أكد وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن وجه نظام المحاسبة في مملكة البحرين خلال العام الماضي قد تغير، وأن هذا التغيير تمثل في المؤسسات، القوانين، الإجراءات، القدرة، والممارسة، وأن هذه الإصلاحات تهدف إلى ضمان إجراء التحقيقات، وملاحقة الجرائم، والمحاكمة، بشكل يتماشى مع معايير حقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً، ومع توصيات تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، مشيراً إلى أن الحكومة لا تتساهل مع التعذيب، بغض النظر عن هوية الفاعل أو الضحية.
وأوضح الشيخ خالد بن علي آل خليفة، في تصريح لوكالة أنباء البحرين بمناسبة مرور عام على صدور تقرير لجنة متابعة توصيات تقصي الحقائق، أن جميع التقارير الأساسية والتشريعات الصادرة عن الحكومة في العام الماضي متاحة على الإنترنت باللغتين العربية والإنجليزية، وأنه تم اتخاذ خطوات مهمة، ولكن أيضاً مازال هناك الكثير مما ينبغي عمله - وذلك من الأولويات.
وأكد أنه في إطار الإصلاحات المؤسسية فقد استحدثت جهة جديدة من أجل التحقيق في جميع الأعمال الإجرامية المذكورة في تقرير لجنة تقصي الحقائق، إضافة إلى الادعاءات الموجهة ضد مسؤولين في حالات وفاة أو تعذيب. مشيراً في هذا الصدد أنه قبل الإصلاحات المؤسسية في 2011 - 2012، كانت وزارة الداخلية هي من تحقق في مثل هذه الادعاءات، حيث، يقوم رجال الشرطة بالتحقيق في قضايا على رجال شرطة آخرين. وكانت المحاكمات تجرى في “محكمات خاصة في وزارة الداخلية”.
وأضاف “كما تم تشكيل “وحدة التحقيق الخاصة” في 2012، ويترأسها مدير عام مستقل عن وزارة الداخلية، ويعمل تحت إدارة النائب العام. ويقوم المدعي العام اليوم بمساءلة منتسبي قوات الأمن عن ادعاءات من هذا النوع، وتتم المحاكمات في محاكم مدنية عادية، كما تم حل المحاكم الخاصة لوزارة الداخلية. وقد تم تشكيل مكتبين لأمناء تظلمات مستقلين لمتابعة الشكاوى ضد مسؤولي وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني”.
احترافية نظام التحقيق والملاحقة
وأكد الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن الإجراءات والتشريعات الجديدة تجعل من نظام التحقيق والملاحقة القضائية أكثر احترافية ومهنية وهناك تحول من استخدام الشهادات والاعترافات كأدلة، والتركيز على تقنيات جمع الأدلة الجنائية والعلمية. يتم حالياً بناء مختبرين للتحليلات الجنائية.
وأشار إلى أنه يتم الآن تدريب الشرطة، المدعين العامين والقضاة تدريباً شاملاً مدته سنة. حيث يتضمن هذا التدريب تعليمات من أهم الخبراء العالميين في معايير حقوق الإنسان العالمية، وأفضل الممارسات في التحقيقات والمحاكمات العادلة. كذلك تم وضع مدونة أخلاقيات عمل جديدة لتنظم عمل جهات إنفاذ القانون، وتتضمن هذه المدونة حدود الشرطة في تعاملهم مع الاحتجاجات. إضافة إلى ذلك قامت التعديلات على القانون الجنائي بتوسيع مفهوم التعذيب وزادت من العقوبات المتعلقة بالتعذيب. وتم أيضاً استحداث تشريعات من أجل حماية الأشخاص الذين يبلغون عن حالات التعذيب.
وأضاف الوزير أن إجراءات أخرى استحدثت تتضمن أجهزة كاميرا فيديو في مراكز الشرطة ونظام إلكتروني جديد يرصد ورديات حراس السجون على مدار الساعة ويسجل مكان وزمان ونوعية الإساءة المبلغ عنها.
وشدد الشيخ خالد بن علي آل خليفة على أن الحكومة لا تتساهل مع التعذيب، بغض النظر عن هوية الفاعل أو الضحية، وهي مصممة على ضمان أنه لا أحد فوق القانون، مؤكداً في هذا الجانب أن كل من قام بأعمال إجرامية في أحداث 2011 سيحاكم. ويتضمن ذلك محاسبة جميع الأعمال الإجرامية المتهم فيها مسؤولون حكوميون، والتي أدت إلى وفاة أو تعذيب أو سوء معاملة.
استمرار المحاسبة
وقال وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف إن تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق أورد ما مجموعه 35 حالة وفاة مرتبطة بالأحداث التي غطاها التقرير، منها 19 حالة وفاة لمدنيين يعتقد بأنها ترجع إلى السلطات العامة، منها 5 حالات وفاة تحت التعذيب. كما إن هناك 6 حالات وفاة نتيجة أعمال إجرامية قام بها أفراد، منها وفاة 5 أفراد أمن - أربعة أفراد شرطة وفرد من الجيش البحريني. حالات الوفاة الـ10 المتبقية ظلت، حتى وقت إصدار التقرير، غير منسوبة لأي فرد أو جهة. كما وجد التقرير أنه لا توجد أدلة كافية لنسب حالات الوفاة إلى سياسة معينة أو إلى تصرفات شخصية.
وأوضح أن التحقيقات في الـ19 حالة وفاة التي وجد التقرير أنها منسوبة إلى مسؤولين في الأمن أدت إلى محاكمة 12 متهماً في 8 حالات وفاة حتى الآن (2). ويتضمن ذلك قضايا رفعت ضد مسؤولي سجون وأفراد شرطة، منهم ملازم. حتى الآن هناك محاكمة انتهت بالحكم على المتهم بالسجن سبع سنوات. وفي قضيتين أخريين تم تبرئة المتهمين، ويتم حالياً استئناف الحكم. القضايا الأخرى مازالت بانتظار الحكم في محاكم الدرجة الأولى.
وأضاف “كما تم رفع 3 قضايا (3) ضد الأفراد العاديين مرتكبي جرائم أدت إلى وفاة 4 رجال شرطة، وقد تمت إدانة 9 أشخاص والحكم عليهم. وقد تم رفع قضية أخرى ضد أفراد متورطين في قتل مدني وافد (4). ومازالت التحقيقات جارية في حالات الوفاة المتبقية”.
وقال الوزير إنه كنتيجة للتحقيقات في حالات التعذيب وسوء المعاملة الواردة في تقرير لجنة تقصي الحقائق، فإن 9 من أصل 11 متهماً يمثلون حالياً أمام القضاء. وقد تضمنت التهم التعذيب تحت المادة 208 من القانون الجنائي. وقد تضمن المتهمين مسؤولين في مناصب رفيعة، منهم ملازمان، وعريف وأفراد شرطة. المدانون في هذه القضايا جميعهم منتسبون لوزارة الداخلية وقد تم فصلهم من أعمالهم في انتظار نتيجة التحقيق والمحاكمة. وأكد الوزير أن عملية المحاسبة مازالت مستمرة والحكومة مصممة على محاسبة جميع المجرمين. ومن المؤكد أن التعديلات الحاصلة ستتطلب وقتاً لتثمر. فالتغييرات المؤسسة الكبيرة وبرامج التدريب المطولة ستأخذ وقتاً لتعطي نتائج كاملة. إلا أن المؤشرات تبشر بالخير. مشيراً إلى أنه، بحلول وقت إطلاق تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، لم ترد أي شكاوى عن التعذيب لأشهر.
ومنذ إصدار التقرير، قلت كمية الشكاوى بخصوص التعذيب بشكل ملحوظ مقارنة بالعام الماضي.