استشهاد 163 فلسطينياً وإصابة 1235 في 1500 غارة إسرائيلية بعملية «عمود السحاب»


عواصم - (وكالات): قال زعيم حركة المقاومة الإسلامية “حماس،” إسماعيل هنية، أمس إن “الحركة وافقت على وقف إطلاق النار والتفاوض مع إسرائيل لأن الشعب الفلسطيني انتصر وحصل على كل مطالبه”، فيما تماسك وقف إطلاق النار في قطاع غزة وهيمنت أجواء الفرح على سكان القطاع بانتصار المقاومة، وبدؤوا في محو آثار العدوان. ووصف هنية المطالب التي “حصل عليها الشعب”، بأنها نقطة انطلاق، لكنه أكد أن الهدف النهائي هو “نهاية الاحتلال”.
وقال هنية إن إسرائيل أخطأت “باغتيال” قائد كتائب عزالدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس أحمد الجعبري، واصفاً ما أقدمت عليه تل أبيب أنه “عمل أحمق وقصير النظر”.
وأهدى رئيس الحكومة المقالة في غزة الانتصار على إسرائيل، إلى روح الجعبري، الذي استشهد في غارة جوية إسرائيلية.
واعتبر زعيم حماس التفاوض لوقف إطلاق النار مع إسرائيل “انتصاراً”، أيضاً، وقال “انتصار غزة حقيقة، وليس ظاهرة، عصر مصر والمنطقة قد تغير، وأمريكا قد بدأت تتعلم الاستماع إلى لغة جديدة”.
كما طالب هنية جميع فصائل المقاومة باحترام اتفاق التهدئة.
في الوقت ذاته، تتجه أنظار الطبقة السياسية الإسرائيلية للانتخابات التشريعية المرتقبة في 22 يناير المقبل، غداة التوصل إلى اتفاق التهدئة مع حماس في غزة ترك شعوراً بالمرارة لدى كثير من الإسرائيليين بينما يحتفل فلسطينيو القطاع بـ “انتصار المقاومة”. وسادت التهدئة أمس في قطاع غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بعد 8 أيام من المواجهة المسلحة. ورغم الموت والدمار شعر الكثيرون بالثقة مرددين تأكيدات قيادات حماس بأن زخات الصواريخ التي وصلت إلى تل أبيب والقدس المحتلة للمرة الأولى قد تغلبت على القوة العسكرية لإسرائيل. وقال بعض المارة وهم يصافحون رجال مرور من حماس في أعقاب عودة الشرطة إلى الشوارع بعد أيام من الاختباء لتجنب القنابل والصواريخ الإسرائيلية “تهانينا على انتصاركم”. واحتفلت حشود في أجواء تعمها البهجة بقطاع غزة ولوح معظمهم برايات حماس الخضراء لكن مئات منهم كانوا يرفعون الشارات الصفراء لحركة فتح المنافسة المدعومة من الغرب بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وشنت إسرائيل أكثر من 1500 غارة على غزة منذ بدء مجزرة “عمود السحاب” وأطلق من قطاع غزة نحو 1466 صاروخاً اعترضت القبة الحديدية نحو 421 صاروخاً. واستشهد خلال العملية نحو 163 فلسطينياً وأصيب 1235. كما قتل 6 إسرائيليين بينهم جنديان، جراء سقوط صواريخ على الأراضي المحتلة.
وأثار وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك احتمال استئناف إسرائيل هجماتها في حال لم تحترم حماس وقف إطلاق النار.
وبعد جهود دبلوماسية مكثفة لاسيما من جانب مصر والولايات المتحدة دخلت الهدنة حيز التنفيذ الساعة التاسعة مساء أمس الأول بتوقيت القاهرة، بموجب نص الاتفاق الذي أعلنه في القاهرة وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو إلى جانب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون.
وبرر باراك قرار الحكومة الإسرائيلية العدول عن شن عملية برية واسعة النطاق في قطاع غزة رغم تعبئة عشرات آلاف الجنود الاحتياطيين. وعلى الرغم من دعمها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عند بدء عملية “عمود السحاب” انتقدت المعارضة الإسرائيلية التوصل إلى اتفاق مع حماس قائلة بأن أهداف العملية العسكرية لم تتحقق. وتجري الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشحي الانتخابات من حزبي الليكود اليميني بزعامة نتنياهو، بينما يختار حزب العمل مرشحيه الأسبوع القادم.
وقال زعيم حزب المعارضة الرئيسي “كاديما” شاؤول موفاز “لم يتم تحقيق أمن سكان الجنوب أو حتى قوة الردع الخاصة بنا”. من جهتها قالت رئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش “آمل أن تشكل هذه العملية نجاحاً استراتيجياً لإسرائيل. ولكنني لست متأكدة”. ولم تتبن وسائل الإعلام الإسرائيلية لهجة المنتصر. وقالت الحكومة الإسرائيلية أمس إن كلفة عمليات اعتراض نظام القبة الحديدية للصواريخ الفلسطينية خلال الأيام الثمانية من العدوان على غزة بلغت ما بين 25 و30 مليون دولار مؤكدة أن هذه المنظومة المدعومة من الولايات المتحدة تستحق ما دفع فيها من أموال. وذكر الجيش الإسرائيلي أن بطاريات القبة الحديدية الخمس استطاعت باستخدام الصواريخ الاعتراضية الموجهة بالرادار إسقاط 421 صاروخاً من نحو 1500 صاروخ أطلقت من قطاع غزة خلال 8 أيام وحتى إبرام اتفاق التهدئة الذي توسطت فيه مصر. وقد حذرت الشرطة الإسرائيلية سكان الأراضي المحتلة وخصوصاً الذين يعيشون في الجنوب من الاقتراب أو لمس بقايا لمخلفات قذائف صاروخية أو أية وسائل قتالية أخرى لأنها قد تحتوي على مواد ناسفة.
ورأى محللون أن نتائج العدوان الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة يمكن أن تعزز فرص المصالحة بين حركتي فتح وحماس، مشيرين إلى “تناغم” غير مسبوق بين العمل الدبلوماسي في رام الله والعمل العسكري في غزة. وتحدثت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا” عن اتصالات أجراها كل على حدة رئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية والقياديان في حماس والجهاد الإسلامي أحمد بحر ومحمد الهندي بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وأوضحت أن كلاً من هؤلاء القياديين أكد “دعمه للخطوة الوطنية بالذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على صفة “مراقب” في 29 نوفمبر الجاري”.
في المقابل، أعلن مكتب هنية أن الرئيس الفلسطيني هنأ رئيس الوزراء المقال “بالنصر”. وأضافت الوكالة أن “الرئيس حيا صمود أبناء شعبنا في وجه العدوان، وأكد أهمية التوصل إلى وقف إطلاق النار وتجنيب غزة ويلات الحرب” مشدداً “على موقفه بدعم الجهود لتعزيز الوحدة الوطنية”. من جهة أخرى، شارك مئات الفلسطينيين من مختلف الفصائل الفلسطينية وبينهم قيادات في حماس وفتح، في تظاهرة في رام الله حملوا خلالها العلم الفلسطيني فقط، وعبروا عن فرحتهم بانتهاء الحرب على غزة.
من جهته، كشف كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ومجلس الشيوخ الأمريكي هددا الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعقوبات إذا ما توجه إلى الأمم المتحدة لحصول فلسطين على صفة دولة غير عضو في المنظمة الدولية. من ناحية أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتقال 55 ناشطاً فلسطينياً في الضفة الغربية مع بدء التهدئة في غزة بينما تحدث نادي الأسير الفلسطيني عن اعتقال 230 فلسطينياً في الضفة منذ بدء الهجوم على القطاع منتصف الشهر الجاري.
وشهدت الضفة الغربية منذ أسبوع تظاهرات بعضها عنيفاً تضامناً مع قطاع غزة. وقتل فلسطينيان في اشتباكات مع الجيش الإسرائيلي أحدهما في قرية النبي صالح والآخر في الخليل.
وفي شأن آخر، أكدت سهى أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، أن فتح قبر الزعيم الفلسطيني في رام الله المرتقب الاثنين المقبل بحضور قضاة فرنسيين يحققون في أسباب وفاته عام 2004 “تجربة مؤلمة لكن ضرورية”.