أكد الأمين العام لجمعية المنبر الوطني الإسلامي رئيس كتلتها النيابية د.علي أحمد أن أعمال التخريب ساعدت على دعم الفساد في البلاد، حيث صرفت المواطن عن المطالبة بمحاربة الفساد إلى طلب الأمن، فيما طالب نائبه الشيخ ناصر الفضالة بضرورة تطبيق القانون على المحرضين الكبار على التخريب بالتزامن مع محاربة الفساد المالي بصورة عاجلة ومحاكمة المفسدين لتحقيق التوازن بين الأمن والرخاء. وقال د.علي أحمد، خلال الندوة، التي عقدت بمجلس عائلة الدوي مؤخراً لمناقشة تقرير الرقابة المالية، إن «المواطن لا يهتم بالفساد، بل أصبح يفكر في قضية الأمن، وتحولت مطالبه -المواطن- من محاربة الفساد إلى طلب الأمن».
وكان تقرير الرقابة المالية الصادر مؤخرا، قد كشف عن مخالفات مالية وإدارية ووقائع فساد حكومية تتعلق بتمرير مشروعات بالأمر المباشر وعدم الدخول فى نظام المناقصات، الذي يضمن الشفافية، وترقية موظفين من دون سند قانوني، وبيع أراض وعقارات بأقل من سعرها السوقى.
وانطلاقًا مما تضمنه التقرير أوضح د.علي «الفساد هو السبب الرئيس وراء المشاكل التي تمر بها البحرين الآن، وهو سبب كل الفتن التي نمر بها، فالدولة الفاسدة يتجرأ عليها الجميع من الأعداء والمخربين، والمشكلة أن جهود التنمية تذهب لصالح أناس معينين، وليس لصالح كل المواطنين»، معتبراً أن التصدي لهذا الفساد مسؤولية الجميع، سواء في الحكومة أو مجلس النواب وديوان الرقابة المالية والإدارية.
وأشار الامين العام إلى أن تقرير الرقابة لم يتعرض للمشاكل الكبرى إنما سرد التجاوزات المتوسط والصغيرة فقط، موضحاً أن هناك مخالفات متكررة وشائعة بين وزارات متعددة منذ أكثر من سنة.
وأوضح أن «أغلب الوزارات لم تلتزم بقانون تنظيم المناقصات تعمداً أو تحايلاً على القانون، و بعض الجهات قامت بزيادة رواتب موظفيها بنسب تصل للضعف، وهناك عقارات تمتلكها الأوقاف مؤجرة بأثمان بخسة ولسنوات طويلة، على الرغم من شكواها بنقص مواردها»، مشيراً إلى أن شركة بوليتنك بها مخالفات كثيرة.
وسرد الأمين العام بعض الأمثلة من التجاوزات الواردة في تقرير الرقابة المالية، منها أن «أكثر من 5 وزارات ترسي الأعمال على من تشاء من الشركات دون الالتفات لمجلس المناقصات وقانونه الملزم، وقيام شركة بابكو بتجزئة الأعمال تحايلاً لكي لا تصل إلى المبلغ الملزم لطرح المناقصات ، كما إن هناك مساجد و عقارات كثيرة غير مسجلة في جهاز التسجيل العقاري، وأضاف أن هناك 7 ملايين دينار بحريني مستحقة من جهة واحدة للحكومة تم تجميدها والتغاضي عنها!!»
وأكد د.أحمد إن تقرير الرقابة المالية لم يورد سوى 15-20% من التجاوزات في البحرين»، مشيرا الى أن مشكلة مثل فساد ألبا أزكمت أنوفنا وفضحتنا خارجيا، لكن لم يتم الإشارة لها إلا بإشارة بسيطة ولم تفصل في التقرير، وكذلك مشاكل كأملاك الدولة والتعدي على البحر وسرقة رماله لم يتطرق لها التقرير رغم أنه لو تم بيع الرمل المسروق من البحر لما قل إيراده عن مليار دينار لخزينة الدولة».
ولفت الأمين العام إلى أن كل مرة يصدر فيها تقرير الرقابة المالية يشكل مجلس الوزراء لجان تحقيق في التجاوزات ولكن لا نرى نتائجها ولا تعلن، موضحاً أن «النواب قدموا للحكومة قائمة بأسماء مافيا الفساد والتي اشتملت على تجار ورجال أعمال ومسؤولين ولكن لم تحرك الحكومة ساكناً».
دعوى محاربة الفساد
وأوضح د.علي أحمد أن «هناك فئة تدعي المعارضة، ومحاربة الفساد لتحقيق أجندتها، فإذا توافقت مصلحة كشف الفساد مع أجندتها تقف ضد هذا الفساد، أما إذا تعارض كشف الفساد مع أجندتها لم تقف ضده ولم تحاربه بل تحميه».
وأشار إلى أن «جمعية «الوفاق» ترفض تشكيل لجنة للتحقيق في مشكلة شركة «ألبا»، وحتى اللجنة المالية، التي كان يرأسها أحد قادتها للتحقيق فى تجاوزات منصور بن رجب وزير البلديات السابق برأته من التهم المنسوبة إليه»، فهؤلاء يحاربون الفساد بانتقائية ووقفوا ضد محاربة الفساد ضمن أجندة وطنية تشترك فيها أطياف الشعب. وأرادت الاستفراد بما تقوم به».
واعتبر أن «معالجة الفساد تقع على كل الجهات المسؤولة قانونياً عن محاسبة المتجاوزين سنوياً وعلى رأس هذه الجهات الملك»، مؤكداً «ضرورة اختيار الوزراء بأسلوب سليم، وأي وزير تتكرر مخالفاته لا يترك في منصبه.. ولابد من قيام مجلس الوزراء بمتابعة لجان التحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين».
وطالب بضرورة «تفعيل الرقابة البرلمانية، فمجلس النواب الحالي أضعف من أن يحاسب المسؤولين، وهذا يرجع إلى الاختيار الخاطئ لبعض النواب، لذا يجب على الناخبين مراجعة النواب وحثهم على عرض المشاكل المهمة والملحة في المجلس».
الأمن والرخاء
من جانبه، قال الشيخ الفضالة «يجب تطبيق القانون على المحرضين الكبار فيما يخص التصعيد الإرهابي بالتزامن مع وقف الفساد المالي بصورة عاجلة ومحاكمة المفسدين لتحقيق التوازن بين الأمن والرخاء»، مؤكداً ضرورة أن تواصل الدولة سياسة النفس الطويل في تطبيق النظام وإنفاذ القانون دون تساهل أو تسييس.
وقدم الفضالة عدة توصيات للقضاء على الأزمة الداخلية، التى تفاقمت بسبب أعمال التخريب الأخيرة، على رأسها المعالجة الأمنية بالتوازي مع جهود الإصلاح الملموس سياسياً واقتصادياً، وتفعيل قانون كشف الذمة المالية ومحاسبة الفاسدين المستغلين لمناصبهم في الدولة لتحقيق مصالحهم الذاتية، إضافة لإجراء إصلاحات دستورية حقيقية ومهمة منها إعطاء صلاحيات أكبر لمجلس النواب تمكنه من الرقابة والمحاسبة بفعالية.
وشدد على ضرورة محاسبة المتجاوزين، الذين ذكروا في تقارير ديوان الرقابة المالية كإثبات واضح على صدق نوايا ووعود الإصلاح، التي يترقبها الجميع بلهفة، مع التأكيد على أهمية عدالة واستقلالية القضاء بشكل تام من دون تدخل من أحد، والحرص على الفصل بين السلطات»، مؤكدًا أن أى إجراء ضد المخربين يجب أن يتم وفق القانون، وألا تتعامل الدولة معهم بمنطق ردود الأفعال الوقتية، مما قد يضطرها للتراجع عما اتخذته من إجراءات بعد الضغوط الحقوقية والخارجية». وكان الأمين العام ونائبه أكدا الأسبوع الماضي، في مجلس النائب محمد العمادي، أن المخربين يستغلون انتشار الفساد في البلاد للقيام بأعمال تخريبية، تهدف لإسقاط مؤسسات الدولة واختطافها لصالح أجندتهم الخاصة وتحقيق مكاسب طائفية بغيضة، معتبريَن أن محاربة الفساد وتطبيق القانون على الجميع دون استنثناء هو الطريق الصحيح لإنهاء الأزمة الداخلية.
وتضمن التقرير مخالفات تتعلق بإعفاء أحد عملاء شركة «بابكو» من دفع دين قدره 3 ملايين دينار، وتخفيض هذا الدين إلى مليون دينار فقط وسداده بالتقسيط المريح، وتجميد 7 ملايين دينار من أموال شركة طيران الخليج، وكذا شراء تذاكر بقيمة 280 ألف دينار لمسؤولي «البوليتكنك» من شركة أجنبية يملكها أحد أقرباء رئيس «البوليتكنك».