كتب - محرر الشؤون المحلية:
لايزال تخريب وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة يمثل أبرز مخرجات الإرهاب ونتائجه التي هدرها بالأموال العامة وإضراراً بالخدمات وحياة المواطن اليومية.
وفي الوقت الذي يهتم كثيرون بمتابعة تقارير الرقابة على هدر المال العام من قبل بعض أجهزة الدولة، ثمة أوجه أخرى لهدر المال العام نفسه قد لا تحظى بذات القدر من الاهتمام بمحاسبة المسؤول عنها، تتعلق بالاعتداءات المتكررة التي باتت مألوفة في مختلف المناطق وطالت الطرق والمدارس ومرافق النظافة والكهرباء، ومركبات عامة، مما يعيق مشاريع تنموية في كثير من المناطق، ويكبد ميزانية الدولة ملايين إضافية من الدنانير، توجد مشاريع عديدة هي في أمس الحاجة لها.
ويطال التخريب الممتلكات العامة والخاصة حتى قبل الأحداث الأخيرة، وإن كانت تصاعدت حدتها خلال الأحداث، وتعرضت محطات كهرباء للاعتداء بالحرق والتخريب، وطال التخريب أيضاً حدائق عامة تنفق الحكومة عليها مبالغ كبيرة، فيما تعرضت بعض القرى لتعطل جوانب من مشاريع التنمية الحضرية بسبب أعمال التخريب والعنف.
ولم يتوقف الضرر عند الممتلكات العامة وحدها بل طال الممتلكات الخاصة والشركات، وأدى إلى تصاعد الإيذاء لأرواح الأبرياء، إذ عمد الإرهابيون إلى زرع قنابل محلية الصنع وسط حاويات القمامة، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد من عمال النظافة وعمال آسيويين لا ذنب لهم.
كما أقدم مخربون على إشعال حرائق بعدد من مقرات الشركات الخاصة وخسرت جراء ذلك مبالغ كبيرة، فضلاً عن الرسائل السلبية التي توصلها مثل تلك الأفعال إلى المستثمرين ورؤوس الأموال، وهذا النوع من الخسائر بالاقتصاد الوطني يصعب حصرها نظراً لضخامتها.
وعلى الصعيد نفسه، تضرر عدد كبير من الأبنية التعليمية بالمدارس لأعمال حرق وتخريب، حتى إنه وفقاً لإحدى الإحصاءات تم تسجيل أكثر من 50 اعتداء خلال ستة شهور فقط، تنوعت بين إلقاء “المولوتوف” على المدارس، وتكسير نوافذها وأبوابها، وإشعال حرائق عند بواباتها وأسوارها، واقتحامها وارتكاب السرقة والتكسير والحرق لبعض المرافق والصفوف والمباني الإدارية، وتشويه الجدران بالكتابات.
ورغم إصدار أحكام قضائية بحق بعض مرتكبي تلك الجرائم، إلا أن البعض يرى أن هناك غياباً لمحاسبة شاملة تحد من الهدر المستمر في الممتلكات والخدمات العامة. ويطالب بتطبيق العقوبات اللازمة حيال ذلك الهدر.
ولم يدع القانون الممتلكات العامة دون تحصين، وشمل قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية الممتلكات العامة وجعل التعرض لها مشمولاً في أحد جوانب تعريف الإرهاب ما نصه “... أو إلحاق الضرر بالبيئة أو الصحة العامة أو الاقتصاد الوطني أو المرافق أو المنشآت أو الممتلكات العامة أو الاستيلاء عليها وعرقلة أدائها لأعمالها، أو منع أو عرقلة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم عن ممارسة أعمالها”.
كما حدد القانون تعريفاً خاصاً بالممتلكات والمرافق العامة حين نص على أن “الممتلكات العامة: العقارات والمنقولات المملوكة للدولة أو المؤسسات أو الأشخاص الاعتبارية العامة التي تكون مخصصة لمنفعة عامة”، والمرافق العامة: المشروعات التي تنشئها الحكومة أو تشرف على إدارتها، والخدمات والأنشطة التي تقدمها بقصد تحقيق غرض من أغراض النفع العام”.
ويضاعف قانون الإرهاب عقوبة الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات الجنائية إذا ارتكبت تنفيذاً لعمل إرهابي.
وفيما تعاني بعض المناطق من نسب تلوث عالية في الهواء ، تكررت حوادث إشعال الحرائق الكبيرة، كما لم تتوقف مجموعات المخربين عن عادة إشعال الإطارات محدثة نسباً كبيرة إضافية من التلوث، إضافة إلى الأضرار التي تلحقها بالطرق.
وأدت أعمال الإتلاف المتعمدة بحاويات القمامة إلى معاناة سكان تلك المناطق من تراكم القمامة مهددة بحدوث مشاكل بيئية وصحية، حتى وصل الأمر إلى رفع شركات النظافة صوتها عالياً محذرة من توقف أعمال رفع النفايات بعد خسائر قدرت بمليوني دينار لشركتين فقط.
ورغم جميع هذه الأضرار، أعطى التعافي الذي شهده الاقتصاد بعد انقضاء الأزمة من خلال مؤشرات سوق العمل، واتخاذ خطوات وصفت بالجادة على طريق الحل خصوصاً خلال الأشهر الأخيرة، أعطى مؤشرات إيجابية على وجوب تغليب مصلحة المواطن واحترام حق المواطن في حياة آمنة ومستوى أفضل من الخدمات، عبر الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، والتحلي بالمسؤولية الوطنية، وقيم التسامح والعيش المشترك.