^ البرادعي: الجيش قد يتدخل ونعيش ديكتاتورية مبارك بنكهة تتمسح في الدين ^ صباحي: الاحتجاجات مستمرة


عواصم - (وكالات): أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية ياسر علي أنه لن تكون هناك تعديلات على الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، وذلك في ختام اجتماع ضم الرئيس المصري مع وفد من القضاة. وقال المتحدث الرئاسي المصري إنه «لا تعديلات على الإعلان الدستوري»، إلا أنه أضاف أن الرئيس المصري شرح للقضاة أن «التحصين هو على القرارات السيادية».
والتقى مرسي المجلس الأعلى للقضاء في محاولة لإيجاد مخرج من الأزمة السياسية العنيفة التي فجرها إعلان دستوري أصدره ومنح نفسه بموجبه سلطات مطلقة لكن المعارضة التي دعت إلى تظاهرات حاشدة اليوم، رفضت «أي حل وسط» وطالبت بإلغاء الإعلان برمته. وقال وزير العدل أحمد مكي الذي كان نائباً لرئيس محكمة النقض في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية في وقت سابق أن هناك إمكانية لحل مشكلة الإعلان الدستوري «من خلال إصدار مذكرة شارحة للإعلان الدستوري أو تعديل يوضح أن التحصين يتعلق بالقرارات السيادية التي يصدرها الرئيس وليس القرارات الإدارية الصرفة». وأضاف أن «الرئيس ومجلس القضاء الأعلى راضيان عن هذا التفسير».
غير أنه أكد أن «مقصد الرئيس الأساسي» من إصدار الإعلان الدستوري «كان أن يحصن مؤسسات الدولة الدستورية وهو موافق على ما طلبه القضاة من أن هذا الأمر لا يمتد إلى القرارات الإدارية الصرفة». وقال المتحدث الرئاسي المصري ياسر علي إن الرئيس مرسي متفائل إزاء إمكانية تجاوز الأزمة السياسية.
وقبيل بدء الاجتماع، أعلنت محكمة القضاء الإداري المصرية أنها ستنظر في 4 ديسمبر المقبل 12 دعوى تطالب بوقف تنفيذ وإلغاء الإعلان الدستوري. وبحسب مصدر قضائي استندت الدعاوي إلى أن «رئيس الجمهورية بوصفه رئيس السلطة التنفيذية لا يجوز له إصدار أية إعلانات دستورية دون استفتاء المواطنين عليها بإشراف قضائي كامل»، كما اعتبرت الدعاوى أن «الرئيس المصري أساء استعمال السلطة والانحراف بها خاصة عندما حصن قراراته من الطعن عليها أمام القضاء واعتبارها نافذة بشكل نهائي». وأكد مقيمو هذه الدعاوى في مذكراتهم أن «أي قرار يصدر عن الرئيس هو قرار إداري يخضع للطعن عليه أمام محاكم القضاء الإداري، وأن أي تحصين ضد إجراءات المراجعة القانونية لقرارات الرئيس لا يكون إلا بإلغاء مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا». وأكدت المعارضة المصرية، التي تضم كل الأحزاب غير الإسلامية من كل الاتجاهات إضافة إلى الحركات الشبابية، على لسان أحد أبرز رموزها المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي رفضها لأي حلول وسط. وشددت على أنه لا سبيل لإنهاء أكبر أزمة سياسية تشهدها مصر منذ تولي محمد مرسي منصبه قبل 5 أشهر إلا بإلغاء الإعلان الدستوري الجديد.
من جهته، أكد المعارض المصري البارز حمدين صباحي أن الاحتجاجات ستستمر في ميدان التحرير حتى إسقاط الإعلان الدستوري
وقال البرادعي في مقابلة نشرتها صحيفة «المصري اليوم» المستقلة «لا لأي حل وسط» لهذه الأزمة. وأضاف «عشت طوال عمري أؤمن بأهمية الحوار وأعمل من أجل التوصل إلى حلول وسط للقضايا الدبلوماسية لكن لا حلول وسط في المبادئ». وتابع «إننا أمام رئيس يفرض علينا نظاماً ديكتاتورياً مستبداً فإذا ألغي الإعلان يمكن أن نجلس للبحث عن توافق لأننا في النهاية لابد أن نعيش معاً». وسئل «وماذا لو أصر الرئيس على موقفه»، فأجاب «سنصر على موقفنا مهما مضى الزمن وبلغت التضحيات».
وأكد البرادعي أنه «لن يندهش إذا نزل الجيش» إلى الشوارع مرة أخرى «ليمارس مسؤوليته في منع الفوضى وحماية الوطن رغم أن ذلك يفتح الباب لتداعيات لا يعلم أحد إلى أي مصير تقودنا».
وتابع «عندما ينزل الجيش لحفظ الأمن فإنه سيعود حتماً إلى السلطة، وإذا نزل الجيش في ظروف قاسية فإنه سيبقى» في السلطة.
وقال البرادعي «نحن نسقط في براثن ديكتاتورية أشد من تلك التي تخلصنا منها، وبينما كنا نتوق إلى الحرية والعدالة نرى الآن نفس ديكتاتورية نظام مبارك ولكن بنكهة تتمسح في الدين».
وأمضى عشرات من معارضي مرسي ليلة جديدة في ميدان التحرير الذي تحول إلى معسكر تنتشر فيه الخيام منذ أعلنت المعارضة الاعتصام فيه مساء الجمعة الماضي احتجاجاً على قرارات الرئيس المصري. ودعت الأحزاب والحركات إلى تظاهرة «مليونية» في ميدان التحرير.
في المقابل قررت جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب السلفية إلغاء التظاهرة التي كان تنظيمها مقرراً اليوم في القاهرة «لتجنب الاحتكاكات والاشتباكات» مع التظاهرة التي تنظمها اليوم أيضاً القوى المعارضة.
وتفجرت الأزمة بسبب إصدار مرسي مساء الخميس الماضي إعلاناً دستورياً حصن بموجبه كل قراراته التي صدرت منذ توليه السلطة نهاية يونيو الماضي والتي سيتخذها خلال الأشهر المقبلة وحتى انتخاب مجلس شعب جديد عقب وضع دستور جديد للبلاد. كما حصن الإعلان الجمعية التأسيسية التي يهيمن عليها الإسلاميون من الحل استباقاً لحكم قد يصدر خلال الشهر المقبل عن المحكمة الدستورية العليا التي تنظر طعناً بعدم دستورية قرار تشكيل هذه الجمعية.
وترفض المعارضة المصرية مشروع الدستور الذي تقوم بإعداده هذه الجمعية التي انسحب منها تقريباً كل ممثلي القوى المدنية والليبرالية والكنيسة والأزهر وترى أنه لا يحقق مطالب الثورة التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير 2011 ولا يحصن الحريات العامة والشخصية ولا يؤسس لنظام ديمقراطي.
وبرر الرئيس المصري هذه القرارات برغبته في «حماية الثورة» وهو تعبير يفتح الباب، بحسب خصومه، لصناعة ديكتاتور.
وأدى الغضب إلى انفجار تظاهرات ووقوع اشتباكات بين أنصار ومعارضي مرسي في عدد من المحافظات وإحراق بعض مقار جماعة الإخوان. وبحسب وزارة الصحة أسفرت المواجهات حتى الآن عن مقتل شخصين وإصابة 444 آخرين.
فقد قتل الشاب إسلام مسعود الذي أكدت جماعة الإخوان أنه ينتمي إليها في مواجهات أمام مقر الجماعة بمدينة دمنهور جنوب الإسكندرية وشيعه مئات في مدينته أمس.
في الوقت نفسه شارك الآلاف في تشييع ناشط شاب معارض لجماعة الإخوان المسلمين توفي أمس متأثراً بجراح أصيب بها خلال مواجهات مع الشرطة الأسبوع الماضي.
وكان جابر صلاح العضو في حركة 6 أبريل وفي حزب الدستور وشهرته «جيكا» أصيب في اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين في شارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير الأسبوع الماضي.
ونعى مرسي الشابين، كما توعد بمعاقبة المتسببين في مقتلهما.
وقال التلفزيون المصري في نبأ عاجل، إن رئاسة الجمهورية المصرية طلبت من النائب العام سرعة التحقيق في مقتل الشهيدين جابر صلاح وإسلام مسعود. وامتدت الاحتجاجات إلى وزارة الخارجية المصرية.
وأرسل أكثر من 200 دبلوماسي مصري مذكرة لوزير الخارجية محمد كامل عمرو يعترضون فيها على تعليماته لهم بالدفاع عن الإعلان الدستوري.
وأعرب الدبلوماسيون المحتجون في مذكرتهم عن «الحزن والاندهاش» لتلقيهم برقية من مكتب الوزير «تتضمن نقاط استرشاد من قبل مجلس الوزراء لتبرير الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس والانسحابات من الجمعية التأسيسية للدستور». وأضافت المذكرة أن «التراجع عن أهداف الثورة، هو خيانة لثورة بُذل فيها الدم وإن صميم عملنا الدبلوماسي هو الدفاع عن مصالح مصر العليا وأمنها القومي ما يتوجب معه ترفع مؤسستنا عن الصراعات السياسية».
من جانبها، أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة في مصر، مؤكدة تمسكها بالديمقراطية في هذا البلد.
من جهته، دعا البيت الأبيض إلى الهدوء في مصر كما دعا كل الأطراف إلى حل الخلافات بشأن الأزمة الدستورية سلمياً.