كتب - حسن عبدالنبي:
توقَّع محافظ مصرف البحرين المركزي، رشيد المعراج نمو الاقتراض الحكومي بنسبة 9% حتى العام المقبل، رابطاً ذلك بتوقعاته حول نمو الاقتصاد المحلي بنسبة 3.5% خلال العام 2013.
من جهة أخرى، توقَّع مصرفيون -على هامش حفل عشاء سنوي أقامته الجمعية البحرينية للمصرفيين مساء أمس الأول- أن يشهد العام 2013 مزيداً من الاندماجات المصرفية، رافضين تحديد عدد الاندماجات التي من المتوقَّع أن تحدث.
وأضاف المعراج «وضع البنوك والمصارف تعبر عنه بالدرجة الأساسية نتائجها الفصلية المعلنة حتى الآن، وكما هو واضح فإن الغالبية العظمى من البنوك حققت نتائج إيجابية».
وتابع محافظ المصرف المركزي «لا يعني ذلك أننا خارج دائرة المخاطر المحيطة بمعدلات النمو الاقتصادي العالمي حيث إن القطاع المالي بشكل عام في العديد من الدول لايزال يعاني مشاكل».
وشدَّد على أهمية «اليقظة تجاه التطورات التي تحدث في العالم وخارج المنطقة بغض النظر عن معدلات الربحية التي نحققها، مشيراً إلى أن التحدي الأبرز يتمثل في كيفية إدارة المخاطر والتوسع في العمليات المصرفية البحرينية.
ورأى أن تحقيق بعض البنوك في البحرين لخسائر مسألة طبيعية في سوق يضم أكثر من 100 بنك، منبهاً إلى أن غالبية البنوك التجارية حققت نتائج إيجابية، علاوة على أن المؤشرات عكس واقعاً جيداً نحو مستوى النمو في الودائع، ومستوى الاقتراض، إلى جانب مستوى النمو في حجم الأصول.
وتعقيباً على الارتفاع في مستويات الاقتراض الحكومي أوضح المعراج أن مستوى الاقتراض العام يتماشى مع الاحتياجات الحكومية المتعلقة بتمويل الميزانية، لكن المهم في الأمر أن النمو في القطاع الخاص هو المؤشر الذي ينبغي علينا مراقبته لأنه يعكس مسار النشاط الاقتصادي وحجمه في البحرين.
النمو في الاقتراض الحكومي
وقدَّر نسبة النمو في الاقتراض بنحو 9%، متوقعاً الاستمرار في تحقيق نمو بهذا المستوى، وخصوصاً أن الحركة الاقتصادية تنمو بوتيرة أقل من السنوات السابقة، وبالتالي فإن الإقراض سيكون متلائماً مع الحركة الاقتصادية، وذلك ينطبق -بحسب تقديره- على العام 2013، 2013 إذ إن التوقعات للنمو فيها تضعه في معدل 3.5%.
وفي السياق نفسه، أوضح المحافظ أن انخفاض نسبة إسهام القطاع المالي في الناتج الإجمالي القومي من مستويات 25% في الأعوام الماضية إلى نحو 17% في العام 2011 يعود إلى التوسع في إنتاج النفط وارتفاع أسعاره، متوقعاً أن تبقى مساهمة القطاع المالي في الناتج الإجمالي في المستويات نفسها.
في المقابل، أكد المدير التنفيذي للرقابة على المؤسسات المالية في مصرف البحرين المركزي خالد حمد أن السوق المالي لا يتحمل مزيداً من الرخص للبنوك التجارية بل إن المصرف المركزي يشجع على إجراء عمليات اندماج بين البنوك.
وقال حمد في تصريح للصحافيين: «رأينا منذ العام 2009 عدداً متواضعاً من الاندماجات غير أن هناك الكثير من البنوك تبحث موضوع الاندماج»، مشيراً إلى أن «المباحثات إذا ما انتهت إلى الاتفاق فإن عدد الاندماجات ستكون أكبر من سابقاتها».
وذكر حمد أن «المباحثات بين بنوك تعمل في القطاعين المفرد والجملة سواء البنوك الإسلامية أو التقليدية»، مؤملاً أن «يشهد العامين 2013 و2014 إعلاناً لاندماجات جديدة».
ونوه المدير التنفيذي للرقابة على المؤسسات المالية في «المصرف المركزي» إلى أن «المصرف المركزي» ماضٍ للترخيص لبنوك للعمل في قطاع الجملة حيث لايزال السوق بحاجة إلى هذا النوع من البنوك».
البنوك الإسلامية أمام تحديات
ورأى أن البنوك الإسلامية الاستثمارية تواجه تحديات اقتصادية مرتبطة بشح الفرص الاستثمارية، وخصوصاً مع تغير نظرة المستثمرين للسوق في ظل وجود تحديات عدة على مستوى الاقتصاد العالمي». وقال: رأينا أن بعض البنوك الاستثمارية في البحرين دخلت في استثمارات، وقامت باستحواذات لكنها قليلة».
وعن الورقة الاستشارية التي قدَّمها «المصرف المركزي» إلى المصارف يقترح فيها إدخال تعديلات على الممارسات الصحيحة للمكافآت التي تمنح عادة سنويّاً إلى أعضاء مجلس الإدارة في المؤسسات والبنوك قال حمد: «هذه الورقة هدفها التماشي مع التوجه الدولي بحيث تكون للمكافآت سياسة مكتوبة وعادلة، وتميز المكافآت بين مكافآت ثابتة ومتغيرة»، متوقعاً إقرار الورقة والتعديلات بداية العام 2013.
وأفاد «المصرف المركزي» سابقاً، بأن هذا التشاور يحدد مقترحات لممارسات سليمة لمكافأة البنوك المرخص لها من قبل المصرف المركزي، وأن هذه المقترحات تنطبق على جميع البنوك. وحدد المصرف المركزي يوم 10 ديسمبر المقبل موعداً نهائيّاً للحصول على تعليق من المؤسسات المالية بشأن المقترحات.
وأوضح «المصرف المركزي»، أن الورقة تشتمل على توجيهات جديدة من مجلس الاستقرار المالي بشأن تنفيذ مبادئ الممارسات السليمة ومعايير التعويض، وأن لجنة «بازل» للرقابة المصرفية تشدد على أهمية ترجمة التوجيهات الدولية في القواعد المحلية. وتماشياً مع أفضل الممارسات الدولية؛ فإن المصرف المركزي يعتزم إدراج هذه المبادئ والمعايير في مجلدات 1 و2 من كتاب القواعد.
من جهته، أكد الرئيس التنفيذي لبنك البركة الإسلامي، محمد المطاوعة أن البنك يسعى إلى المزيد من الاستحواذ على تمويلات العمليات التجارية بين البلدان، مستفيداً من حضور فروع بنك البركة في دول عدة في المنطقة وخارجها.
وأوضح المطاوعة أن تمويل التجارة البينية التي ينشط فيها تخص سلع رئيسة، مثل الأرز والقمح ومنتجات النفط والأدوية، مشيراً إلى أن موقع البحرين الاستراتيجي يشفع لها أن تكون رابطاً بين المصدرين في شرق آسيا على سبيل المثال والمصدرين في الوطن العربي، وكذلك بالنسبة لأوروبا.
وذكر المطاوعة أن هذا النوع من العمليات المشتركة، تدعى فيها بنوك تقليدية وإسلامية، وحجم تمويل العملية الواحدة من هذا النوع لا يقل عن 5 ملايين دولار.
وبيَّن أن أطراف هذه العمليات حكومات ومؤسسات حكومية وشبه حكومية، ومؤسسات كبرى، وفيها تغطية تأمينية من شركات تأمين والصناديق التي تسهم فيها الحكومات العربية مثل برنامج تمويل الصادرات، لافتاً إلى أن بنك البركة الإسلامي واحد من البنوك التي تقود التمويلات المجمعة.
من جهة أخرى، ذكر البنك أنه يستعد لطرح خدمات تأمين في العام 2013، والانتقال إلى مقره الرئيس في مقر مجموعة البركة في «بحرين بى»، حيث ستطرح عدة أدوات ومنتجات جديدة أيضاً.
إلى ذلك، أكد الرئيس التنفيذي لبنك البحرين والكويت، عبدالكريم بوجيري أن حث سمو ولي العهد إلى التسريع بإقامة هذه الفعاليات سيؤدي إلى تحقيق الأهداف المنشودة.
وحول انخفاض نسبة مساهمة القطاع المالي في الناتج القومي من 25% إلى 17% في العام 2011 قال بوجيري، إن حصة مساهمة البنوك في الناتج المحلي ارتفعت عن العام الماضي، وإذا ما حصل أي نقص فمبرر ذلك هو نمو حصة القطاعات الأخرى.
البنوك تُقدِّم خدمات متميزة
وعن أبرز ملامح القطاع المالي والمصرفي في العام 2012 وتوقعاته في 2013 أكد بو جيري، أن أبرز الملامح هو استمرار البنوك التجارية والتقليدية من تقديم خدماتها بشكل جيد، واستقرار القطاع العقاري من حيث الأسعار الذي يشكل أهمية للقطاع المالي، وكذلك توفر السيولة التي جعلت من بعض البنوك الدخول في بعض المشاريع. وتوقع الرئيس التنفيذي لبنك البحرين والكويت، أن يكون العام 2013 عاماً جيداً للبنك، خصوصاً أنه حقق أرباحاً بزيادة 18% خلال الربع الثالث من العام الجاري.
من جانب آخر، وجد المدير التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لـ «جي بي مورغان»، شورد لينارت أن العام 2013 سيكون تكراراً للعام 2012 في العديد من الاتجاهات التي تؤثر في الأسواق، في حين أن هناك توقعات بأن تقوم الولايات المتحدة بدعم النمو الصيني وجعل الأسواق الأوروبية تتقدم خطوات صغيرة للأمام.
وقدَّر لينارت تقلص مديونية القطاع المصرفي بنسبة 25% لتصل إلى 1.5 مليار يورو، ورغم ذلك فإن لينارت يرى أن سياسة البنك المركزي الأوروبي في توفير التمويل الطويل من خلال LTRO أعطت مساحة البنوك للقيام بتقليص المديونية مع مرور الوقت، وعليه فإنه يعتقد أن عملية ترشيد الميزانيات العمومية لن يستغرق عددا من السنوات.
وفيما يتعلق بدول مجلس التعاون قال لينارت: «كان هناك دراماتيكية أكثر مما كان يخشى، في حين وجد أن هناك تقليصاً ملحوظاً فيما يتعلق بالإقراض الطويل الأجل، مسبباً ذلك نتيجة التغيير في الاستراتيجية والعودة إلى الأساسيات من خلال تقديم منتجات متعددة للعملاء بكلفة تنافسية».
كما إن البنوك في منطقة الخليج أدركت أنه من الأفضل لها تحقيق أهدافها في أسواقها لا في الأسواق المجزأة، إضافةً إلى ندرة التمويل بالدولار الأمريكي، الأمر الذي يؤثر بشكل خاص في مناطق العمليات مثل منطقة الشرق الأوسط.
وأشار إلى أنه يتوجب على دول التعاون أن تضع على رأس أولوياتها تطوير الأسواق المحلية، رغم التحديات التي تواجهها والمتمثلة في صغر حجم السوق وعدم وجود صناديق التقاعد وشركات التأمين المحلية.
وقدَّر لينارت احتياجات دول الخليج التمويلية بـ 1.8 تريليون دولار والتي لا بد من استيعابها من خلال مجموعة من السيولة المحلية وأسواق السندات، مع الشركات الرائدة الكبيرة في استخداماتهم تلك الأسواق.
ويرى أن بنوك منطقة الخليج قادرة على الإقراض وأصبحت أكثر نشاطاً في أسواق السندات إذ تجاوزت الإصدارات للسندات في منطقة المينا إلى 40 مليار دولار.
ووجد لينارت أن السياسات التنظيمية والتدخل السريع من الجهات والحكومات المعنية خففت من آثار الأزمة المالية العالمية، كما إن الدعم الحكومي للاقتراضات السيادية في إعادة تمويل ديونها الخارجية وزيادة التركيز على الشفافية وعلاقات المستثمرين، ساهمت إلى حد كبير في تشكيل ما يصل نظرة استثمارية مواتية للمنطقة.