في مساء اليوم الأول للملتقى زارت المشاركات متحف بيت العثمان، هذا الصرح الذي لا يملك زائره إلا الانبهار بمحتوياته وأقسامه.
بيت العثمان هو منزل الوجيه أحمد العثمان والد الكاتبة والأديبة ليلى العثمان، بيت أثري قديم الجدران، كبير في مساحته وعريق في تاريخه، يحمل بين حجراته كماً من التاريخ .. والثقافة.. والقيمة التراثية التي لا تقدر بثمن.
اجتهاد تطوعي لحفظ التاريخ
هذا المتحف ثمرة مجهود عمل تطوعي، هكذا قال الباحث التاريخي محمد علي كمال وهو أمين سر فريق الموروث الكويتي خلال استقباله المشاركات، حيث أوضح هدفهم المتمثل في خلق جيل يعي ما تركه الأجداد والآباء من موروثات ثقافية وإنسانية، وأهمية المحافظة على المهن والحرف اليدوية الكويتية، وتوثيق اللهجة الكويتية الأصلية والعادات والتقاليد التراثية محليا ودوليا. وأضاف محمد كمال: (مطلوب التشجيع على المحافظة على المتاحف الخاصة، فالموروث الثقافي يحتاج إلى تظافر جميع الجهود لحفظه، وهذا البيت هو اجتهاد فريق أراد أن يحفظ جوانب هامة في تاريخ الدولة).
أقسام ومقتنيات
المتجول في هذا البيت وبين أقسامه يدرك حكاية تاريخية ذات فصول، تمزج بين مظاهر الحياة القديمة بتفاصيلها، وبين مقتنيات تجسد تاريخا بحد ذاتها، فالمقتنيات المعروضة في بين العثمان لها دلالات تاريخية وثقافية تنم عن حس حضاري وجمالي وذوق عال جداً.
متحف البيت الكويتي كان أولى المحطات، وفيه تجسيد واضح واهتمام بالتفاصيل من أجل إظهار بيوت الأجداد والآباء وكيف كانت طريقة معيشتهم ، بل ويعرض غرف مثل غرفة العروس ومحتوياتها، والمطبخ والديوان الذي يستقبل فيه الضيوف، بل وتظهر في بعض الجوانب مجسمات تعكس الحياة البدوية القديمة، مثل مجسم الجمل، والصقور بجانب بيت الشعر، وأيضاً الحمار الذي كان وسيلة لنقل الحاجيات بين الفرجان آن ذاك.
البحر.. مكانة وتاريخ
المحطة الثانية كانت في المتحف البحري، حيث تجسد المشاهد والمحتويات البحر بما يختزل ما ذاكرة حضارية وتاريخية في تاريخ الكويت والخليج، فلطالما كان البحر مصدر قوت وفير ولؤلؤ ثمين، ولم ينس فريق العمل عرض الأدوات القديمة المستخدمة في الغوص والملاحة والطواشة.
المحطة الثالثة كان في السوق الكويتي والدراما، فما كان ملفتاً هو التطور اللافت في توظيف الدراما واستخدام أدواتها كجزء من التراث الثقافي لدولة الكويت، وهذا ما ترجمه فريق العمل من خلال عرض ملابس الفنانين الكويتيين التي استخدمت في أكثر الأعمال أهمية في تاريخ الكويت مثل (سهرة شهر العسل - ما قبل الزواج- عام 1975.
السوق يعكس الحياة
أما جانب السوق فكان في حد ذاته متحفاً بتفاصيله الكثيرة، وفيه تم عرض محلات صغيرة على الطراز القديم وبنفس الديكورات القديمة مثل حاوي جبلة، وبقالة شرق وفلج بوصالح، والحلاق القديم، ومحل الصوف والحواج وغيره. المحطة الأخيرة كانت في قسم الوثائق التي هي تجميع باجتهاد شخصي من فريق العمل، وفيه وثائق قديمة تتعلق بمجالات مختلفة كالنفط والتعليم والبلدية والأشغال والعملة الكويتية.
الغرفة السوداء
غرفة سوداء قاتمة، هي غرفة الشهداء التي تعكس ما حل في الكويت من ظلام الغزو، كانت الغرفة تختزل بين جدرانها السوداء ذكريات أليمة في تاريخ البحرين، حيث صور فريق العمل صور شهداء الكويت بنجوم صغيرة وسط هذا الظلام، وفي أحد الأركان ثمة مجسمات لدبابة الغزو والأسوار المتهدمة في صورة تعكس ما ألم بالكويت من دمار ستبقى ذكراه نازفة في قلوب جميع الكويتين.