تنعكس الأزمات السياسية والأمنية التي يشهدها العراق منذ عقود على حياة ومستقبل أطفال البلد الذي يعيش فيه نحو 5 ملايين طفل يتيم وتعصف به منذ 9 سنوات هجمات دامية يومية قتل فيها عشرات الآلاف.ويقول المتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان كامل الأمين أن «المشاكل التي تتعلق بواقع الطفولة في العراق، تمثل تحديات كبيرة».وأضاف أن «أكثر شريحة متضررة في العراق هي شريحة الأطفال لكونهم الكيان الأضعف الذي يحتاج إلى رعاية واهتمام»، مؤكداً أن «أوضاع الطفل ليست بالمستوى المطلوب قياسا بإمكانات العراق».وتشير وزارة حقوق الإنسان إلى أن نحو نصف سكان العراق البالغ عددهم نحو 32 مليون نسمة هم دون 18 عاماً.وبحسب صبا زكي رئيسة منظمة «الرابطة الإسلامية لنساء العراق» التي ترعى نحو ألف يتيم، فإن هناك 5 ملايين يتيم في عموم العراق «70% منهم ضحايا إرهاب وأعمال عنف».وتوضح زكي «أغلب الأيتام الذين نقدم الرعاية لهم هم بين 6 إلى 14 عاماً، ويعيشون تحت خط الفقر واغلبهم ضحايا هجمات إرهابية وأعمال عنف».ويعيش العراق منذ اجتياحه على أيدي قوات تحالف دولي قادته الولايات المتحدة أعمال عنف يومية قتل فيها عشرات الآلاف من رجال ونساء وأطفال.وغالبا ما تستهدف الأسواق الشعبية في عموم البلاد بالعبوات الناسفة والسيارات المفخخة ويقتل فيها الأطفال خصوصاً، كما تستهدف المدارس بين الحين والآخر. وتقول سهام عبد العزيز «35 عاماً» والدة حسين «12 عاماً» وعبد الله «10 أعوام»، التي خطف زوجها محمد وقتل على أيدي مجهولين في بغداد عام 2006 إنها تؤمن عيش ولديها بمساعدة والدتها التي تعمل في محل لبيع المواد الغذائية في منطقة المنصور غرب العاصمة.ويروي حسين بصوت حزين «أتذكر أبي، كان لديه محلاً تجارياً ويجلب لي أشياء كثيرة كل يوم لدى عودته من العمل».وتابع «أتمنى لو كان أبي على قيد الحياة لكي أخرج معه ونذهب إلى السوق أو أي مكان». وأكدت سهام أن ولدها حسين أصيب بصدمة لدى تلقيه خبر مقتل أبيه، وأشارت إلى أنه «حتى اليوم، يقول لي أساتذته دائماً بأنه يعاني من حالات شرود ولا يرد على الأسئلة حتى لو يعرف الإجابة».ومن أكبر الهجمات الإرهابية التي استهدفت الأطفال تفجير عند ملعب لكرة القدم في 13 يوليو 2005 في منطقة النعيرية شرق بغداد أدى إلى مقتل 32 طفلاً، وقد اعتمد هذا التاريخ يوماً للطفل العراقي تخليداً لذكرى ضحايا الهجوم.ويقول المتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان إن للسياسة أيضاً تأثيرها على حياة أطفال العراق ومستقبلهم حيث إن «الصراعات السياسية تقف في طريق معالجة مشاكل كثيرة تؤثر على حياة الطفل، بينها مشكلة بناء مدارس جديدة».وأعلن وزير التربية محمد تميم الجبوري في مارس الماضي أن العراق بحاجة إلى 6 آلاف مدرسة حالياً وكذلك إلى 600 مدرسة إضافية في كل عام لاستيعاب الطلبة الجدد في الدراسة الابتدائية، مشيراً إلى قلة التخصيصات المالية لمعالجة هذا الأمر.ويرى الأمين أن «الفجوة بين العراق والدول الأخرى كبيرة، خصوصاً في مجال التعليم، نتيجة سوء إدارة الملف التعليمي إبان النظام السابق وحتى حالياً. لا تزال لدينا مشاكل كبيرة في مجال التعليم»، مشيراً إلى أن التخصيصات المالية لقطاع التعليم تبلغ نحو 6% من الموازنة الحكومية السنوية.ويعاني أطفال العراق من مصاعب إضافية ناجمة عن مشاكل أخرى مثل أزمة السكن وعمليات التهجير الطائفي التي مثلت «كارثة» على الأطفال وأدت إلى ابتعادهم عن المدارس وزيادة في عمالة الأطفال، وفقاً للمتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان.ويقول المحلل السياسي إحسان الشمري «كنا نأمل أن تكون هناك خطط لإعادة تأهيل قطاع الطفولة وبناء مجتمع جديد بعد رحيل النظام السابق، لكن مصالح الكيانات السياسية والصراعات وقفت عائقاً» أمام ذلك.^ «فرانس برس»
970x90
970x90