كتب - عبدالله إلهامي:
دعا أكاديميون صحافة البحرين إلى دور تجميعي لا تفريقي، مؤكدين أن حملات الإعلام المغرضة لا تقل ضرراً عن الحروب العسكرية بأسلحتها الثقيلة.
وتساءلوا “ما وظيفة الصحافة إن لم تسعَ إلى الوحدة الوطنية ومنع الانقسام؟”.
وقال الأكاديميون إن لأجهزة الإعلام حق التفاعل مع أحداث يثيرها إرهابيون، عبر بث الخبر وتحليل وقائعه وإبراز الحقائق للرأي العام بشكل مهني وموضوعي بعيداً عن أية أجندات خاصة، بل خدمة للوطن وحفظاً لأمنه واستقراره.
ووصفت انتقاد البعض لسلطات الدولة وخاصة التنفيذية والقضائية والأجهزة الأمنية والتقليل من دورها بـ«الخبث المبطن”، لافتة إلى أنه لا يمت للعمل الإعلامي الوطني بصلة. ودعوا إلى مساءلة الجهة الإعلامية عندما تمارس ذلك، باعتبارها تعدت على مصلحة الدولة العليا، وخالفت قانون الطوارئ الوطنية الدولي.
وطالبوا أجهزة الإعلام ببث رسائل واضحة للمواطنين البحرينيين والمقيمين من شأنها بث ثقافة الحوار والتعايش والوطنية، ومنع أصوات التأزيم من الحضور في الوسائل الإعلامية لخطورتها الكبيرة على الجسد الواحد والنسيج الوطني.
الحملات المغرضة
وأوضح الأكاديمي بجامعة البحرين د.عوض هاشم، أن دور الإعلام البديهي يكمن في حفظ نسيج المجتمع وحقوق أفراده، إضافة إلى عدم التضخيم أو التعتيم على الحقائق مع ابتعاده عن التضليل.
ودعا وسائل الإعلام إلى حماية المواطنين من محاولات الإساءة أو التقليل من شأنهم والنيل من كرامتهم بأي شكل كان، سواء بإثارة الإشاعات أو الاتهامات والشبهات بما يضر المواطن أمام مجتمعه، ما يترتب عليه فقدانهم لوظائفهم أحياناً.
وأضاف حول الدور السلبي الممارس من قبل بعض الأجهزة الإعلامية تجاه أحداث البحرين، أن مشاركة الإعلام في حملات مغرضة تنال من سمعة المواطن وكرامته، تعتبر فعلاً ضاراً لا يقل عن ضرر الحرب العسكرية، وقال “ما يحدثه الإعلام من ضرر عن طريق القنوات التلفزيونية يعبّر عنه أحد السياسيين الغربيين بقوله “لدينا الاستعداد للتخلي عن ترسانتنا الذرية، ولا نستغني عن وكالات الأنباء لتوجيه الرأي العام نحو معتقداتنا”. ونبه إلى أن التضليل أخطر ما يمارسه الإعلام في قضايا المجتمع، موضحاً “يقع الإعلام في التضليل بقصد باعتباره مأجوراً لجهات معينة، مثل بعض القنوات والوسائط المخصصة بأموال مشبوهة، ويأتي دورها كجزء لا يتجزأ من حرب منظمة على دولة أو مجموعة بعينها، أو دون قصد حينما لا يؤدي دوره نتيجة ضعف الهيكل الإعلامي وعدم قدرته على صد الهجمات، أو شح المعلومات المتوفرة لديه، إضافة إلى عدم توفر سياسة إعلامية محددة ذات أهداف واضحة للدفاع عن المجتمع ضد الحملات الممنهجة”. ولفت إلى أن الوقوع في الأخطاء يجعل من المجتمع عرضة للاختراق، موضحاً أن الدول تنفق الملايين لحماية مواطنيها من الإشاعات والقنوات ذات الأغراض الخاصة المنتشرة حالياً في عصر الإعلام المشتبك، فتنشئ محطات تلفزيونية وإذاعية وشبكات إلكترونية لتوجيه الرأي العام نحو ما تعتنقه من مبادئ وأفكار.
وقال إن موقف الإعلام يجب أن يتمثل في التوضيح والإرشاد والالتزام بالكلمة الصادقة، وألا ينشق عن الجسد الإعلامي ذي الرسالة الواضحة ليصبح أداة تستغل من أطراف معينة لتشويه من يخالفها.
الطوارئ الوطنية
وفي ذات السياق أوضحت الأكاديمية بجامعة البحرين د.خلدية آل خليفة “إننا في مرحلة حساسة جداً ويفترض بالصحافة أن تؤدي دورها الوطني”، مضيفة أن كل صحيفة ملزمة أثناء الأزمات الوطنية باحترام مجريات القضايا القائمة في المحاكم، خاصة أن الفترة الحالية حساسة جداً، ومن الضروري الالتزام بالقوانين العالمية للصحافة، وأهمها قانون الطوارئ الوطنية، وقانون احترام مجريات القضايا في المحاكم. ولفتت “يفترض بكل وسيلة إعلام أن تلتزم ببث ما من شأنه استتباب أمن الدولة في حال وجود قضايا ذات حساسية وتأثير على الأمن الوطني بالمحاكم”.
وتساءلت “هل توجد صحافة وطنية تجهل هذين القانونين السابقين لتستخف بأمن الدولة وقوانينها؟، إذ لا يعقل بصحافة على وعي بالإعلام أن تتساهل وتطعن عبر صفحاتها بالسلطات في ظل علمها بالقوانين”، مؤكدة أنه لا يحق لصحيفة النيل مما يساعد على استتباب الأمن الوطني، فهي لا تعتبر نزيهة من الأساس، لأنها تعمل ضد الدولة واستقرارها ويجب أن تكون موضع مساءلة.
وأشارت إلى أن رئيس وزراء بريطانيا تشرشل خلال الحرب العالمية الثانية أوقف صحيفة “كوميونست” الاشتراكية لأنها كانت تحمل فكر دول المحور، واستخفت بدولة ضمن دول الحلفاء، ما يعني مخالفتها للرأي الرسمي للحكومة وانتهاكها للمصلحة العليا للدولة.
وقالت إن الصحافة الوطنية يجب أن تؤدي دورها الوطني في تنوير الجمهور بدءاً من الافتتاحية وحتى صفحات الأعمدة، من خلال تغطية الأحداث وتحليلها، بما يعني نقل الخبر وما وراءه، لذلك فإن الإعلام يبث الخبر وما وراء الخبر يأتي من خلال التحليل الإعلامي، ولا يمكن لرسالة إعلامية أن تؤدي دورها كاملاً دون عرض ما وراء الأحداث، خاصة أن هناك فئات بسيطة من ناحية الفهم والتحليل، ويجب إبراز الحقائق وإيضاحها لها.
وأضافت “أكثر المتورطين في الأحداث الحالية شباب حديثي السن، لا تتجاوز أعمارهم العشرين عاماً، ما يدل على أنهم يفتقرون للعمق الفكري والدراية بالأحداث والتاريخ، ومن حق كتاب الأعمدة في الصحافة الوطنية أيضاً إبراز آرائهم تجاه القضايا الوطنية والتفاعل معها بمهنية وموضوعية”.