وصل أفراد عائلة الدلو في ذهول إلى المستشفى الرئيس في غزة لتسلم جثث 9 من أقاربهم وجيرانهم مازالوا يفتشون في أنقاض المنزل المدمر بحثاً عن ناجين.
وسأل أحد المسعفين رجلاً داخل المشرحة «أهذه زوجتك؟» فقال باكياً «آه ماذا حدث لوجهك يا حبيبتي؟» قبل أن يخر على وجهه منتحباً على جسدها المسجى. وقد احترق وجه المرأة فضاعت ملامحها ولم تعد تبين.
وقصفت إسرائيل منزل الدلو في غزة الأحد الماضي فسقط أكبر عدد من الشهداء في هجوم واحد.
واستشهد 9 أفراد من عائلة الدلو هم أم وأطفالها الأربعة وأمها وجدتها وخالتان في العدوان على المنزل في غزة. واستشهد اثنان من الجيران أيضاً مع انهيار المبنى.
وكان الأب في محل بقالة مع ابنه الصغير عندما تعرض المنزل للهجوم. وعاد إلى المنزل الذي تحول إلى حطام ليجد أغلب أحبائه قتلى بين أنقاضه.
وقال مسؤولون طبيون إن 163 فلسطينياً أكثر من نصفهم مدنيون استشهدوا منذ بدء الأعمال القتالية، وأصيب 1235، بينما قتل 6 إسرائيليين، بينهم جنديان.
وفي غزة كان القلق يعتصر قلوب المشيعين أيضاً بشأن يارة طالبة المدرسة الثانوية ومحمد اللذين قد يكونان جثتين هامدتين تحت أنقاض منزل الدلو مع استمرار عمليات الإنقاذ لليوم الثاني.
وقال حاتم الدلو وهو قريب للأسرة يملك متجراً للبقالة «قتلوا أسرة كانت آمنة وسعيدة».
وبرغم العنف المتواصل ودوي الانفجارات سار آلاف المواطنين في الجنازة وراء أجسادهم المحمولة على الأعناق في محفات وقد لفت بالعلم الفلسطيني في حين حمل أفراد الأسرة الأطفال القتلى على أذرعهم.
وقال المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري إن المقاومة أوجدت صيغة جديدة وهي إنه إذا ضربت غزة فستضرب تل أبيب وما بعدها.
ونظراً لنقص الأماكن في مقبرة الشهداء دفنت الجثث التسع معاً في 3 قبور.
وقال المشيعون المتجمعون حول رب العائلة المكلوم إن إسرائيل تحاول زيادة عدد الشهداء المدنيين لكي تزيد الضغط على قادة النشطاء للموافقة على شروطها الخاصة بالتهدئة.
ويستمتع سكان قطاع غزة بالهدوء الذي خيم على القطاع الساحلي بعد أن أنهى وقف لإطلاق النار بوساطة مصرية قصفاً إسرائيلياً بلا هوادة على مدى 8 أيام.
ورغم الموت والدمار شعر الكثيرون بالثقة مرددين تأكيدات قيادات حماس بأن زخات الصواريخ التي وصلت إلى تل أبيب والقدس للمرة الأولى قد تغلبت على القوة العسكرية لإسرائيل.
وقال بعض المارة وهم يصافحون رجال مرور من حماس في أعقاب عودة الشرطة إلى الشوارع بعد أيام من الاختباء لتجنب القنابل والصواريخ الإسرائيلية «تهانينا على انتصاركم».
لكن مشاعر الفرح اختلطت بالحزن لدى مرور كثير من الفلسطينيين بجوار المنازل والمباني الحكومية المدمرة والملابس الممزقة والأثاث المحطم والسيارات التي دفن نصفها تحت الركام.
وقال القيادي البارز في حركة حماس خليل الحية أمام عدة آلاف من المحتفلين في الميدان الرئيس في غزة إن الوحدة الفلسطينية تتحقق مضيفا أن حماس وفتح يد واحدة وبندقية واحدة وصاروخ واحد.
وظهر نبيل شعث وهو شخصية كبيرة في فتح على المنصة مع قادة حماس والجهاد الإسلامي وفصائل أخرى.
وخففت الصور المثيرة للمصالحة شعوراً كان سائداً بالمرارة منذ أن طرد مسلحو حماس حركة فتح من قطاع غزة في عام 2007 فيما عزز الانفصال السياسي عن الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، لكن محللين قالوا إن العدوان على غزة يعزز فرص المصالحة الفلسطينية، مشيرين إلى تناغم غير مسبوق بين العمل الدبلوماسي برام الله والمقاومة في القطاع.
^ «وكالات»