قال المستشار محمد آل بن علي الأكاديمي في القانون الدستوري والعلوم السياسية، إن:« الفقه الدولي المعاصر يؤيد التجريد من الجنسية لحماية كيان الدولة من الأفعال الخطرة ضد أمنها القومي مع ضرورة تقيد استعماله إلى أقصى حد، مشيراً إلى أن سحب الجنسية وسيلة ناجعة لحماية كيان الدولة الأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، إضافة لكونه جزاء أو عقاباً لشخص أو عدد من الأشخاص ما دام ثبت في حقهم أفعال ضارة تهدد الأمن القومي”.
ووصف آل بن علي، بعض المنظمات الحقوقية والأشخاص القانونين والسياسيين الذين انتقدوا قرار مملكة البحرين بشأن سحب الجنسية البحرينية من 31 شخصاً بأنهم جاهلون أو يتجاهلون ما ورد في الإعلان الدولي لحقوق الإنسان من أجل الادعاء أو القول إن التجريد من الجنسية أمر محظور بموجب القانون الدولي وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وأن مملكة البحرين خرقت قواعد القانون الدولي.
وأوضح المستشار آل بن علي أن” الموقف في الاتفاقات الدولية بشأن مدى مشروعية حق الدولة في التجريد من الجنسية واضح ولا يقبل الاجتهاد فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص في المادة “15/2” على عدم جواز حرمان الشخص من الجنسية تعسفاً أو بطريقة تحكمية، مضيفاً أن هذه المادة لم تقل”يحظر” وإنما قالت “عدم جواز” في حالات محددة “التعسف والتحكمية”، فقط وبالتالي يحق للدولة سحب الجنسية ممن يحمل جنسيتها وفق الحالات التي يحددها قانون تنظيم الجنسية”. وأضاف المستشار آل بن علي، أن” أغلب الاتفاقات الدولية تؤيد حق الدولة بسحب جنسية الموطنين من جنسيتهم كجزاء أو على سبيل العقاب شريطة ألا يكون ذلك تعسفياً أو تحكمياً أو لأسباب عنصرية أو عرقية، ودلل على صحة ما يقول إن أغلب التشريعات المنظمة للجنسية ومن تلك الدول الديمقراطية العريقة كأمريكا ودول أوروبا تقرر في حالات محددة حق الدولة في تجريد مواطنيها من جنسيتهم، وأشار إلى أنه لو كان التجريد من الجنسية أمراً محظوراً أو خرقاً لقواعد القانون الدولي لما تضمنته التشريعات الوطنية في تلك الدول”.
واستشهد آل بن علي، بأمثلة شهيرة، بينها تجريد الاتحاد السوفيتي السابق للروس المعارضين للنظام السوفيتي من الجنسية الروسية وتجريد ألمانيا النازية لليهود الألمان من جنسيتهم الألمانية، مردفاً” رغم أن تجريد الروس المعارضين واليهود الألمان كان تعسفياً ومحاولات القضاء الفرنسي والسويسري عدم الاعتراف بآثاره في فرنسا وسويسرا إلا أنهما عدلوا عن موقفهم واعترفا بقرارات التجريد والآثار المترتبة عليها الصادرة من الدول الأجنبية بحق رعاياها وكذلك أخذ القضاء البولندي والأمريكي مسلك الاعتراف بآثار التجريد من الجنسية الصادرة من الدول الأجنبية”.
وعن موقف التشريع الأمريكي للجنسية بالنسبة للتجريد من الجنسية الأمريكية، قال، إن:« قانون الجنسية الأمريكية الصادر عام 1952 يعتبر الأفعال الضارة بالأمن القومي سبباً عاماً للتجريد من الجنسية يشمل الأمريكي والأمريكي المتجنس، بل ذهب إلى المحظور في الاتفاقات الدولية إذ أجاز التجريد من الجنسية الأمريكية في المادة “98” بسبب الانتماء إلى دين أو مذهب سياسي معين يهدد الأمن القومي”. وأوضح المستشار آل بن علي، أن” قانون الجنسية البحرينية خاصة في النصوص المنظمة للتجريد من الجنسية البحرينية يتوافق مع الاتفاقات الدولية وعلى رأس تلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويعتبر أحد أفضل التشريعات على المستوى الدولي بالمقارنة، مشيراً إلى أن من خصائصه أنه لم يوكل اختصاص التجريد من الجنسية البحرينية للسلطة التنفيذية منعاً من التعسف أو التحكمية، ولا يقع بقوة القانون، وليس إلزامياً وإنما جوازي، ومقيد الاستعمال في حالات، وألا يشمل الإسقاط من الجنسية الزوجة والأولاد، ولا يحظر رد الجنسية البحرينية لمن رد منها في المستقبل”.