أكدت ورشة العمل الحوارية حول «السياسات الاجتماعية وآليات صياغتها ومتطلباتها في دول مجلس التعاون» -في يومها الثاني أمس- أن الاستثمار في التنمية الاجتماعية يؤدي إلى بناء مجتمعات أكثر إنتاجية وقدرة على الاستدامة.
وقال أستاذ علم الاجتماع د. أحمد زايد في ورقته «السياسات الاجتماعية: السياق والمفهوم والتنفيذ دراسة لبعض التجارب الدولية (ماليزيا والنرويج وكندا)» إن السياسة الاجتماعية السليمة والتصميم والتنفيذ، هي أدوات فعالة في استراتيجيات التنمية الوطنية الهادفة إلى بناء مجتمعات تسودها المساواة، وتوفير فرص العمل، وتعزز النمو الاقتصادي، ومكافحة الإقصاء الاجتماعي، ودرء النزاعات.
وأوضح أن السياسة الاجتماعية هي آلية لبناء مجتمعات تسودها العدالة والاستقرار وتتوفر لها مقومات الاستدامة، وهي تتخطى السياسات القطاعية والبرامج والخدمات الاجتماعية، مبيناً أن الهدف النهائي للسياسة الاجتماعية هو تخفيف حدة الفقر والإقصاء الاجتماعي وإخماد بؤر التوتر الاجتماعي، وتحسين الرفاه العام لجميع المواطنين على اختلاف فئاتهم.
وأشار إلى أن السياسة الاجتماعية تنبع دائماً من سياق خاص، مبيناً أن السياسات الاجتماعية هنا لم تكن إطاراً جاهزاً أو إطاراً مستورداً من الخارج أو حتى إطاراً مستمداً من تجربة في سياق اجتماعي آخر، وإنما كانت تجربة نابعة من ظروف محلية خاصة تبلورت وتم صقلها من خلال مرونتها وقدرتها على التوافق والتفاعل مع التجارب العالمية الناجحة والمتطلبات الدولية.
وتابع د. زايد: لقد قدمت كل تجربة في ضوء هذا الفهم مدخلاً أو مفهوماً خاصاً للسياسات الاجتماعية كمفهوم الدولة التنموية في ماليزيا، ومفهوم الاستثمار الاجتماعي في تجربة كندا، والنهج التعاقدي في النرويج. كما قدمت كل تجربة نهجاً متميزاً في التنفيذ القطاعي للسياسات الاجتماعية فبرز قطاع محاربة الفقر في كندا، وبرز قطاع الصحة في تجربة النرويج وبرز قطاع رعاية كبار السن في تجربة ماليزيا.
دور فعال للدولة
من جانبه أشار أستاذ القانون الاجتماعي د. يوسف إلياس في ورقته «الإطار القانوني للسياسات الاجتماعية في دول مجلس التعاون» إلى الدور القيادي والفعال الذي تقوم به الدولة في رسم وتنفيذ السياسة الاجتماعية، مبيناً أن القانون هو الأداة التي تمارس الدولة بها سلطتها في رسم هذه السياسة وتنفيذها. ولفت إلى أن الأحكام الدستورية المؤطرة للسياسات الاجتماعية في دول المجلس، تضمنت عديداً من النصوص تقوم عليها هذه السياسات.
واستعرض د. إلياس أهم هذه النصوص ودلالاتها، باعتبارها (القاعدة الأساسية) التي تبنى عليها الأحكام القانونية المؤطرة للسياسة الاجتماعية في كل دولة.
وبينت ورقة د. إلياس فكرة الإطار القانوني للسياسات الاجتماعية على الفهم الكلاسيكي للسياسة الاجتماعية كونها تتمثل في استخدام القوة السياسية لرسم وتنفيذ عمليات في النظام الاقتصادي، لتحقيق نتائج لا يمكن أن يفي بها النظام الاقتصادي من تلقاء نفسه. وبحثت الورقة في مرجعيات الإطار القانوني للسياسة الاجتماعية في دول المجلس، وركزتها في اثنتين رئيسيتين هما الشريعة الإسلامية والصكوك والاتفاقات الدولية ذات الصلة بهذه السياسة المصادق عليها من قبل هذه الدول، وأشارت إلى (الصعوبات) التي تواجهها في التوفيق في بعض الأحيان بين هاتين المرجعيتين.
متطلبات لإدارة المخاطر الاجتماعية
بدورها تناولت أستاذة العلوم السياسية د. أماني قنديل في ورقتها «التخطيط لإدارة المخاطر في السياسات الاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي»، أربع نقاط رئيسة، تناولت الأولى التعريف بالإدارة الاجتماعية للمخاطر في علاقتها بالسياسات الاجتماعية، والثانية طرحت الخبرات الدولية في إدارة المخاطر الاجتماعية، أما النقطة الثالثة فأكدت أن هناك متطلبات لإدارة المخاطر الاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي، أولها: تواجد رؤية وفلسفة لتقوية رأس المال البشري، أو رأس المال الاجتماعي. ثانيها: أن يكون لدى صانعي السياسات الاستعداد للمراجعة النقدية لمفهوم السياسة الاجتماعية القائمة حالياً، وتحليل اللا مساواة الاجتماعية من جانب، والفجوات بين الذين يملكون والذين لا يملكون من جانب آخر. وخلصت د. قنديل إلى أن هناك خريطة للمخاطر Risk Mapping، لابد من تحديدها وفقاً للأولويات.
إنجازات منظمة «آيزو/ ISO»
من ناحيته تضمنت ورقة أستاذ علم الاجتماع د. شفيق شعيب «إدماج المسؤولية المجتمعية في السياسات الاجتماعية»، محورين، الأول مدخل حول الإنجاز الذي حققته المنظمة الدولية للتقييس (آيزو/ ISO)، بتقديمها لمواصفتها النوعية الإرشادية الجديدة، مواصفة «المسؤولية المجمعية» (آيزو 26000)، والتعبيرات والدلالات الجديدة التي يقدمها ذلك في إطار الفكر التنموي، والقوى والفئات الاجتماعية المستهدفة، وتم التوقف في هذا المحور عند جدل التقاطع والتجاوز المفهوميين والعمليين، بين هذه المواصفة الإرشادية الجديدة وما سبقها في هذا المجال، خصوصاً المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR).
وتضمن المحور الثاني تمريناً تطبيقياً يقدم نموذجاً للدور الذي يمكن أن تلعبه مواصفة «المسؤولية المجتمعية»، من خلال ما تتضمنه من مبادئ وموضوعات وقضايا، في المساهمة في وضع وتصميم السياسات الاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي، بالاستناد إلى المعطيات التي تضمنها تقرير الأسكوا «الأهداف الإنمائية للألفية في البلدان العربية 2011. الأهداف الإنمائية في زمن التحول، نحو تنمية تضمينية شاملة».
يشار إلى أن «ورشة العمل الحوارية حول السياسات الاجتماعية وآليات صياغتها ومتطلباتها في دول مجلس التعاون»
تنهي أعمالها اليوم بفندق الشيراتون، برعاية وزيرة التنمية الاجتماعية د. فاطمة البلوشي، وبحضور عدد من وزراء التنمية الاجتماعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والخبراء والمستشارين الخليجيين والعرب.