أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق رجال الفكر والمسرح والأدب في إقامة العديد من الأعمال والفعاليات المسرحية والثقافية التي تعزز من روح الوحدة الوطنية وتبرز قيم الخير والتعاون والمحبة بين الجميع انطلاقاً من العادات الأصيلة لأهل البحرين واخلاقهم الحميدة.
وأعرب عاهل البلاد المفدى، عقب تفضله برعاية حفل تدشين «المسرح الوطني» في متحف البحرين الوطني مساء أمس بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، عن إعجابه بهذا الصرح الثقافي الجديد الذي يأتي تدشينه دعماً وتعزيزاً للحركة الثقافية والمسرحية في مملكة البحرين وتتويجاً لاختيار المملكة عاصمة للثقافة العربية لعام 2012.
وأبدى جلالته اعتزازه بهذا المعلم الثقافي المهم الذي سيسهم في الارتقاء والنهوض بالحركة الثقافية والمسرحية في البحرين وليؤدي دوره ورسالته النبيلة في تقدم المجتمع ونهضته مستذكراً الكثير من الأعمال والأنشطة المسرحية في المملكة والتي تناولت مختلف القضايا الاجتماعية والثقافية والتربوية.
ونوه عاهل البلاد المفدى بالمبدعين المسرحيين والفنانين البحرينيين وإسهاماتهم الطيبة في رقي وتقدم البحرين في مجالات الفنون والمسرح والثقافة، مؤكداً أن البحرين ومنذ القدم كانت مناراً للعلم والثقافة والمعرفة وشكلت جسراً للتعاون والتواصل مع مختلف الحضارات والثقافات العالمية.
كما نوه جلالته بالجهود الطيبة التي بذلت في إقامة هذا الصرح الوطني ليكون إضافة جديدة على طريق الإنجازات الحضارية والتنموية والثقافية التي تحققت لمملكة البحرين، متمنياً للقائمين عليه كل التوفيق والنجاح والعمل على تحقيق كل الأهداف والسعي نحو الأفضل دائماً خدمة للبحرين على كافة المستويات.
وأعرب عاهل البلاد المفدى عن شكره وتقديره لوزيرة الثقافة والمسؤولين بالوزارة على جهودهم الطيبة، داعياً الله عز وجل أن يحفظ البحرين وشعبها ويديم عليها نعمة الأمن والأمان والاستقرار.
وكان في استقبال عاهل البلاد المفدى لدى وصوله إلى المسرح الوطني وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وكبار المسؤولين بوزارة الثقافة.
وقد بدأ الحفل بعزف السلام الملكي.
بعد ذلك صافح جلالة الملك المفدى صاحب السمو الملكي الوليد بن طلال ووزراء الثقافة العرب وكبار المسؤولين عن الثقافة في عدد من المنظمات والهيئات وتبادل معهم الأحاديث الودية حول العلاقات الودية القائمة بين البحرين ودولهم.
ثم توجه جلالة الملك المفدى والحضور إلى قاعة الاستقبال بالمسرح حيث تفضل جلالته بالتدشين الرسمي للمسرح الوطني، وسجل جلالته كلمة في سجل كبار الشخصيات.
بعد ذلك تفضل جلالته بدخول المبنى الرئيس للمسرح واستمع إلى شرح من وزيرة الثقافة حول التصاميم الهندسية للمسرح والتي استوحت فكرتها من ليالي ألف ليلة وليلة إضافة إلى القاعات الملحقة التي تم تخصيصها لأغراض التدريب وتغطية المناسبات البسيطة وورش العمل المختلفة والجماليات التصميمية في المسرح.
ثم شاهد جلالة الملك المفدى والحضور لوحات وعروضاً فنية بهذه المناسبة.
بعد ذلك ودع جلالة الملك المفدى وصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بمثل ما استقبلا به من حفاوة وتكريم.
الحلم صار حقيقة
ووجهّت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة جزيل الشكر والامتنان إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى الذي قدّم الدعم الكريم لتحقيق هذا الحلم، مؤكدةً أن الحلم «صار اليوم حقيقة، وهذا العالم ينتظرنا حقًا لنصنع المختلف. لقد تمكّنا اليوم من تشكيل الخشبة الأولى التي تمسك بأحلام هذا العالم وتتناوب عليها العروض بمختلف أنواعها».
وأشارت إلى أن «المسرح هو الفعل الثقافي الذي نرتكب فيه الأمل والفكرة. المسرح هو مشروع فكرة بعيدة، تتواصل فيها الأعمال الفكرية والفنية والثقافية، نتجاوب فيها مع مختلف الشعوب ونقدم فيها ما نملك من مخزون ثقافي وحضاري».
وأكّدت في سياق التطلعات الثقافية أن هذا المسرح يُعدّ معلماً ثقافياً تعوّل عليه مملكة البحرين لإيجاد متواليات ثقافية، وتراهن من خلاله على تحقيق تطوير أدائي وفني على مستوى الفنون الاستعراضية والأوبرالية، المسرحية، الأدائية، الغنائية وغيرها. مضيفة أن هذا الصرح سيمكّن المبدعين المسرحيين والمثقفين من تبادل الخبرات والآراء والمكونات الحضارية.
وأثنت وزيرة الثقافة على الجهد الكبير الذي بذله الفريق الهندسي المكوّن من خبرات وزارتي الثقافة والأشغال، والخبرات العالمية التي استعين بها من أجل المشروع، مشيدةً بحرص وزير الأشغال عصام خلف على متابعة كافة المجريات وإصدار التوصيات الخاصة بتطوير وتحسين هذا المشروع، وإنجاز هيكله وتفاصيله بمعايير تصميمية وتقنية عالمية منذ لحظة وضع حجر الأساس في الثلاثين من شهر يونيو في عام 2010.
تجدر الإشارة إلى أن «مسرح البحرين الوطني» يستوحي فكرته من ليالي ألف ليلة وليلة، إذ يتسع لـ1001 مقعد، وتبلغ مساحته 11,869 متراً مربعاً، إضافة إلى قاعة أخرى تتسع لمائة شخص تم تخصيصها لأغراض التدريب وتغطية المناسبات البسيطة واستضافة ورش العمل المختلفة.
أما فيما يتعلق بالتجهيزات الأخرى، فتتسع مواقف للسيارات لـ290 سيارة، إضافة إلى المواقف الحالية لمتحف البحرين الوطني، هذا إلى جانب الأعمال الأخرى كتطوير واجهة بحيرة المتحف وأعمال التشجير والتزيين.
ولتنفيذ شعار المسرح الوطني، فقد قامت هدى سميتسهوزن أبي فارس بتصميم الشعار الذي يعتمد على الاشتغال الفني الحروفي ومن ثم تقديم خط مشابه وموازٍ له ولكن في صورة انعكاس، وهو مستوحى من تصميم المشروع ذاته المقام شمال بحيرة المتحف الوطني، حيث ينعكس المبنى ذاته على سطح الماء، كما تجسّد فكرة الشعار الأثر المسرحي وكونه انعكاسًا لفكر الشعوب، ثقافاتها وإرثها الحضاري.
وحول تفاصيل العمل العمراني، فقد تم توكيل مهمة إنشاء المشروع إلى عدد من الجهات الاختصاصية، إذ اختير التصميم العمراني الذي نفذته الشركة الفرنسيةArchitecture Studio الشهيرة والتي حازت هذه السنة على الميدالية الذهبية للمسابقة العالمية التي تنظمها الأكاديمية الدولية للهندسة المعمارية، فيما تولت شركة (W.S.Atkins and Partners Overseas) مهمة الإشراف على المشروع. كما قامت شركة اختصاصية قبرصية بأعمال المقاولة والبناء. وتقدر التكلفة الإجمالية لهذا المشروع بـ19 مليون دينار.