبب الطلاق خاصة إذا كانت العلاقة الزوجية تمثل مصدر دفء روحي ونفسي له، بالتالي هو سوف يفتقد هذه العلاقة وأيضاً يعتمد على سنوات الزواج فإن كانت لفترة طويلة يكون التأثير أبلغ أثراً، فهناك جملة من الآثار تقع على الرجل بعد الطلاق وهذه الآثار تنعكس على حياته لأن المرأة (الزوجة) ليست لإشباع حاجات معينة إنما لإشباع حاجات معنوية، بالتالي تكون هناك آثار وتعتمد على الرجل نفسه فإن كان الرجل مهتماً في هذه العلاقة يكون الأثر كبيراً بعكس الرجل غير المهتم (المستهتر واللامبالي)، رغم أن الرجل قادر أن يتزوج مرة أخرى ولكن لا يمكن لأحد يحل محل أو مكان الزوجة الأولى خاصة إذا أنجبت أبناء، والأثر يزيد إذا كان لديهم أبناء فيشعر بتأنيب الضمير لأن الانفصال يوقع الأثر على الأبناء وهم أول ضحية لهدم هذه العلاقة خاصة أن الطفل ينظر إلى الأم والأب على أنهما جسدان في روح واحدة، ومن الآثار أيضاً بالنسبة للرجل المصاعب المادية خاصة إن كانت زوجته تعمل وتشاركه في متطلبات الحياة المادية بالتالي بعد الانفصال يطلب من الرجل الإنفاق على الأبناء حسب التشريعات والقوانين.
وفي سؤالنا أيهما أكثر تأثيراً بعد الطلاق الرجل أو المرأة؟ يقول المناعي: يعتمد على الحالة ولكن بشكل عام الرجل أكثر ضرراً من المرأة سواء من الناحية النفسية أو المادية وذلك لسبب بسيط جداً وهو أن المرأة أصبحت قادرة على كل شيء «تحمل جميع المسؤوليات» ولأن المرأة تحتضن الرجل بمعنى هي التي تخفف عنه آلامه ومعاناته وتشاركه أحزانه حتى لو كانت هي حزينة لديها القدرة على التحمل والصبر، كما إن المرأة لا تمثل بالنسبة للرجل زوجة فقط بل هي أخته وأمه، لذا أعتقد أن معاناة الرجل أكثر من المرأة.