منذ إعلان تشكيله عام 2004 خلافاً للقانون، لم يكف ما يسمى بـ»المجلس العلمائي» عن إذكاء أجواء التأزيم في الحياة العامة البحرينية سيما على الصعيد السياسي، وفي كل مرة يثير فيها الفتنة داخل المجتمع تتصاعد المطالب بوضع حد لهذا الكيان في تحديه السافر للنظم والقوانين وتستره بالشأن الديني، وتمثيله دولة داخل الدولة.
وفي آخر فصل من مسلسل ممارساته الاستفزازية، روج المجلس لـ»صدام دموي» عبر نشره بياناً في صفحته على «الفيسبوك» للمدعو محمد السند ـ جُرّد من الجنسية أخيراً لإضراره بأمن الدولة - تحت عنوان «التطاول على آية الله قاسم ينذر بانفلات مواجهة دموية»، محذراً الدولة من أنه «لا يبقي الحالة آمنة في المنطقة»، فهل تقبل الدولة كياناً يوجه لها التحذير والوعيد؟.
8 أعوام كاملة في ظل إصرار هذا الكيان على عدم تقنين وضعه بالانضواء تحت قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة، والناص في مادته الثالثة على أنه «كل جمعية تؤسس مخالفة للنظام العام أو للآداب أو لسبب أو غرض غير مشروع، أو يكون الغرض منها المساس بسلامة الدولة أو بشكل الحكومة أو نظامها الاجتماعي تكون باطلة»، في تحدٍّ واضح للدولة وتصريحات كبار المسؤولين فيها بأنه ـ أي المجلس العلمائي ـ لا يستقيم مع الدستور وأنه مجلس طائفي».
وفي أحد مظاهر ممارسته لدور مزدوج مع مؤسسات الدولة نشر هذا الكيان خبراً تحت عنوان «العلمائي ومجلس الخطباء يعقدان لقاءً تشاورياً لتنسيق الجهود في عاشوراء»، وأورد الخبر صوراً للاجتماع غير القانوني، واصفاً اللقاء بأنه تشاوري «مع عدد من أعضاء إدارة مجلس خطباء المنبر الحسيني في البحرين، في إطار التعاون الدائم بين المؤسسات الدينية والاهتمام بموسم عاشوراء»، وكأن المجلس نصب نفسه وزارة أخرى في البحرين.
ولم تكن مثل تلك المواقف مستغربة، فما يدعى «المجلس العلمائي» كان أصدر بياناً أغسطس الماضي رفض فيه بشدة أية سلطة لوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف على الأئمة والخطباء في موقف شديد الغرابة، وتبجح في بيانه أنه «ليس من حق الوزارة تنصيب أئمة المساجد والخطباء أو عزلهم أو توقيفهم».
ولم تهدأ المطالب بوضع حد لهذا التطاول على القانون من قبل ما يسمى «المجلس العلمائي»، وتقدم نواب بأسئلة برلمانية إلى وزارة العدل والشؤون الإسلامية حول شرعية وجود «المجلس العلمائي» وقانونيته، وسبب عدم الاستجابة للمطالب المتكررة باتخاذ الإجراءات القانونية تجاه القائمين عليه، خاصة أن الوزير أكد في تصريحات سابقة أن «المجلس العلمائي غير قائم وغير معترف به قانوناً، وأنه تكتل غير رسمي بين بعض رجال الدين ولا يفترض به أن يتدخل في الشأن السياسي».
وحتى على الصعيد الديني عادة ما يحدث المجلس بلبلة بين أتباع الطائفة الشيعية حول بعض القضايا مثل مواقيت المناسبات الدينية والأعياد، ما يهدد بنشوب فتن وصراعات اجتماعية ودينية، وحدث ذلك خلال عيد الفطر الماضي، إذ تناقلت شبكات التواصل الاجتماعي أنباءً وقتها عن خلاف بين عيسى قاسم نفسه «الأب الروحي للمجلس وأحد أبرز المؤسسين» وبين بعض أعضاء المجلس حول موعد قدوم العيد، ما أثار موجة من الانتقادات من قبل كثير من المواطنين.
ومن المؤمل أن تبادر الجهات المسؤولة في الدولة إلى اتخاذ إجراءات حازمة تجاه أعضاء هذا الكيان غير القانوني، حيث إن المجلس غير قائم أصلاً وليست له صفة قانونية يمكن محاسبته بناءً عليها، ويمثل إعمال القانون في حق الأشخاص القائمين على المجلس إثباتاً مهماً على جدية الدولة في الحد من النيل من هيبة القانون ووضع حد لمرتكبي الجرائم الإرهابية والجهات التي تقف وراءها تحريضاً وتمويلاً وتخطيطاً.