كتب - محرر الشؤون المحلية:
«الانتماء للوطن العربي... التمسك بالوحدة العربية.. النضال من أجل ترسيخ القيم والمبادئ الوطنية والقومية.. العمل على تحقيق الوحدة العربية من المحيط إلي الخليج”.. معانٍ سامية وردت ضمن مبادئ جمعيات سياسية بحرينية تصنف نفسها على أنها قومية وديمقراطية ووحدوية وامتداد لنضالات جماهير حاشدة في الوطن العربي، التفّت حول الفكرة خلال عقود سعياً إلى حلم الوحدة العربية، بعد ما ذاقته من ويلات الأطماع الغربية التي أضيفت إليها أطماع أخرى شرقية نابعة من أحلام الإمبراطورية الفارسية، وتشرّبت البحرين مبكراً فكرة القومية العربية خصوصاً في الحقبة الناصرية، غير أن الجمعيات وفي مقدمتها جمعية “وعد” إضافة إلى التجمعين “القومي” و«الوحدوي” الذين يزعمون تبني هذا الفكر ما لبثوا أن انصهروا - أو يكادوا - في بوتقة جمعيات واتجاهات راديكالية هي أبعد ما تكون عن شعارات القومية العربية، بل من الثابت أنها تعمل وكيلاً لقومية وأيديولوجيا تضع في مقدمة أولوياتها النيل من الدول العربية.
لا يتصور أن تنساق تلك الجمعيات في الإبحار بعيداً عن القومية العربية بالتحالف والتوأمة مع جمعية الوفاق ومثيلاتها، خدمة للأطماع الإيرانية في المملكة ودول مجلس التعاون والدول العربية بصفة عامة، في وقت أعلنت فيه قوى القومية العربية موقفها بوضوح ليس فقط عبر تصريحات الأمين العام للمؤتمر القومي العربي عبدالملك المخلافي، أخيراً بأن دول الخليج العربي مستهدفة بمشروع إيراني قومي ديني، إنما للمؤتمر مواقفه الداعمة لهوية البحرين وقد تصدى قبل أعوام من خلال أمينه العام حينها خالد السفياني الذي أصدر بياناً عبر فيه عن صدمته من مقال رئيس تحرير صحيفة “كيهان” شبه الرسمية في إيران الذي اعتبر البحرين محافظة إيرانية، مؤكداً أن “ذلك استفزازي للمشاعر العربية، ليس في البحرين فقط، وإنما على مستوى الوطن العربي برمته”.
وطالب السفياني الصحيفة بتقديم اعتذار رسمي إلى شعب البحرين وأبناء الأمة العربية على الاستفزاز الخطير، وأن تعلن الحكومة الإيرانية موقفاً واضحاً على أعلى المستويات يؤكد احترام سيادة البحرين الوطنية وهويتها العربية، وأن تجري القيادة الإيرانية مراجعة جريئة وشاملة للقضايا العالقة مع الجوار العربي.
وتبدو جمعية مثل “وعد” في حالة فصام مع الهوية، فهي لها تمثيل في المؤتمر القومي العربي، وصور رموز القومية العربية تزين جدران مقراتها، وفي الوقت نفسه لا يكاد المراقب يلحظ أثراً في الواقع لتلك الشعارات والمبادئ، وذوباناً كاملاً لشخصية الجمعية وهويتها خصوصاً أثناء أية انتخابات أو فعاليات سياسية نتيجة ارتمائها في أحضان مندوبي الولي الفقيه.
وقد يكون مرد هذا الركوع أمام طهران، وجود اختراق يطال جميع مفاصل الحياة السياسية البحرينية من أتباع الوفاق، أو انحياز مفضوح من بعض عناصر “وعد” لجمعية الوفاق، وهذا الطرح له شواهد وتأييد قوي في الأوساط السياسية بالمملكة، أو أنه نتيجة رهان على مصالح وأطماع سياسية ضيقة.