دعا وزير شؤون حقوق الإنسان صلاح علي مجلس حقوق الإنسان إلى توجيه الدول الأعضاء فيه لعدم تسييس برنامج المراجعة الدورية الشاملة بالمجلس، مشيراً إلى أن ليس هناك قوالب جاهزة في التعاطي مع التوصيات ويجب مراعاة خصوصية كل دولة.
وقال وزير حقوق الإنسان ضمن برنامج عمل مؤتمر أسبوع إدارة الحكم العربي في القاهرة إن “برنامج المراجعة الدورية الشاملة التي تخضع لها جميع الدول الأعضاء 193 دولة من دون استثناء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على درجة كبيرة من الأهمية”، مؤكداً حرص البحرين على “التعاون مع كافة الأجهزة الأممية، إذ كانت المملكة أول دولة خضعت لهذه المراجعة خلال الدورة الأولى لهذا البرنامج في عام 2008، كما خضعت للمراجعة الثانية خلال شهر مايو من العام الجاري 2012، وقد تعاطت بشكل إيجابي مع مجلس حقوق الإنسان”.
وأوضح أن “البحرين قبلت ما يقارب 90% من التوصيات البالغ عددها 176 توصية غطت الكثير من المواضيع والقضايا كحقوق المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة والعمال والمساءلة المدنية والعدالة الجنائية والمصالحة الوطنية وغيرها من المواضيع”.
وأكد الوزير علي أن “مجلس حقوق الإنسان مطالب بأن يبين للدول أن التوصيات التي تصدر منها يجب أن تكون ذات صبغة حقوقية ومهنية وأن تكون محددة وواضحة وقابلة للتنفيذ لكي تستطيع الدولة المعنية التعامل معها بشكل إيجابي، مشيراً إلى أن بعض التوصيات التي تصدر من بعض الدول خلال برنامج المراجعة تفتقر إلى الصياغة الدقيقة، كما إن البعض منها يكون ذا صبغة سياسية وليست حقوقية، أو أنها تمس سيادة الدول. وأضاف أن العديد من التوصيات بالرغم من تعددها إلا أنها تتضمن موضوعات مكررة، ضارباً مثلاً بالتوصيات التي كانت لمملكة البحرين والتي بلغ عددها 176 توصية، وهي في حقيقتها تتعلق بتسعة عشر موضوعاً فقط، مشدداً على أهمية أن يقوم مجلس حقوق الإنسان بضبط هذا الأمر عن طريق توعية الدول بذلك، وذلك بغية أن يحقق برنامج المراجعة الدورية الشاملة الهدف الذي وجد من أجله وألاّ يتحول إلى منبر للتجاذبات السياسية أو الإساءة للدول أو التدخل في شؤونها.
وأبدى الوزير ملاحظته المتمثلة في أن الدول التي تلتزم بالصكوك الدولية المعنية بحقوق الإنسان بأنها تتعرض للهجوم والنقد دائماً، حتى من الدول التي ليست طرفاً في هذه الصكوك، وهو الأمر المستغرب، وكأنها تقدم رسالة خاطئة للدول بتجنب تصديقها على بقية المعاهدات المرتبطة بحقوق الإنسان حتى تجنب نفسها المزيد من التبعات والمساءلات، كاشفاً الوزير بأن المملكة قد وقعت على سبع معاهدات من أصل تسع معاهدات حقوقية وتتدارس الانضمام للبقية، إضافة إلى ملاحظة أخرى تتمثل في زيادة الضغط على الدول التي يتمتع فيها المجتمع المدني بحرية الحراك والعمل بحرية وفاعلية، بينما لا تتعرض الدول التي لا يوجد فيها حراك لمؤسسات المجتمع المدني أو يكون هذا الحراك ضعيفاً أو مقيداً لأي متابعة أو ضغوط، مما يعطى انطباعاً ورسائل سلبية للدول في هذا الخصوص.
وعرج الوزير إلى بيان أن مملكة البحرين في سبيل تطبيق التوصيات التي صدرت عن برنامج المراجعة الدرية الشاملة الذي خضعت له خلال هذا العام، قد شكلت لجنة تنسيقية عليا لحقوق الإنسان من مختلف الوزارات المعنية ، وذلك بهدف متابعة تنفيذ هذه التوصيات مع الجهات المعنية والعمل على سرعة تنفيذها، مبيناً أن هناك توصيات قد نفذت فعلاً، وهناك توصيات تحتاج إلى بعض الوقت خاصة تلك التي تقع ضمن صلاحيات السلطة التشريعية، ملقياً في ذات الوقت إلى أهمية مؤسسات المجتمع المدني في متابعة تنفيذ هذه التوصيات ونشر الوعي بأهميتها وبالمسائل المتعلقة بها.
وبين الوزير علي أن وسائل الإعلام تلعب دوراً مهماً في توفير المعلومات ورصد الخطوات المتعلقة بتنفيذ التوصيات الصادرة عن برنامج المراجعة الدورية الشاملة، وكذلك نشر الثقافة والتوعية الخاصة بهذه المراجعة بأسلوب بسيط لتصل المعلومة إلى مختلف شرائح ومكونات ومستويات المجتمع.
وأوضح الوزير أن مملكة البحرين قد أنشأت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وفق مبادئ باريس، والتي تتمتع بصلاحيات واختصاصات واسعة في المجال الحقوقي وفقاً للمبادئ المعتمدة لعمل هذه المؤسسات.
واختتم الوزير مداخلته بالإشادة بأهمية برنامج المراجعة الدورية الشاملة، ورغبة مملكة البحرين في التعاون والاستفادة من جميع مخرجات هذا البرنامج في الارتقاء بحقوق الإنسان في المملكة، مستشهداً بذلك أن وفداً فنياً من المفوضية السامية لحقوق الإنسان سيقوم بزيارة إلى مملكة البحرين في الفترة 2-6 ديسمبر من العام الجاري 2012، للوقوف على احتياجات مملكة البحرين في مجالات حقوق الإنسان المختلفة، ووضع برنامج عمل لتنفيذ هذه الاحتياجات، كما بين أن مملكة البحرين قد وجهت دعوة إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان لزيارة المملكة خلال النصف الأول من العام القادم والالتقاء بالقيادة السياسية وعدد من المسؤولين ومؤسسات المجتمع المدني.
وأوضح أن لكل بلد خصوصيته ولكل بلد تجربته، فليس هناك قوالب جاهزة للجميع، مشيراً إلى ضرورة مراعاة الخصوصيات التاريخية والدينية والعادات والثقافات لكل بلد.