11 صحيفة تحتجب و4 قنوات تسوِّد شاشاتها احتجاجاً على الإعـلان الدستـوري وتقويـض الحريـات
القاهرة - (وكالات): نظمت المعارضة المصرية أمس تظاهرات حاشدة قدرت بالآلاف إلى القصر الرئاسي احتجاجاً على الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي ويمنحه صلاحيات تجعل منه “ديكتاتوراً”، بحسب المعارضة، وأيضاً على مشروع الدستور الجديد الذي وضعته جمعية تأسيسية يسيطر عليها الإسلاميون والذي سيطرح في استفتاء شعبي بعد نحو عشرة أيام.
وعبر الآلاف شوارع القاهرة متجهين إلى قصر الاتحادية في ضاحية مصر الجديدة حيث حاصروه في تظاهرة “الإنذار الأخير” التي دعت إليها عدة أحزاب ومجموعات معارضة.
وردد المتظاهرون هتافات معادية لمرسي مثل “ارحل، ارحل” و«الشعب يريد إسقاط النظام” وقد حمل الكثير منهم الأعلام المصرية متهمين جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها مرسي، بأنها باعت الثورة منها “بيع بيع بيع، الثورة يا بديع” في إشارة إلى المرشد العام للجماعة محمد بديع. واستخدمت قوات مكافحة الشغب المصرية الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين كانوا يحاولون الاقتراب من قصر الرئاسة.
وقطع المتظاهرون المعارضون لمرسي حاجز الأسلاك الشائكة الذي أقيم على بضعة أمتار من القصر في طريقهم للتقدم نحوه ما دفع قوات الشرطة التي تحميه إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع. وعلى الأثر تراجعت الشرطة سامحة للمتظاهرين بالاقتراب من القصر.
وقال مصدران في قصر الرئاسة المصرية إن مرسي غادر القصر بعد اشتباكات بين الشرطة ومحتجين أمام القصر استخدمت فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع. وقال شاهد عيان إن مصابيح كبيرة على باب القصر تحطمت خلال تراشق بالحجارة بين المحتجين والشرطة. وأضاف أن المحتجين أزالوا الأسلاك الشائكة التي كانت تفصل بينهم وبين أسوار القصر. وتأتي هذه المسيرة “السلمية” إلى قصر الرئاسة استجابة لدعوة العديد من الحركات والأحزاب المعارضة ومن بينها حركة كفاية وحركة شباب 6 أبريل اللتان ساهمتا في إطلاق شرارة الثورة ضد الرئيس السابق حسني مبارك في مطلع 2011، وحزب الدستور الذي يرأسه محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والحاصل على جائزة نوبل للسلام.
وتم تعزيز الأمن حول القصر الرئاسي بقوات من شرطة مكافحة الشغب. وطلب من بعض المتاجر والمدارس إغلاق أبوابها.
وتعيش مصر أزمة سياسية حادة تمزق البلاد منذ أن أصدر مرسي إعلانه الرئاسي في 22 نوفمبر الماضي الذي منحه سلطات شبه مطلقة مع تحصين قراراته وكذلك الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، التي يهيمن عليها الإسلاميون، من أي ملاحقة قضائية.
وأثار هذا الإعلان الدستوري حالة استقطاب حادة في البلاد وتعبئة كبيرة في الشارع لمعارضيه من القوى الوطنية والليبرالية وأيضاً لأنصاره في جماعة الإخوان والأحزاب السلفية المتحالفة معها. وجاء الإعلان عن الاستفتاء على الدستور في 15 ديسمبر الجاري ليعمق الهوة بين المعسكرين.
وحدث انقسام كبير في السلطة القضائية شأنها شأن باقي البلاد بعد أن منعها الرئيس من الطعن في قراراته. فبينما قرر مجلس القضاء الأعلى، أعلى هيئة قضائية في البلاد، انتداب قضاة للإشراف على الاستفتاء فاتحاً بذلك المجال لتنظيمه، دعا نادي قضاة مصر، وهو بمثابة نقابة للقضاة، إلى مقاطعة الإشراف على هذا الاستفتاء. ويفترض في الواقع أن تجري الانتخابات بإشراف قضائي في مصر. كما أعلن نادي القضاة تعليق العمل جزئياً في المحاكم. وهكذا انضمت المحكمة الدستورية العليا إلى محكمة النقض وغيرها من المحاكم في إضراب مفتوح تنديداً “بضغوط” المعسكر الإسلامي. وأكد نادي القضاة الثبات على موقفه وقال رئيسه المستشار أحمد الزند “لن نغفر للقضاة” الذين سيشرفون على الاستفتاء مؤكداً أن عدد القضاة المعارضين للإشراف عليه يفوق بكثير عدد الموافقين. وأشار خبراء إلى أن قرار مجلس القضاء الأعلى ليس ملزماً لكنه يعني أن القضاة مستعدون للإشراف على الاستفتاء. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد “ربما لن يكون هناك قاض لكل صندوق اقتراع بل قاض لكل مركز اقتراع”.
ويؤكد مرسي أن الإعلان الدستوري “مؤقت” وأنه سيسقط فور الموافقة على الدستور الجديد.
لكن المعارضة ترى أنه منح نفسه بموجبه سلطات “ديكتاتورية” وتطالب بإلغاء هذا الإعلان وكذلك الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد الذي ترى أنه لا يضمن بعض الحقوق الأساسية على غرار حرية التعبير ويفتح طريق أمام تطبيق أكثر صرامة للشريعة.
وأكد المعارض والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى الذي انسحب من الجمعية التأسيسية في مؤتمر صحافي إن النص، الذي وضع في عجالة شديدة، لا يضمن الحريات التي ينبغي ضمانها في القرن الحادي والعشرين.
وقال “ينبغي أن يسهل الدستور حياة المصريين، وأن لا يكون أمراً يتطلب تفسيرات صعبة ويثير مخاوف الناس. نحن في القرن الحادي والعشرين”. وتساءل المحلل السياسي حسن نافعة “هل ستقبل مصر بأن تفرض مجموعة دستورها؟”.
واحتجاجاً على “التسلط” وعلى المواد المتعلقة بالصحافة وبالحريات في مشروع الدستور قررت صحف مستقلة ومعارضة الاحتجاب. كما تشارك محطات تلفزيون خاصة في حركة الاحتجاج بتسويد شاشاتها اليوم. ودعت الخارجية الأمريكية القوى المعارضة إلى الحفاظ على “سلمية التظاهر” بعد أن اقتربت المسيرة الاحتجاجية من قصر الرئاسة في القاهرة.
وقال المتحدث باسم الوزارة مارك تونر “نحث فقط المحتجين على التعبير عن آرائهم بشكل سلمي حيث يوجد توتر كبير حالياً في القاهرة”.
وفي تطور آخر، أحال النائب العام المصري المستشار طلعت عبد الله، إلى نيابة أمن الدولة العُليا بلاغاً يتهم قادة في المعارضة حمدين صباحي ومحمد البرادعي وعمرو موسى بـ “قلب نظام الحكم، والتخابر لصالح جهات أجنبية”.