لم يكن ما أثار ذهول المواطنين الأمريكيين في الفضيحة التي أحاطت بالاستقالة المفاجئة لمدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سي.آي.ايه» ديفيد بترايوس الذي تورط في علاقة خارج رباط الزواج هي الشخصيات البارزة التي شملتها الفضيحة فحسب بل أيضاً السهولة التي تجسست بها السلطات على حسابات بريدية إلكترونية شخصية.
وفي الغالب لا يعلم الأشخاص الذين يخضعون لعمليات تفتيش إلكترونية أبداً بأمر تعرضهم للتجسس ناهيك عن سببه.
وفي الآونة الأخيرة بدأت شركات كبرى تعمل في مجال التكنولوجيا وبينها «غوجل» و»فيسبوك» في مقاومة هذا التجسس رافضة الكشف حتى عن الرسائل القديمة دون أمر قضائي.
وسلطت الأضواء على هذه القضية بعد الفضيحة التي لا تزال تتكشف أسرارها والتي بدأت بالكشف عن علاقة غرامية بين الجنرال ديفيد بتريوس وكاتبة سيرته بولا برودويل أثناء عمله مديراً لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
واكتشفت العلاقة بعد شكوى تقدمت بها جيل كيلي - وهي صديقة لأسرة بترايوس وتقيم في تامبا - لفرع مكتب التحقيقات الاتحادي «إف.بي.آي» في المدينة بشأن تلقيها رسائل إلكترونية مزعجة مجهولة المصدر.
ولم تكن كيلي نفسها تدرك إلى أي مدى يمكن أن يتسع التحقيق الإلكتروني إلى خارج نطاق السيطرة. وكتبت كيلي رسالة إلكترونية إلى رئيس بلدية تامبا باي قالت فيها إن أسرتها «مرت بتجربة قاسية» وذلك لأسباب منها أن الشرطة كشفت عن 911 نص اتصال هاتفي مرفق به عنوان منزلها ورقم هاتفها المحمول.
وكانت هذه الرسالة الإلكترونية بدورها بين الرسائل التي جرى الكشف عنها بعد طلبات تقدمت بها وسائل إعلام إلى مجلس المدينة للاطلاع على سجلات عامة.
وفي التحقيق الأولي انتاب القلق مكتب التحقيقات الاتحادي من أن يكون الشخص المجهول الذي بعث الرسائل الإلكترونية إلى كيلي لديه معلومات سرية حول مكان بترايوس. وقال مصدر من جهات تنفيذ القانون إن المكتب أصدر مذكرة إدارية تمكن المسؤولين من فحص الحسابات البريدية الإلكترونية التي بعثت منها الرسائل.
وعلم المحققون أن برودويل هي التي بعثت الرسائل إلى كيلي. واطلع مكتب التحقيقات الاتحادي في النهاية على الكثير من الرسائل الإلكترونية وذلك على الأرجح بناء على إذن قضائي أو موافقة الراسلين. ورفض المكتب التعليق في هذا الصدد.
وفي تطور آخر، يخضع قائد قوات حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة في أفغانستان الجنرال جون آلن للتحقيق حاليا لما تردد بشأن اتصال غير لائق مع كيلي اكتشف في إطار تحقيق المكتب الاتحادي. وقال مسؤولون طلبوا عدم ذكر أسمائهم إن آلن نفى وجود علاقة جنسية بينه وبين كيلي.
وقال ناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الخصوصية إن التجسس المصرح به وصل سريعاً إلى مستوى غير مسبوق في الولايات المتحدة مشيرين إلى أن فضح مسؤولين عسكريين بارزين غير متهمين بأي جريمة هو فرصة للتأمل في هذا التطور.
ويمكن لمكتب التحقيقات الاتحادي -الذي يتمتع بسلطة واسعة على الجرائم الإلكترونية من تزوير وثائق الهوية إلى المطاردة على الإنترنت - جمع المعلومات التقنية اللازمة حول حسابات البريد الإلكتروني الخاصة بالمواطنين بمجرد إصدار مذكرة.
ويمكن لمسؤول بارز في مكتب التحقيقات الاتحادي أو من يعادله إصدار المذكرة التي لا تستلزم موافقة أحد القضاة. ويشيع إصدار المذكرات في التحقيقات التي تجريها هيئات محلفين كبرى وغيرها من التحقيقات التي تجرى حول الجرائم التي تتضمن أطرافا متعـــددة.
^ «رويترز»