قال مصدر اقتصادي مصري بارز إنه لا يوجد في الأفق القريب أي بادرة على قرب إنجاز ملف قرض صندوق النقد الدولي البالغة قيمته 4.8 مليار دولار.

وأكد المصدر في تصريحات خاصة لوكالة "الأناضول" للأنباء، أن هناك عقبات عدة تحول دون إبرام اتفاق القرض بين مصر والصندوق في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد والتي زادت حدتها عقب الأحداث التي صاحبت الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 25 يناير وحكم مجزرة بورسعيد.

وحثت الولايات المتحدة بداية الأسبوع مصر على التحرك بسرعة لإبرام اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي وإصلاح قطاع الطاقة وحماية المستثمرين من الأعمال التعسفية لتفادي حدوث مزيد من التراجع الاقتصادي.

وعدد المصدر، وهو أحد أعضاء الفريق المصري المسؤول عن التفاوض مع الصندوق، العقبات التي تحول دون إبرام اتفاق في المستقبل القريب، قائلاً "من أبرز هذه العقبات عدم توقيع الرئيس مرسي على النسخة المعدلة من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي من المقرر عرضه على البعثة الفنية حال زيارتها مصر للتفاوض بشأنه".

الرئاسة تفضل هدوء الشارع

وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه لحساسية موقعه، إن الرئيس محمد مرسي لم يوقع بعد النسخة المعدلة من برنامج الإصلاح الاقتصادي، وإن هناك أطرافاً محيطة به تحذره من إقرار النسخة خاصة مع القلق الذي يشهده الشارع حالياً.

وأضاف "هناك تردد في اتخاذ القرار من قبل الرئيس المصري خوفاً من رد فعل الشارع".

وكان مرسي قد ألغى في بداية ديسمبر الماضي قراراً بزيادة الضرائب على نحو 54 سلعة عقب ساعات من إقراره بسبب حالة الاحتقان السياسي التي كانت سائدة في البلاد في ذلك الوقت عقب صدور إعلان دستوري مكمل.

وقال المصدر الاقتصادي "الرئاسة تفضل هدوء الشارع في هذا التوقيت، لذا لن يوقع الرئيس على أي شيء قد يثير الشارع مجدداً أو أن تستغله أطرافاً معارضة وتؤلب الشارع ضد الرئيس مرسي مجدداً".

وأضاف أن أطرافاً بالحكومة المصرية عقدت اجتماعات مكثفة خلال الأيام الماضية بهدف إنجاز النسخة المعدلة من برنامج الإصلاح الاقتصادي وإدخال التعديلات المطلوبة عليها، لكن لم يتم بعد إنجاز شيء ملموس فى ظل التردد الحالي من قبل صانع القرار في البلاد ورفضه اقتراحات بعلاج عجز الموازنة العامة للدولة عبر زيادة في الأسعار أو خفض الدعم المقدم للطاقة ومشتقات البترول أو حتى في الضرائب.

صعوبة المفاوضات الجارية

وفي إشارة إلى صعوبة المفاوضات الجارية قال المصدر إن السؤال المطروح حتى الآن من قبل صندوق النقد الدولي ولم يجد إجابة بعد هو: كيف تعالج مصر مشكلة عجز الموازنة الذي قد يزيد على 200 مليار جنيه نهاية العام المالي 2012- 2013 ما يعادل 30 مليار دولار.

وأضاف "الصندوق لا يجد إجابة واضحة ومحددة من قبل الحكومة المصرية. الصندوق يريد خطة محددة لعلاج المشكلة المزمنة في الموازنة العامة، خاصة في ظل عدم وجود بوادر قريبة على استعادة الاستثمارات الأجنبية عافيتها في المستقبل القريب أو قيام الحكومة بترشيد الطاقة وإزالة الدعم المقدم لبعض أنواع مشتقات البترول كالسولار والبنزين، وبالتالي ضمان استرداد أمواله التي سيقرضها لمصر".

وقال هشام قنديل، رئيس الوزراء المصري عقب لقائه كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد بمنتجع دافوس الشهر الماضي، إن بعثة الصندوق ستعود للقاهرة خلال أسبوعين لإتمام الاتفاق المتعلق بالقرض.

وتوقع قنديل أمس الخميس، زيارة من وفد صندوق النقد الدولي هذا الشهر لاستكمال المحادثات بشأن قرض يعتبر حيوياً لدعم اقتصاد البلاد.

لكن المصدر المصري قال إن البعثة لن تصل القاهرة إلا عقب انتهاء الحكومة من النسخة المعدلة من برنامج الإصلاح الاقتصادي والتي سيتم من خلالها الإجابة عن أسئلة الصندوق، خاصة المتعلقة بعجز الموازنة ورقم الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال فترة تنفيذ البرنامج.

وفقد احتياطي مصر من النقد الأجنبي نحو 70% من قيمته ليتراجع من 36 مليار دولار في ديسمبر 2010 إلى 13.6 مليار دولار بنهاية يناير 2013.

مؤسسات ودول صديقة

وحول إمكانية فتح مفاوضات جانبية مع مؤسسات مالية دولية أخرى للحصول على قروض منها بدلاً من قرض صندوق النقد قال المصدر "هي حلقة متشابكة. كل المؤسسات تربط موافقتها على منح مصر قروضاً بالحصول أولاً على قرض صندوق النقد".

ووافقت مؤسسات ودول صديقة في نوفمبر الماضي على منح مصر قرضاً بقيمة 14.5 مليار دولار، إلا أنها ربطت موافقتها النهائية بإنجاز قرض صندوق النقد.

ومن بين هذه الدول قطر والسعودية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والبنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية.