القاهرة - (وكالات): وافق مجلس القضاء الأعلى في مصر - أعلى هيئة قضائية في البلاد - على ندب القضاة وأعضاء النيابة العامة للإشراف على الاستفتاء على مسودة مشروع الدستور الجديد، بلجان المحافظات واللجان العامة والفرعية، في خطوة تأتي بعد ساعات من إعلان نادي هيئة القضاة مقاطعته للاستفتاء، ما يؤشر إلى انقسام في الجسم القضائي للبلاد، وفقاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط.
وأكدت الوكالة أن “مجلس القضاء الأعلى وافق على ندب القضاة وأعضاء النيابة العامة للإشراف على الاستفتاء على مسودة مشروع الدستور الجديد لمصر، بلجان المحافظات واللجان العامة والفرعية”. وقال المستشار محمد فؤاد جاد الله الذي يشغل مستشار الرئيس “مجلس القضاء الأعلى هو أًعلى جهة قضائية مسؤولة عن القضاة في مصر” وأضاف أن “قرار المجلس الأعلى للقضاء للإشراف على الاستفتاء جاء من إدراك مسؤوليتهم تجاه البلاد”.
في الوقت ذاته، احتجت صحف مصرية مستقلة وحزبية ضد الإعلان الدستوري المثير للجدل الذي أصدره الرئيس المصري محمد مرسي عبر عنونة صدر صفحاتها الأولى بكلمة “لا للديكتاتورية” باللون الأحمر.
وتصدر رسم كاريكاتوري لجريدة بشكل إنسان مكبل في زنزانة مظلمة الصفحة الأولى لجرائد الوطن والمصري اليوم المستقلة وجريدة الوفد الحزبية مصحوباً بكلمات “لا لدستور يلغي الحقوق ويكبل الحريات”. وأعلنت الصحف أنها ستحتجب عن الظهور اليوم احتجاجاً على تقييد الحريات في مشروع الدستور. وكان 11 صحيفة مستقلة وحزبية أعلنت احتجابها.
ويعد احتجاج الصحافة أحدث خطوة في سلسلة من الاحتجاجات ضد الرئيس الذي أصدر قبل أسبوعين إعلاناً دستورياً وسع من سلطاته ثم أسرع في تبني مشروع الدستور في ظل أزمة ومعترك سياسي وأيديولوجي يعصف بالبلاد. من جهتها، أعلنت قوى المعارضة عن تظاهرات اليوم ستزحف نحو قصر الرئاسة في ضاحية مصر الجديدة تحت عنوان “الإنذار الأخير”، ومن المقرر أن تبدأ التظاهرات في التجمع في نقاط عدة في القاهرة في تمام الرابعة على أن تتحرك في الخامسة، حسبما قال طارق الخولي، أحد قيادات حركة شباب 6 أبريل. وفي حال أصر مرسي على قراراته، قال الخولي “سننظر حينها الإجراءات التي سنتخذها”، ولم يستبعد الدعوة إلى عصيان مدني بالتنسيق مع القوى الأخرى لكن هذا يعتمد على ما ستسفر عنه التظاهرات. ويشارك شباب جبهة الإنقاذ الوطني التي تجمع حزب “الدستور” برئاسة محمد البرادعي و«التيار الشعبي” بقيادة حمدين صباحي في التظاهرات.
واستمر اعتصام معارضي الرئيس المصري لليوم العاشر على التوالي.
في غضون ذلك، بدأ قضاة المحكمة الدستورية إضراباً لأجل غير مسمى مع تصاعد الغضب ضد قرارات الرئيس المصري. وقالت المحكمة في بيان إنها قررت “تعليق أعمالها” إلى أن تتوقف “الضغوط النفسية والمادية” على قضاتها. وأكدت أن القضاء المصري شهد “يوماً حالك السواد في سجله” بعد أن حاصر المتظاهرون الإسلاميون مقر المحكمة ما منع المحكمة من نظر دعاوي هامة. وقالت عضو المحكمة الدستورية المستشارة تهاني الجبالي “المحكمة متوقفة عن العمل لأن العدوان المادي لايزال قائماً”
وأضافت “هناك حرب مستعرة ضد القضاء لأن القضاء هو الكيان الوحيد المستقل في مصر حالياً وبعيد عن سيطرة الإخوان”. واتهمت الجبالي الدولة بالمسؤولية عن العدوان على القضاء وحمايته، وقالت “لا يوجد بيان من رئاسة الجمهورية يدين العدوان وينتقد ما حدث”. وكان يفترض أن تنظر المحكمة في قانونية الجمعية التأسيسية للدستور التي انسحب منها الليبراليون، اليساريون وممثلو الكنائس المسيحية. كما كان من المفترض أن تنظر في قانونية مجلس الشورى، وهو الهيئة المنتخبة الوحيدة المتبقية والتي يسيطر عليها التيار الإسلامي أيضاً. كما قرر أعضاء هيئة تدريس كلية الحقوق في جامعة القاهرة تعليق تدريس القانون بالكلية بسبب سقوط دولة القانون، حسبما قال عضو هيئة التدريس بالكلية الدكتور أحمد البرعي. وقال البرعي وهو وزير سابق للقوى العاملة وأستاذ للقانون، إن “أعضاء هيئة التدريس قرروا تعليق تدريس القانون بسبب سقوط دولة القانون”. في المقابل، أعلنت رئاسة الجمهورية المصرية، أن جهات قضائية عديدة أكدت أنها ستُشرف على الاستفتاء على مشروع الدستور المصري الجديد.
وقال الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية ياسر علي، إن هناك اتصالات وهناك جهات عديدة في القضاء أكدت أنها ستُشرف على الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد باعتباره واجباً وطنياً، مشيراً إلى أن القضاء لم يتخل يوماً عن واجبه الوطني.
وأكد علي أن رئاسة الجمهورية تحترم كل وسائل التظاهر السلمي وحق التعبير السلمي دون الاعتداء على الملكيات العامة والخاصة، موضحاً أنه ليس هناك أية إجراءات استثنائية سيتم اتخاذها بشأن بعض الدعوات الموجهة للتظاهر أمام مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة.
من جانبه، قال نائب الرئيس المصري المستشار محمود مكي إن الرئيس مرسي لن يسيء استخدام الإعلان الدستوري وإنه يريد أن تنتهي المرحلة الانتقالية بأسرع وقت ممكن. وهاجم القيادي بحزب الحرية والعدالة عمرو دراج الذي شارك في صياغة الدستور، المحكمة الدستورية بسبب “كونها مسيسة”، وقال إن القوى الليبرالية لم تكن راغبة في الوصول لحل وسط بخصوص الدستور.
ودعت وزارة الأوقاف المصرية، المواطنين المصريين إلى المشاركة بالاستفتاء على مشروع الدستور المصري الجديد كواجب ديني ووطني. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية قوله إن الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد سيجري في الخارج اعتباراً من السبت المقبل 8 ديسمبر وحتى يوم 11 من الشهر، وذلك من خلال جميع سفارات مصر و11 قنصلية رئيسة جرى التصويت لديها خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرتين. وذكرت الوكالة أن الوزير المفوض عمرو رشدي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية صرح أن وزير الخارجية محمد عمرو أصدر قراراً بمد ساعات العمل في سفارات وقنصليات مصر المشاركة في الاستفتاء من الثامنة صباحاً إلى الثامنة مساء حتى انتهاء التصويت.
من جانبه، رفض ائتلاف أقباط مصر، التدخّل الأمريكي في الشؤون الداخلية لمصر، واصفاً ذلك بـالدور الوضيع. وانخفضت الأسهم المصرية مقتربة من أدنى مستوى في 4 أشهر المسجل الأسبوع الماضي وسط مخاوف من اندلاع احتجاجات جديدة واحتدام الخلاف بين القضاء ومؤسسة الرئاسة.
وفي سياق آخر، أقرضت السعودية الحكومة المصرية، مبلغاً قدره 230 مليون دولار لتمويل 3 مشروعات تنموية في مصر. ووقعت الحكومة المصرية مع الصندوق السعودي للتنمية، اليوم، 3 اتفاقات لقروض بقيمة 230 مليون دولار لتمويل 3 مشروعات تنموية في مجالات الموارد المائية والري والتموين والتجارة.