مشروعــــات توسعـــة المــوانئ الخليجيــة.. مستقبل مشرق

بقلم: سوزان فنتون: قررت دول مجلس التعاون الخليجي استثمار أكثر من 15 مليار دولار في غضون الأعوام الـ5 المقبلة لتضيف بذلك المزيد من القدرة الاستيعابية إلى موانئ المنطقة، التي تشهد اقتصاداتها نشاطاً محموماً في قطاع البنية التحتية. وفي ظل عدم كفاية الطرقات وقلة سكك الحديد في المنطقة، فقد شكلت السفن العابرة للبحار منذ أمد بعيد الخيار المفضل لنقل البضائع. ومن المزمع أن نشهد مستقبلاً موانئ خليجية متصلة مباشرة بسكك الحديد التي ستقوم بنقل البضائع براً إلى مختلف المناطق البعيدة عن البحر، فضلا عن تقوية شبكة النقل البري عموماً. يشار إلى أنه في الوقت الحاضر تتمتع موانئ الإمارات بأعلى حصة من إجمالي حجم الشحنات بدول مجلس التعاون الخليجي - وهي 59%. وكانت الإمارات أعلنت عن تحقيق نمو بنسبة 12% في حجم الشحنات العام 2011، حيث تم مناولة ما يساوي 13 مليون وحدة من وحدات الشحن ذات العشرون قدم طولاً “تي إي يو”. وتبلغ حصة المملكة العربية السعودية من إجمالي حجم الشحنات بدول المجلس 21%. وكان ميناء جدة الإسلامي لوحده أعلن عن مناولة ما يصل إلى 3.8 مليون “تي إي يو” في العام 2010. كذلك كان الأداء قوياً في سلطنة عمان خلال السنوات الأخيرة. وعلى سبيل المثال تم في ميناء صلالة مناولة 3.5 مليون “تي إي يو” من الشحنات العام 2010؛ حيث زادت حركة الشحن بهذا الميناء بنسبة 139% خلال الفترة من 2007 إلى 2011. تدفق الاستثمارات تتمثل أكبر الاستثمارات الحالية الجارية في قطاع الموانئ بدول مجلس التعاون الخليجي في المرحلة الأولى من منطقة خليفة الصناعية الواقعة في الإمارات، والتي تحتوي على ميناء خليفة، وبمبلغ يصل إلى 7.2 مليار دولار. وهناك مشروعات أخرى عملاقة مشابهة تتمثل في ميناء الدقم في سلطنة عمان، وميناء الدوحة الجديد في دولة قطر وبمبلغ 5 مليار دولار. ومن المؤمل أن يتم تشغيل ميناء الدقم في منتصف العام الجاري. وإضافة إلى الموانئ الجديدة الجاري إقامتها، فإن الكثير من منشآت الموانئ القائمة بدول المجلس يجري توسعتها من أجل مناولة شحنات أكبر حجماً. ولهذا الغرض تم اعتماد خططا لتوسعة رصيف الشحن رقم (2) وإقامة رصيف جديد سيحمل الرقم (3) بميناء جبل علي. ويشهد ميناء صلالة كذلك حركة توسعة بمبلغ 645 مليون دولار تستهدف رفع القدرة الاستيعابية السنوية إلى 15 مليون “تي إي يو”. وخلال السنوات الست الماضية، ارتفع إجمالي القدرة الاستيعابية في موانئ المنطقة بنسبة 8% لتصل إلى حوالي 25 مليون تي إي يو العام 2010م، إلا أنه من المتوقع أن ترتفع من جديد بأكثر من 12 مليون تي إي يو عندما يتم الانتهاء من أعمال التوسعة الجارية حالياً. بل إنه من المتوقع أن يرتفع إجمالي القدرة الاستيعابية من جديد إلى 60 مليون “تي إي يو” إذا ما تم إنجاز جميع مشروعات التوسعة الجاري بحثها و دراستها في الوقت الحاضر. ولكن، لأن المنطقة تتطلع إلى التحول إلى مركز عالمي للتجارة وحركة الشحن البحري، فإنها تواجه تحدي فائض القدرة الاستيعابية، وخاصة على المدى القصير في وقت يستمر الاقتصاد العالمي في التقلص. وقال رئيس قسم تطوير الأعمال بميناء جدة الإسلامي، جانغ كوانغ يونغ: “في هذه المنطقة، من المناسب جداً لكل من خطوط النقل البحري و لمشغلي الموانئ توفر حد أدنى من الموانئ الرئيسية، التي تخدمها سفن كبيرة و ترتبط بموانئ محلية أصغر منها و تتصل معها بواسطة سفن النقل الأصغر حجماً”. ويضيف يونغ: “أخذاً في الاعتبار تفضيل خطوط النقل البحري الاتجاه نحو العمليات التي تتطلب سفناً عملاقة الحجم، فإن عدد الموانئ الواجب التوقف فيها يتراجع، إلا أن الاستثمارات الهائلة التي تتدفق حالياً على بعض الموانئ تعتبر هدراً للمال”. يشار إلى أن منطقة جنوب الخليج جاهزة تماماً لتكون مركزاً رئيسياً للتجارة، وستعزز هذه المكانة مع الانتهاء من القدرات الإضافية في ميناء خليفة، المزمع أن يبدأ العمل به في سبتمبر بمنطقة جبل على. ولدى باقي دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً طموحات نحو التحول إلى مراكز للشحن البحري- باستغلال مواقعها التي تتوسط أوروبا و دول آسيا. و لكن إذا نظرنا إلى الموانئ الراسخة الأقدام، مثل جبل علي فإن المهمة لن تكون سهلة. علاوة على هذا، فإن إقامة موانئ مركزية للشحن البحري في شمال الخليج لن تمنح ميزات تنافسية على نظيرتها الجنوبية لأن الوقت الإضافي الذي تستغرقه السفن في الوصول إليها سيضيف تكاليف النقل و غيرها الأعباء المالية إلى قيمة السلعة. وتشمل خطط التوسعة في كل من ميناء خليفة الإماراتي و مينائي الدمام وجدة السعوديان إقامة سكك حديد لنقل السلع ومشروعات أخرى في فترة لاحقة. ومع أن الاقتصاد العالمي لم يتعاف بعد، شرعت دول المنطقة بالفعل في تنفيذ مشروعات التوسعة، مما يعني أن المنطقة لن تواجه نقصاً في هذا المجال حالما ينشط قطاع النقل البحري من جديد في السنوات القادمة. المصدر: ميد