أكد وزير شؤون حقوق الإنسان د.صلاح علي، أن استهداف الأجانب بالتفجيرات تعصب منبوذ يجابه اجتماعياً وقانونياً، وقال «رغم أن البحرين تجهد لإشاعة التسامح نجد أن دعاة التأزيم يصرون على نهج الإرهاب والعنف».
وأضاف بمناسبة مشاركة البحرين مختلف دول العالم في الاحتفال بالذكرى السنوية لليوم الدولي للتسامح ويصادف 16 نوفمبر من كل عام، أن المرحلة الراهنة تقتضي تضافر مختلف الجهود لمكافحة ثقافة اللاتسامح بعد أن بدأت تنتشر في أوساط الشباب والناشئة بفعل خطابات الكراهية والتحريض ممن لا يهمهم خير البحرين.
ولفت إلى أن البحرين شكّلت عبر الحضارات المتعاقبة عليها ميناء محبة وسلام وتسامح، بفضل ما تتميز به من مقومات جاذبة لمزاولة التجارة والحياة الكريمة على أرض طيبة بفضل ما حباها الله من نعم كثيرة ومحمودة.
ونبه إلى أن البحرين ارتكزت في نهجها لترسيخ التسامح والتعايش على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الحافلة بدعوات حسن التعامل ومحبة الآخرين، وانطلقت أيضاً من القيم العربية الأصيلة، حيث صهرتهما معاً في بوتقة فريدة عبر الأجيال.
وقال إن البحرين وطوال عمرها الطويل شهدت التطبيق العملي العفوي لقيم التسامح في التعامل الإنساني بين مختلف مكونات المجتمع، وبما جعل الدولة تصطف مع كبريات الدول الجاذبة للمقيم والزائر لمختلف المجالات.
وأردف صلاح علي «رغم جهود الدولة الكبيرة في إشاعة ثقافة التسامح والمحبة فإن بعض الجماعات التأزيمية تصر على انتهاج العنف والإرهاب وهو الوجه الآخر لعملة اللاتسامح مع مختلف مكونات المجتمع، سواء من فئات المواطنين بمختلف أطيافهم أو المقيمين بمختلف توجهاتهم أو الزوار بمختلف جنسياتهم».
وأضاف أن تصاعد موجة العنف والتخريب والإرهاب ليست من قيم التسامح وأخلاقيات المواطن البحريني المعروف بنبذه السلوكيات العدوانية وغير الحضارية والمرفوضة شرعاً وأخلاقاً وقانوناً.
وتابع «يأتي اليوم الدولي للتسامح متزامناً مع سلسلة تفجيرات مؤسفة وجبانة شهدتها العاصمة المنامة مؤخراً واستهدفت الأجانب، ما يجعلنا نؤكد ضرورة التصدي القانوني للأفعال المجرمة، وفي المقابل فإن استهداف الأجانب بشكل خاص في هذه التفجيرات الإرهابية يجعلنا ندعو للتكاتف المجتمعي استجابة للاستراتيجية الأممية الصادرة عن منظمة اليونيسكو بإزالة الحواجز مع العمالة عموماً والعمالة الآسيوية خاصة في مجال التحامل أو التمييز الاجتماعي ضدهم وكل ما يحتسب تمييزاً عنصرياً ضدهم».
وأوضح أن العمالة الآسيوية أسهمت بشكل كبير في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية للمملكة طوال السنوات الماضية و»ليس من المقبول أن يقود المتطرفون حملات الكراهية ضد الأجانب باسم المملكة، فذلك جانب من جوانب التعصب المنبوذ ويجب مواجهته اجتماعياً وقانونياً».
وقال إن البحرين تفخر بكونها شريكة مع العالم المتحضر في احترام قيم التسامح عبر ما تنفذه الدولة من جهود جبارة في سبيل تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، على خلفية ما جرى من أحداث مؤسفة في فبراير ومارس 2011، وأسفرت عن تداعيات تسببت في شروخ النسيج المجتمعي وبما دفع جميع الجهات الحكومية والخاصة والأهلية للالتفاف حول البحرين ووجهت بضرورة لم الشمل الاجتماعي ومعالجة تداعيات ما جرى من أحداث مؤسفة عبر مجموعة من التدابير الدستورية والتشريعية.
وأضاف أن مناسبة الاحتفال باليوم الدولي للتسامح فرصة لتجديد التأكيد أن المملكة ستظل حريصة ووفية وتسهر أجهزتها على تكريس وتطبيق المبادئ السامية والنبيلة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجميع مقررات الأمم المتحدة ذات الصلة بالتسامح. ونبه إلى أن التحلي بالتسامح في الممارسة والسلوك الوطني سبيل التصدي لموجة العنف والإرهاب والتخريب وبما يسهم في النهوض بالمملكة مجدداً لتواصل مسيرة البناء والعمل الوطني، وبما ينسجم مع تطلعات القيادة السياسية الحكيمة الحريصة على تأمين الخير للوطن ورفاه المواطن.
وواصل «تحديات كبيرة أمام جميع الأفراد والمؤسسات في البحرين للمشاركة في تحقيق التسامح الفعلي، ونبتغي منه انتصار إرادة الوطن ومواطنيه المخلصين والحريصين على حفظ مكتسباته الحضارية وإنجازاته في المجال الديمقراطي والحقوقي والاجتماعي والاقتصادي وغيرها من المجالات».
وبيّن أن التسامح هو الملاذ الآمن لشعب يتخذ من العقل سوراً في مواقفه، ويظلل بيته التعاطف والرحمة، موضحاً «التسامح ليس تساهلاً من طرف على حساب طرف آخر ولكنه سبيل الوصول للنقاء، تميّزت البحرين ومازالت بجاذبية سحرها الحضاري وعفويتها ورحابة صدرها وقلبها الأبيض، والأكبر من ذلك تسامحها مع الجميع».
ولفت إلى أن التسامح في المملكة ممارسة أرساها جلالة الملك المفدى ورئيس الوزراء وولي العهد، وسلوك تربى عليه المواطن البحريني من تنشئته الأسرية والدينية، مضيفاً «يتعين علينا أن نواصل أفراداً وجماعات، إشاعة هذه الثقافة في حياتنا وعملنا، ونغرسها في أبنائنا وبناتنا، ليمارسوها قولاً وفعلاً في المدرسة والجامعة والعمل».
وأردف «سبقت الرؤية الملكية للتسامح اليوم الدولي للتسامح الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة ليكون 16 نوفمبر من كل عام، ومثل هذه الريادة البحرينية ليست غريبة على قائد عربي أراد لبلده أن تكون سباقة وفي قلب العالم المتقدم بمجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع». وقال «الطريق أمامنا طويل ولكننا على ثقة بقدرتنا معاً على السير فيه وقطع الأميال في سبيل تحقيق الغايات المنشودة، لنجعل المناسبة فرصة لأن نستذكر بكل الخير ما أبدعه الرعيل الأول من أبناء الوطن ممن سطروا بعرقهم وجهودهم ملحمة رائعة في التعايش والتسامح والمحبة، ولنستمر في مواصلة ذات النهج حتى نصل بالبلاد إلى ما نصبو إليه من تطور ونماء وازدهار».