عواصم - (وكالات): وقعت فصائل المعارضة السورية المجتمعة في الدوحة أمس، وسط ضغوط دولية وعربية، بالأحرف الأولى اتفاقاً لإنشاء «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية»، لتشكيل تحالف واسع يوحد جهودها في محاربة نظام الرئيس بشار الأسد.
وفي وقت لاحق، انتخب الائتلاف الوطني الداعية المعتدل أحمد معاذ الخطيب رئيساً له، حسب ما أفاد معارضون. ويكون الخطيب بذلك أول رئيس للائتلاف الذي بات الهيئة الموحدة للمعارضة السورية التي ستنبثق عنها حكومة مؤقتة، كما انتخب رجل الأعمال رياض سيف والناشطة سهيل الآتاسي نائبين للخطيب.
في هذه الأثناء، استمرت المعارك محتدمة بين المعارضة المسلحة وقوات النظام من أجل السيطرة على مدن استراتيجية خصوصاً قرب الحدود التركية وأغار سلاح الجو السوري على مدينة البوكمال الحدودية قرب العراق في حين سجل للمرة الأولى منذ نهاية حرب 1973 إطلاق طلقات تحذيرية إسرائيلية على الجانب السوري. وقال المعارض البارز رياض سيف الذي كان صاحب المبادرة التي تم على أساسها التوصل إلى الاتفاق، «وقعنا بالأحرف الأولى على اتفاق تأسيس الائتلاف الوطني في وثيقة من 12 بندا»، الأمر الذي أكده أيضاً معارضون بارزون مثل المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا علي صدر الدين البيانوني وهيثم المالح. واعتبر رئيس الوزراء السوري السابق المنشق رياض حجاب أن الاتفاق يعد «خطوة متقدمة باتجاه إسقاط النظام». والاتفاق على تشكيل الائتلاف تم على أساس مبادرة سيف الدعومة من واشنطن وعدة دول، وسينتج عنه هيئة قيادية تنفيذية للمعارضة وحكومة مؤقتة فضلاً عن توحيد المجالس العسكرية في الداخل تحت لواء الائتلاف.
وقال البيانوني والمالح إن توقيعاً احتفالياً رسمياً على الاتفاق سيتم في الدوحة بحضور شخصيات عربية ودولية.
وكان مندوبو المعارضة عقدوا في الدوحة جلسة محادثات غداة مفاوضات ماراثونية استمرت حتى فجر أمس وأثمرت التوصل إلى اتفاق مبدئي حول تشكيل الائتلاف. وقال القيادي في المجلس الوطني السوري أحمد رمضان إن أبرز نقاط الاتفاق «العمل على إسقاط النظام وعدم الدخول في أي حوار معه»، مؤكداً أنه «سيعمل على توحيد المجالس العسكرية» التي تقاتل ضد القوات النظامية.
وتأتي موافقة المجلس بعد ضغوط غربية وعربية على هذا التشكيل الذي كان متخوفاً من تهميش دوره في حال تأليف إطار معارض جديد. وكان القيادي في المجلس سمير نشار قال إن «ضغوطاً دولية هائلة» مورست على المجلس. كما عقدت لقاءات جانبية بين المعارضين ووزيري الخارجية القطري والإماراتي وممثلين للولايات المتحدة وتركيا. وتعرض المجلس لانتقادات أمريكية اعتبرت أنه لم يعد يمثل كل المعارضة السورية. وعقد المجلس الوطني في الدوحة بدءاً من الأحد الماضي، اجتماعاً لتوسيع هيئاته. كما انتخب عضو مكتبه التنفيذي جورج صبرة رئيساً له. ميدانياً، أطلق الجيش الإسرائيلي طلقات تحذيرية في اتجاه الأراضي السورية إثر سقوط قذيفة هاون مصدرها سوريا على شمال الأراضي المحتلة.
وأوضحت الإذاعة الإسرائيلية أن الجنود أطلقوا النار باتجاه منطقة قريبة من موقع للجيش السوري، في الحادث الأول من نوعه منذ نهاية حرب أكتوبر 1973. وتشهد المنطقة المنزوعة السلاح في هضبة الجولان التي احتلت إسرائيل أجزاء منها في حرب يونيو 1967 وضمتها عام 1981، اشتباكات في الفترة الأخيرة بين القوات النظامية السورية ومقاتلين معارضين، أدت إلى مقتل أكثر من 30 شخصاً من الطرفين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وترافقت المواجهات مع تحذيرات إسرائيلية لسوريا من مغبة وصول المعارك إلى الجزء المحتل، والذي تفصل بينه وبين الأجزاء المحررة منطقة منزوعة السلاح تتواجد فيها قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، لمراقبة تنفيذ اتفاق فض الاشتباك القائم منذ عام 1974.
وأشار المرصد إلى أن «أصوات إطلاق رصاص كثيف سمعت في المنطقة»ناقلاً عن ناشطين قولهم إن تعزيزات للقوات النظامية تتجه إلى المنطقة الواقعة في محافظة القنيطرة. وفي مناطق سورية أخرى، تدور اشتباكات في محيط مدينة راس العين الحدودية في محافظة الحسكة، بحسب المرصد ومصدر عسكري سوري.
وفي محافظة دير الزور على الحدود العراقية، شنت الطائرات الحربية غارات على مدينة البوكمال، بحسب المرصد الذي أشار إلى أن مناطق عدة في مدينة دير الزور تتعرض للقصف المدفعي.
وفي محافظة إدلب، أفاد المرصد عن تعرض مدينة معرة النعمان الاستراتيجية للقصف الأحد.
وأحرزت قوات الأسد تقدماً خلال الأيام الماضية على الطريق السريعة المؤدية إلى المدينة، واستعادت عدداً من القرى الواقعة إلى شرق الطريق، بحسب المرصد.
وأدت أعمال العنف إلى سقوط 20 قتيلاً في حصيلة موقتة. من جهتها، ذكرت صحيفة «ديلي ستار صندي» أن مقاتلات تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني يمكن أن تقوم بدوريات في سماء سوريا قريباً، في إطار خطة جديدة بينَ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وقالت الصحيفة إن كاميرون يعد لاستخدام سلاح الجو الملكي البريطاني من أجل فرض حظر على الطيران في جميع أنحاء سوريا التي مزقتها المتاعب في محاولة لوقف القتل الجماعي.
وأضافت أن رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الأمريكي الذي أٌعيد انتخابه لولاية ثانية الأسبوع الماضي يدرسان أيضاً القيام بعمل عسكري في سوريا وتسليح المعارضة رسمياً، فيما سيكون الموضوع السوري على رأس جدول أعمال مجلس الأمن القومي التابع للحكومة البريطانية في اجتماعه المقرر هذا الأسبوع.