كتب - أبوذر حسين:
«مأجورين”.. مشاطرة أبناء الطائفة السنية لإخوانهم في الطائفة الشيعية خلال موسم عاشوراء طوال العقود الماضية، غير أن سيطرة “الوفاق” الكاملة على هيئة المواكب الحسينية وبسط نفوذها وأجندتها السياسية الداعية للتصعيد بالفوضى والشغب، والتأزيم بعبارات “التسقيط” والتطاول على رموز الدولة، حرف المناسبة الدينية عن مضمونها، وأفرغ “مأجورين” من محتواها وجعل الجميع “سنة وشيعة” يفشون فيما بينهم “مأجور الوطن” على من يسعى للخراب والفتنة والانقسام الطائفي.
افتقدت هيئة المواكب الحسينية التي تسيطر عليها الوفاق بشكل كامل بوصلتها في ضبط ممارسة المناسبات الدينية وتنظيمها والتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة، ولم تعد تلك الهيئة - التي تعتبر خارج نطاق القانون، وبحاجة ماسة إلى توفيق أوضاعها القانونية - تقوى على تغول “الوفاق” والمجلس العلمائي غير المرخص، في ظل رضائها بمسخ شخصيتها ومحو كينونتها وسيرها بلا رئيس منتخب.
وفي سياق الانفلات وعدم وجود جهة مسؤولة قانونياً عن التنظيم والتنسيق، تعبث “الوفاق” وتفسد كما تشاء في عاشوراء وغيرها من المناسبات، وتسعى لإبقاء وضع الهيئة كما هو عليه “معلق” لتسهيل سياسات الاختراقات والتسييس المتنافية مع قدسية هذا المنبر الديني وصيانته وحمايته.
ويشدد الشيخ محسن العصفور على رفضه القاطع لكل دعوات التأزيم الصادرة خلال عاشوراء من “الوفاق” وغيرها، كما يرفض إخضاع هيئة المواكب الحسينية للتسييس، ويقول “استغلال بعض التيارات الحزبية والفئوية لتشويه رسالة هذا المنبر وإطلاق دعوات الفتنة والتأزيم مرفوضة رفضاً قاطعاً وهي لا تمت بصلة إلى جوهر أهداف هذا المنبر الذي يمثل في حقيقته منبر رسول الله “ص” والأئمة من أهل بيته، كما إن خضوع الهيئة للتسييس مرفوضة كذلك”.
ويضيف العصفور أن “دور هيئة المواكب الحسينية ليس محصوراً في محرم فقط وإنما طوال السنة، حيث هناك حضور جماهيري في جميع تلك المناسبات. لذلك يجب على الهيئة صيانة قدسية هذه الشعائر تحقيقاً للمبادئ النبيلة وتوجيهها إلى ما فيه الخير والصالح العام”.
واقع منتظر
ويدلل واقع هيئة المواكب الحسينية وضعفها ووقوعها في أحضان “الوفاق” على واقع مرير ينتظر جميع الجهات الرسمية والأهلية خلال عاشوراء، من خلال استغلال المناسبة الدينية من قبل “الوفاق” في التحريض وبث الكراهية في ذات السياق المريض الذي دأبت عليه الجمعية وأذرعها في تعزيز الطائفية وتكريس الفرقة، عبر آلياتها المعهودة في خلط الدين بالسياسة، وإحالة ما هو حق دستوري في ممارسة الشعائر بما هو دون حقوق الإنسان واحترام الشعائر والمناسبات الدينية وتقاليد المجتمع وعاداته في مثل تلك المناسبات. إذ إن احترام الشعائر هو ما نص عليه الدستور والميثاق وما استقرت عليه أعراف وتقاليد المجتمع البحريني ونهج القيادة حرصاً على تعزيز أواصر المحبة والاحترام بين أفراد الشعب البحريني، وليس ما درجت عليه الوفاق من الاستغلال المشين والمخزي لمناسبة عاشوراء.
ويقول في ذلك الشيخ محسن العصفور إن “المنبر الحسيني يمثل صوت الإصلاح والدعوة إلى الوحدة والتآخي والمحبة بين فئات المجتمع الإسلامي على اختلاف انتماءاته المذهبية، والتمسك بالهدي النبوي الشريف والمأثور من تراث أئمة أهل البيت الفكري والعلمي والتربوي والفقهي”، ويضيف “على أعتاب شهر محرم الحرام وذكرى شهادة الإمام الحسين يمثل كل من شهري محرم وصفر أكبر موسماً ثقافياً دينياً على امتداد السنة ويحظى بحضور مكثف من جميع فئات الشعب دون تمييز”.
وفيما قال وزير الداخلية إن “القائمين على الشعائر الدينية يقع عليهم عبء المساهمة في ضبط الأوضاع من خلال عدم السماح باستغلال المآتم والمواكب الحسينية لغير أهداف دينية، والإبلاغ عن أية مخالفات”، طالب العصفور بتفعيل الدعوة التي أطلقها وزير الداخلية لإنشاء هيئة مأتم ومواكب لكل محافظة.
دور «الجعفرية»
وأوضح العصفور أن من شأن تلك الهيئات التي تضم كل رؤساء المآتم في المحافظات أن تكون مجلساً تنفيذياً ينسق بين وزير الداخلية ورؤساء المآتم لفرض حالة الانضباط والالتزام بالضوابط الشرعية، ورعاية قدسية الشعائر، والحيلولة دون المساس بها من خلال استغلال بعض التيارات المحسوبة على جهات حزبية، مشيراً إلى أن تلك الفكرة لم يتسن لها التنفيذ نسبة للانشغال بأحداث التفجيرات الأخيرة. وأكد أن “هناك هيئة خاصة للمنامة عمرها حوالي 50 سنة وبسبب الخلافات لم يعين رئيس لها خلال السنتين الماضيتين، وبالتالي فهي غير فاعلة، وهذا لا يخدم نجاح الشعائر خاصة في موسم يستقطب ليس فقط أبناء القرى للعاصمة، وإنما من دول الجوار إذ يفد للمشاركة حوالي ربع مليون إلى البحرين سنوياً خلال شهري محرم وصفر، وهناك ضرورة ملحة للتنظيم والتنسيق مع كل وزارات الصحة والداخلية والبلديات”.
وأضاف العصفور “ليس هناك جهة تتولى القيام بضبط الممارسات الدينية حالياً، وأعتقد أن الأوقاف الجعفرية يمكن أن تتولى هذا الدور غير أن دورها مغيب”، مشيراً إلى أن هناك مسيرات وشكاوي من سد الطرق ووضع المركبات أمام واجهات المباني السكنية، الأمر الذي يضايق الأهالي، فضلاً عن استخدام مكبرات الصوت لوقت متأخر من الليل وهذه جميعها نتائج عدم وجود ضوابط وكيانات تجمع رؤساء المآتم في المحافظات وتنسق فيما بينها”. وأقترح الشيخ العصفور أن تلزم إدارة الأوقاف الجعفرية المآتم في كل المحافظات لانتخاب مجلس تنفيذي لكل هيئة يرأسه شخص يكون المسؤول أمام جميع الجهات المعنية ويضع الضوابط وخطط العمل وتنظيم جميع المناسبات الدينية على امتداد السنة بما يشمل رمضان وغيره. وشدد على أن المنبر الحسيني خلق على الامتداد التاريخي لخلق المجتمع المتحاب المتكاتف المتجانس المتالف، فلابد أن يرجع كما كان من خلال منع تدنيسه.
مؤكداً أن كل ذلك يمكن أن يعود بالضبط الكامل لممارسته، باعتبار أن كل هذا ذلل وليس له جذور.