لندن - (وكالات): تشهد هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” حالياً واحدة من أسوأ أزمات الثقة في تاريخها بعد استقالة مديرة الإعلام هيلين بودن ومساعدها ستيفن ميتشل، وذلك غداة استقالة المدير العام جورج انتويسل على إثر فضيحة مزدوجة متصلة بالاعتداء جنسياً على أطفال، كما ذكرت الهيئة.
وقدمت هيلين بودن وستيفن ميتشل استقالتيهما فيما تواجه البي بي سي أزمة ناجمة عن إدارتها التحريرية لفضيحة تطال مقدمها السابق اللامع جيمي سايفل المتهم بمجموعة من التحرشات الجنسية و«الوشاية المغرضة” بمسؤول سابق كبير من المحافظين.
وقد استقالت هيلين بودن وستيفن ميتشل من منصبيهما في انتظار نتائج تحقيق حول الأسباب التي حملت هيئة الإذاعة البريطانية على أن تلغي من جدول برامجها أواخر 2011 ريبورتاجاً معداً لبرنامج نيوز نايت يتحدث فيه أشخاص هم من ضحايا جيمي سافيل الذي توفي في أكتوبر 2011. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية في بيان إن “هيلين بودن قررت أنها ليست قادرة على تحمل مسؤولياتها طالما أن تحقيق بولارد لم ينته”، موضحة أن فران اونسورث قد حل محلها بصورة موقتة وأن سيري طوماس سيحل محل نائب مدير الإعلام ستيفن ميتشل.
وقد أوقعت قضية جيمي سافيل التي كشفت عنها شبكة اي.تي.في التلفزيونية الخاصة مطلع أكتوبر، المجموعة السمعية البصرية في ورطة. وهو متهم بالتعدي جنسياً على 300 طفل وفتى على مدى 4 عقود، بعض منهم في مكاتب البي بي سي. وازدادت الأزمة تفاقماً عندما اعترف برنامج “نيوز نايت” الذائع الصيت أنه بث تحقيقاً اتهم فيه عن طريق الخطأ مسؤولاً سابقاً محافظاً من عهد مارغريت ثاتشر بالتحرش بأطفال.
وكانت الهيئة تشكل نموذجاً للامتياز التحريري ومؤسسة عريقة تحظى باحترام يوازي مكانة العائلة المالكة في بريطانيا. وقدم انتويسل استقالته بعد شغله منصبه لفترة قصيرة غير مسبوقة لم تتجاوز 54 يوماً شكلت كابوساً على رأس المجموعة السمعية البصرية العامة الأولى عالمياً. وأواخر أكتوبر الماضي بدا ضعف موقفه في جلسة غير مقنعة أمام لجنة برلمانية. ثم أتت رصاصة الرحمة في مقابلة حادة مع صحافي من الإذاعة الرابعة للشبكة، حيث رسخت مداخلته المترددة صورة رئيس لا يسيطر على مجرى الأحداث إلى حد وصفه على محطته نفسها بـ “جورج اللافضولي”. ويتحمل المدير العام مسؤولية فشل مزدوج لبرنامج “نيوزنايت” الذي كان يعتبر رمزاً للصحافة التحقيقية.
وفي الحالة الأولى يشتبه في ممارسة البرنامج رقابة ذاتية بعد أن عرض مطلع الخريف موضوعاً يتهم المقدم الشهير للمحطة في الفترة بين الستينات والثمانينات جيمي سافيل.
فالوجه الإعلامي المدلل لدى الأمة الذي منحته الملكة لقب نبيل بفضل نشاطاته الخيرية اتهم بعد وفاته بارتكاب 300 حالة استغلال جنسي. وتحول سافيل إلى مبعث للاشمئزاز.
في الحالة الثانية أخطأ “نيوزنايت” بالمسارعة باتهام خاطئ للورد مكالبين الموظف الرسمي الرفيع المحافظ في السبعينات بالتحرش جنسياً بالأطفال استناداً إلى شهادة “ضحية” مفترضة عادت عن شهادتها لاحقاً. ولم تذكر البي بي سي اسم الشاهد ما غذى تكهنات واسعة على الإنترنت وأدى برئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى التنديد بأجواء “مطاردة الساحرات”.