كتب - محرر الشؤون المحلية:
أظهر زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله استماتة في الدفاع عن طهران في خطابه بمناسبة ذكرى عاشوراء أمس، ووصل إلى حد وصف من يعتبر إيران عدواً بأنه «خادم لإسرائيل»، مستخدماً القضية الفلسطينية مطية للتسويق لإيران في المنطقة وخاصة البحرين، فيما ظهر تناقضاً واضحاً بين تجاهله للمآسي والمجازر التي يعانيها الشعب السوري من جهة ودعوته للاستجابة لما أسماه مطالب شعب البحرين.
ولا يُخفي حزب الله تبعيته لنظام ولاية الفقيه في إيران، ليس فقط في الشق الديني إنما بتبعية كاملة تشمل صناعة توجهات الحزب العامة وقراراته وسياساته التفصيلية، وفقاً لخطابات معلنة ومنشورة منذ نشأة الحزب.
وتحاول إيران استثمار ما يجري في البحرين لتنفيذ أجندتها التوسعية بمد نفوذها في المنطقة، ولم يكن إقحام البحرين في خطاب نصرالله الأول صدفة فقد دأب على تكرار مضمون هذا الحديث منذ بداية الأزمة، وهو ما يتسق مع التوجهات الإيرانية الأمر الذي ظهر بوضوح في استنكاره ما أسماه «منع دول إقليمية الحل والإصلاح في البحرين» ولعله يقصد بذلك وقوف دول مجلس التعاون الخليجي للتصدي لمحاولات إيران وأتباعها في الداخل اختطاف هوية المملكة العربية والإسلامية. وفي حين اكتفى أمام عشرات آلاف القتلى والجرحى والمشردين في سوريا بسبب رعاية إيران للنظام السوري الذي ارتكب كل هذه الجرائم ومازال بالاكتفاء بالدعوة لوقف القتال، لم يخجل نصرالله من الزعم بأن إيران داعمة الشعوب المستضعفة والمظلومة، وهي النغمة التي يستخدمها عند الحديث عن الأوضاع في مملكة البحرين فقط، فضلاً عن بثه مغالطات وصفت بالصارخة حين زعم وجود «تضييق غير مسبوق في ممارسة الشعائر الدينية»، مستغلاً عواطف المستمعين في مناسبة بوزن عاشوراء، ويبدو أنه أخطأ اختيار مادة الهجوم هذه المرة أيضاً فاهتمام المملكة قيادة وشعباً والإجراءات المتخذة لتسهيل أمور المحتفين بهذه المناسبة على وجه الخصوص لا تخفى على أي مراقب في الداخل أو الخارج.
وفي سياق تسويقه للدور الإيراني في المنطقة، سعى زعم حزب الله جاهداً إلى إثبات أن إيران تحب العرب والمسلمين، مستشهداً بأن نظام طهران يساعد الفلسطينيين «لوجه الله» وليس لشيء آخر، غير أنه رد على نفسه وفي ذات الخطاب حين قال إن هذا الدعم يأتي من «موقعها العقائدي والاستراتيجي»، وقد تكون هذه العبارة واحدة من الكلمات القليلة المعبرة عن الحقيقة في خطابه الأخير إذ تعد طهران دولة طائفية بنص دستورها، وهو ما انعكس على محاولاتها نشر أفكارها الدينية وتعزيز مكانتها السياسية عبر محاولات التدخل في الشؤون الداخلية لمختلف الدول العربية والإسلامية، كما إن نصرالله نفسه أجاب في تصريح سابق مع مطلع الثورة السورية رداً على تأثير موقفه المؤيد لبشار على مكانة الحزب لدى شعوب المنطقة، فأجاب بأنه يتحرك من منطلق عقائدي ولا يهمه أن يفقد جميع أصدقائه أو محبيه في المنطقة. ويبدو أن تأثير العزلة التي تعاني منها طهران ووكلاؤها في مختلف دول المنطقة بدأ في التفاقم بسبب استمرار دعم نظام طهران وحزب الله للنظام السوري، الأمر الذي دفع نصرالله إلى الدعوة إلى «عدم تحويل الأصدقاء إلى أعداء»، محاولاً خلط الأوراق عبر رسم صورة وهمية بأن إيران هي حائط الصد للاحتلال الإسرائيلي.
وحتى هذه المحاولة اعتبرت يائسة بعد إعلان المقاومة الفلسطينية -التي لم تنكر تلقيها دعماً إيرانياً في بعض المراحل- ، انحيازها لإرادة الشعب السوري ورفض ممارسات النظام الإيراني، وهو ما لم يفعله ولا يملك أن يقدم عليه حزب الله أو جمعية «الوفاق» أو أي من أتباع طهران في المنطقة.