يعرض برنامج «ليالٍ عربية» في الدورة التاسعة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، مجموعة مميزة من الأفلام العربية وقصص الجاليات العربية حول العالم ومشاغلها وهمومها وتطلعاتها، وأبرزها فيلم «الصدمة» لزياد دويري و»عندما يأتي الظلام» لسينتيا شقير و»أطفالنا» للمخرج البلجيكي جواشيم لافوسي.
وقال المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي مسعود أمر الله آل علي «الأفلام المعروضة تركز على الواقع العربي سواء داخل الوطن العربي أو خارجه، وعلى اتصال بعمق مع أزمة الهوية والانتماء، ودائماً في سياق قصص مصنوعة بحبكة سينمائية عالية، ودراما مشوقة قادرة أن تضع المشاهد أمام أسئلة كبيرة».
وأضاف «غالبية الأفلام لمخرجين عرب يعيشون في أمريكا وكندا وأوروبا، بينما تحضر أفلام لمخرجين أجانب يقاربون موضوعات على اتصال بالمهاجرين العرب، والنتيجة جرعة سينمائية عربية خاصة جداً». تبدأ قائمة «ليالٍ عربية» بباكورة أعمال المخرجة والكاتبة سالي الحسيني «أخي الشيطان»، ويعرض عربياً لأول مرة من خلال دبي السينمائي، وتقارب المخرجة في أولى أعمالها الروائية الطويلة دهاليز الطبقة العاملة شرق لندن الزاخرة بتنوعها العرقي، من خلال قصة «مو» الذي نشأ وترعرع في بيت مصري تقليدي مع أخيه رشيد مثله الأعلى.
صُوّر الفيلم في منطقة هاكني حيث وقعت أعمال شغب، وحصد جائزة أفضل تصوير سينمائي في مهرجان «صندانس» هذا العام.
ويُعرض «وادي الدموع» للمخرجة الكندية ماريان زحيل لأول مرة في منطقة الخليج، ويتناول الجروح النفسية والرغبات المتناقضة لعائلة فلسطينية قدرت لها النجاة من مذبحة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات صبرا وشاتيلا في لبنان، من خلال صحافية كندية تمضي إلى لبنان بعد تلقيها عدداً من الطرود الغامضة.
بينما يمضي فيلم «أطفالنا» للمخرج البلجيكي جواشيم لافوسي وبطولة الممثلة إيميلي دكوين «جائزة أفضل ممثلة عن الفيلم في مسابقة نظرة ما» في مهرجان «كان» هذا العام قدماً نحو مأساة تطال عائلة منير الذي نشأ وترعرع في كنف طبيب بلجيكي، وبقي مصدره المالي حتى بعد زواجه وإنجابه.
وفي عرض عالمي أول يأتي فيلم «تقاسيم الحب» حاملاً مقاربة خاصة للحب وعلاقة المرأة بالرجل، أخرج الفيلم يوسف الديب مؤسس قناة «فتافيت»، بينما تلعب البطولة فيه مديرة القناة دارين الخطيب.
وفي سياق متصل بالحب يقدم المخرج العراقي حسن علي فيلم «شيرين» في عرض عالمي أول، مستعيداً القصة الأسطورية الشهيرة «فرهاد وشيرين» وليقدمها في قالب درامي معاصر، محمل برومانسية ورقة الحب، منتقلاً بالعاشقين من العراق إلى فرنسا.
وتتناول المخرجة اللبنانية سينتيا شقير انعكاسات مشكلة الكهرباء على المجتمع اللبناني من خلال فيلم «عندما يأتي الظلام» ويعرض عالمياً للمرة الأولى، حيث يعالج مشكلة الكهرباء في لبنان من خلال قصة جمال وقصص شخصيات أخرى، تغيرت حياة كل واحدة منها بسبب الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي في لبنان.
وعلى اتصال بالصراع العربي الإسرائيلي يأتي جديد زياد دويري «الصدمة»، ليقدم معالجة لرواية الكاتب الجزائري ياسمينا خضرا، إذ يحكي الفيلم عن الجرّاح الفلسطيني أمين الذي يعيش في إسرائيل، وينتقل من نجاح لآخر، ولا يجد إلا الاحتفاء من قبل الإسرائيليين.
تقع عملية فلسطينية استشهادية، وتقلب حياة أمين رأساً على عقب، وتدخله في نفق طويل من الأحداث والاكتشافات، معيداً طرح أسئلة كان يعتقد واهماً أنه تخلص منها، أسئلة حول هويته وعائلته ومجمل حياته.
وفي مقاربة للواقع اللبناني المعاصر يأتي فيلم «قصة ثواني» الذي تريد له مخرجته اللبنانية لارا سابا أن يكون فيلماً ملحمياً يرصد من خلال شخصياته الثلاث مدينة بيروت بكل تعقيداتها، في إدارة لمجموعة مميزة من الممثلين.
وبالانتقال من بيروت إلى كازابلانكا يحضر فيلم «الدار البيضاء حبي» من تأليف وإخراج جون سلاتيري، ويقدم وجهة نظر مغربية بخصوص العلاقة الطويلة والمتشعبة بين هوليوود والعالم العربي، ويُعرض الفيلم عالمياً للمرة الأولى.
بينما تقدم المخرجة الدنماركية ذات الأصول التركية ميرال أوسلو فيلمها الروائي الأول «سناك بار»، ويتناول بجرأة وعمق عوالم مجموعة شبان هولنديين من أصول عربية وتحديداً مغاربية، إذ نقع عليهم مجتمعين أمام مطعم عند ناصية الشارع، ولكل منهم حكايته ومعاناته.
ومغربياً أيضاً يُعرض للمخرجة خديجة لكلير فيلمها «خنشة ديال الطحين»، ويحكي قصة سارة التي نشأت في دار أيتام كاثوليكي في بلجيكا سبعينات القرن الماضي، وعاشت سنوات مراهقتها المتمردة تصارع الفقر في جبال الأطلس المغربية.
وبعد غياب طال 12 عاماً يعود المخرج السوري باسل الخطيب إلى السينما بجديده «مريم» في عرضه العالمي الأول، ويسجل من خلاله 100 عام من تاريخ سوريا عبر 3 قصص لـ3 نسوة يعشن في حقب تاريخية مختلفة، من بطولة مجموعة من النجوم السوريين سلاف فواخرجي وصباح الجزائري وأسعد فضة وعابد فهد. وتشارك المخرجة رولا ناشف بفيلمها الروائي الأول «ديترويت أنلادد» ويعرض عربياً للمرة الأولى، حول شاب أمريكي يافع من أصول لبنانية تجبره الظروف بعد وفاة والده على إدارة محطة وقود تملكها العائلة.
وأخيراً يتناول العراقي الإيطالي حيدر رشيد في «مطر وشيك» قصص من تتنازعهم الهويات وتعتصرهم الجنسيات، ونحن نعاين مصائر جيلين من المهاجرين، الأول يجسّده أب جزائري، والثاني يحضر من خلال ابنيه الإيطاليين، وهما يناضلان للتأقلم مع بلد ميلادهم إيطاليا، لكن يبقى الرفض مهيمناً على أغلب ما يقابل جهديهما في مجتمع إيطالي لا يفتح ذراعيه لهما. من جهتها قالت مبرمجة برنامج «ليالٍ عربية» أنتونيا كارفر «يعتبر عام 2012 استثنائياً بالنسبة لأعمال السينما العربية وما شهدته من تطور، بدءاً من تقديم دعم برنامج صندوق إنجاز لإنتاج فيلم قصة ثواني، أول عمل روائي طويل للمخرجة لارا سابا، ويتناول عدداً من القضايا الاجتماعية في بيروت، وفيلم زياد دويري الصدمة ويتناول الصراع العربي الإسرائيلي من زاوية مجتمعية داخل المجتمع المضطرب لعاصمة الكيان».
وأضافت «نجح المخرجين العرب في الارتقاء بمعايير الإبداع، والخروج بأعمال تتسم بالجرأة غير المسبوقة، تاركين مخاوفهم وراء ظهروهم، وكاشفين لمخاوفهم وآمالهم وتطلعاتهم تجاه المجتمعات العربية».
ولفتت إلى أن برنامج «ليالٍ عربية» هذا العام يقدم رؤية فريدة لمجتمعات عربية في قوالب من المكاشفات الصريحة، وتتناول قضايا الحياة عموماً من الحب إلى السياسة وغيرها».
وقالت «مع كل عام نشهد تطوراً في جودة الأفلام المشاركة وفي هذا العام تدفعنا أفلام البرنامج إلى التأكيد أن ما يشاهده الجمهور سيكون معبراً واضحاً لمعاينة العديد من جوانب الحياة العربية داخل الوطن العربي وخارجه، وفي تتبع لكل تجليات المواطن العربي وأحلامه وكوابيسه».