القاهرة - (وكالات): أعلنت المحكمة الدستورية العليا أمس تعليق أعمالها احتجاجاً على «ضغوط نفسية ومادية» على قضاتها لتتعمق بذلك الأزمة السياسية الأسوأ التي تشهدها مصر منذ تولي الرئيس محمد مرسي السلطة قبل 5 أشهر. وفيما أعلن شباب الحركات والأحزاب المعارضة المعتصمون في ميدان التحرير منذ 9 أيام أنهم سينظمون مساء غد مسيرات إلى قصر الرئاسة لتوجيه «إنذار أخير» إلى الرئيس المصري، يجتمع قادة المعارضة لبحث الموقف غداة دعوة مرسي إلى استفتاء منتصف الشهر الجاري على مشروع الدستور كما تجتمع الجمعية العمومية لنادي القضاة لبحث الإشراف على الاستفتاء أو مقاطعته. وأعلنت المحكمة الدستورية العليا، التي يتهمها الإسلاميون بتعطيل مؤسسات الدولة المنتخبة، «تعليق أعمالها» إلى أن تتوقف «الضغوط النفسية والمادية» على قضاتها وأكدت أن القضاء المصري شهد «يوماً حالك السواد في سجله» بعد أن حاصر المتظاهرون الإسلاميون مقر المحكمة قبل أن تبدأ نظر دعاوى بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى. وقالت المحكمة الدستورية في بيان إن «تعليق الجلسات سيكون إلى أجل يقدر فيه قضاتها على مواصلة رسالتهم والفصل في الدعاوى المطروحة على المحكمة بغير أية ضغوط نفسية ومادية يتعرضون لها».وأضاف البيان «وقع تاريخ الجلسة المحددة لنظر القضايا المنظورة أمام المحكمة الدستورية العليا أمس والذي كان يوماً حالك السواد في سجل القضاء المصري على امتداد عصوره». ويعمق قرار المحكمة الأزمة السياسية المستمرة منذ إصدار الرئيس المصري في 22 نوفمبر الماضي إعلاناً دستورياً حصن بموجبه قراراته من الرقابة القضائية كما حصن الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى من أي قرار قد يصدر عن المحكمة الدستورية العليا ببطلان تشكيلهما. وتنضم المحكمة الدستورية بذلك إلى الهيئات القضائية الأخرى في البلاد التي أعلنت الإضراب احتجاجاً على الإعلان الدستوري ووصفته بـ»الاعتداء الصارخ على السلطة القضائية وهي محاكم القضاء الإداري ومحكمة النقض ومحاكم الاستئناف ومحاكم أول درجة وأعضاء النيابات. وازدادت الأزمة السياسية تعقيداً مع دعوة مرسي إلى استفتاء منتصف الشهر الجاري على مشروع الدستور الذي ترفضه قوى وأحزاب المعارضة وكذلك الكنائس المصرية. وأكدت المحكمة الدستورية في بيانها أنه «عندما بدأ توافد قضاة المحكمة في الصباح الباكر لحضور جلستهم، ولدى اقترابهم من مبناها، تبين لهم أن حشداً من البشر يطوقون المحكمة من كل جانب، ويوصدون مداخل الطرق إلى أبوابها، ويتسلقون أسوارها، ويرددون الهتافات والشعارات التي تندد بقضاتها، وتحرض الشعب ضدهم، مما حال دون دخول من وصل من القضاة نظراً لما تهددهم من أذى وخطر على سلامتهم، في ظل حالة أمنية لا تبعث على الارتياح». واعتبر البيان أن «أساليب الاغتيال المعنوي لقضاتها، التي سبق ممارستها الفترة الماضية من هذا الحشد وغيره ممن ينتمون إليه والذي يتظاهر اليوم ضد المحكمة، هي التي قادت إلى هذا المشهد المفعم بالخزي والعار بما حمله من تشهير وتضليل وتزييف للحقائق». وأضاف البيان أن قضاة المحكمة «لا يستطيعون مباشرة مهمتهم المقدسة في ظل هذه الأجواء المشحونة بالغل والحقد والرغبة في الانتقام واصطناع الخصومات الوهمية». وكان من المقرر أن تبدأ المحكمة الدستورية العليا نظر طعون في عدم دستورية القانونين اللذين تم على أساسهما تشكيل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى. واستبقت وزارة الداخلية بيان المحكمة الدستورية العليا وأكدت في بيان أصدرته أن «قوات الأمن التي تتولى حماية مقر المحكمة تحكم سيطرتها على المداخل والمخارج الخاصة بالمبنى لتأمين دخول القضاة وجميع العاملين بالمحكمة».من ناحية أخرى، قال شباب المعارضة المعتصمون في التحرير والمنتمون إلى 18 حركة وحزب سياسي من بينها حزب الدستور بقيادة محمد البرادعي والتيار الشعبي بقيادة حمدين صباحي وحركة 6 أبريل واتحاد شباب ماسبيرو إنهم سينظمون مسيرات إلى قصر الاتحادية مساء غد لتوجيه «الإنذار الأخير لمرسي الذي انتخب كرئيس شرعي ديمقراطي للبلاد أن شرعيته تتآكل وتتناقص بسياساته وممارساته المنحازة لحزبه وجماعته». وجدد شباب التحرير «رفضهم لاستمرار العمل بالإعلان الدستوري ورفضهم الكامل للاستفتاء على مشروع الدستور الذي أعدته جمعية تأسيسية مطعون في شرعيتها القانونية وفاقدة لشرعيتها السياسية والشعبية». وقال متحدثون باسم جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم أحزاب المعارضة إن قادتها سيجتمعون لبحث الموقف بعد الدعوة إلى الاستفتاء. وفي وقت لاحق، قال مصدر بنادي القضاة إن النادي الذي يمثل قضاة مصر سيدعو أعضاءه إلى عدم الإشراف على الاستفتاء على مسودة الدستور.من جانبه، اعتبر المستشار محمود مكي نائب الرئيس المصري أن الهدف من الإعلان الدستوري هو «عدم استغلال القضاة في ضرب مؤسسات الدولة.من جانب آخر، توفي جريح أصيب في اشتباكات اندلعت في شارع محمد محمود وسط القاهرة قبل أسبوعين متأثراً بجروحه أمس، لترتفع حصيلة تلك الاشتباكات إلى قتيلين، حسبما قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية في مصر.من جهته، دعا رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز إلى وقف التعاون الاقتصادي والسياسي بين الاتحاد الأوروبي ومصر كوسيلة للضغط على الرئيس محمد مرسي.
970x90
970x90