عندما يتجرد الإنسان من كل المبادئ والقيم ويتنكر لليد التي امتدت إليه ورعته ووفرت له الحياة الكريمة، كيف يمكن لأحد أن يصف منظر من يعتبر نفسه بحرينياً قد تحول في لحظات من مناضل في سبيل الوطن إلى خائن عميل، فيقوم متعجرفاً بدهس الجواز معتبراً أنه مجرد ورقة لا قيمة لها قد منحته إياه دولة يعتبرها بنظره محتلة، بل والأدهى منه ذلك الذي لم يستنكر تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي من أتباع الولي الفقيه في مملكة البحرين، وهل يمكن تفسير ما يبديه البعض من ولاء لتلك الدولة الصفوية وتقبيله لجبين رئيسها أو مرشدها الأعلى، وحتى أنه قد لا يمانع في تقبيل قاعة قدميهما والتبرك بهما لأنه يتشرف بأن يكون الخادم المطيع لأسياده، ويجزم البعض في قرارة نفسه ويعلنها بكل وقاحـــة أن البحرين هي ولاية من الولايــــات الإيــــرانيــة، هذا لأنه لم يتشـــرب بعد معاني الوطنية والكرامة عند حصـــول الإنسان على جواز يمنحه الحقوق ويبادله بالواجبات، فإن الإنسان بلا ذلك كالتائه في الصحراء القاحلة يبحث عن قطرة ماء.
تنتفض البحرين الأم لتتبرأ من أبنائها العصاة وتسقط اعترافها بهم لتستند على أبنائها البررة الذين لن يألوا جهداً في رد جميلها والذود عنها في كل المحن، وهي التي لم تكن لتفرق بينهم للحظة وكانت تمنحهم الحب والرعاية دون تمييز.
هو قرار جريئ ومفاجئ لم يخطر على بال أحد بعد التساهل الكبير في الأحكام بحسب رأي الشعب البحريني دون تشكيك في نزاهة القضاء، وهي خطوة نحو الطريق الصحيــح الــــذي يضمـــــن الأمن والأمان لمملكة البحــريـــن والمواطنيـــن ضد العنف والإرهاب، لكن ذلك سيدفـــــع نحــــو تصعيد الوضع الأمني لأعمال إرهابية ذات طابع أخطر، مما يلزم الحكومة الرشيدة ووزارة الداخلية اتخاذ الحزم في جميع القرارات بما تراه مناسباً، وهي قادرة بذاتها على التعامل مع هذه الفئة التي لا تمثل إلا نفسها والأجندات الخارجية التوسعية في المنطقة، ويتأمل الجميع بشغف أن تكون هناك خطوات أكبر في الأيام القادمة.
ولكن حال لسان المواطن وقناعته تطالب بتطبيق أقصى العقوبات والقصاص من الخونة وكل من تثبت إدانته في الجرائم التي يتعرض لها الأبرياء من المواطنين والمقيمين، وإن حل الأزمة الحالية يكمن في اجتثاث الجذور من أصولها لا من الفروع والذين ما هم إلا أدوات تنفيذية تتطلبها بعض مراحل الخطة الانقلابية، ويرون أن أساس المشكلة تكمن في المنابر الدينية التحريضية التي تبث سموم الفتنة الطائفية عبر فتاوى «السحق» وتقسيم الناس على أسس غير سليمة، فتتخبط تارة بوصف الشرفاء المدافعين عن وطنهم ورجال الأمن بالمرتزقة ووجوب سحقهم، وتارة أخرى بتمييز الآسيويين وذوي الأصول العربية واعتبارهم مجنسين فيما يطلقون على أنفسهم تسمية الأصليين، والغريب في الأمر أن أتباع هذا الخط لا يستطيعون أن يحيدوا عن ما يقوله سادتهم حتى وإن كانوا على خطأ فيميل بهم مركبهم تحركه الأمواج يمنة ويسرة.

عبدالله الشاووش