احتشد محتجون على إثر زيارة الممثلة الأمريكية «كيم كاردشيان» في جولتها لدول الخليج العربي من أجل افتتاح سلسلة محلات متخصصة ببيع «الميلك شيك» في إحدى المجمعات التجارية، وانتشرت العديد من الرسائل الساخرة إلى جانب الدعايات الأخرى المروجة للحفل بدءاً من تاريخ الإعلان عنه في وسائل الإعلام، وخصوصاً تلك المتعلقة بالمبالغ التي تم تحديدها لالتقاط صورة مع النجمة التي تزور المنطقة لأول مرة، وهنا ينتقد البعض الذين يصرفون أموالاً من أجل إرضاء بعض الرغبات غير الهامة، وهي في الحقيقة تستغلهم من أجل التكسب المادي والتسلية، وربما هي صفة من الصفات التي أخذها البعض على الممثلة أو غيرها ممن هم في نفس الخط، إذ أنهم لا يريدون أن تطأ ممثلة «سيئة السمعة» بحسب تعبيرهم أرض المملكة خصوصاً بعد الفيلم الفاضح الذي بدأت به مسيرة الشهرة وتم تسريبه عبر شبكة الإنترنت، لكن هؤلاء لا يرون أن القضية شخصية بقدر ما هي بداية لانفتاح ثقافي نحو استقبال شخصيات أخرى أكثر جرأة من سابقتها.
ربما أخذ الموضوع أكبر من حجمه لكن قد لا يستدعي الأمر كل هذه الضجة بحسب رأي محبي الفنانة، بل أنه يمكن اعتباره زيارة عادية لإحدى الفنانات إلى دولة معينة كأي زائر عادي، حيث لا يمنع القانون دخول أشخاص لعدم وجود أسباب مقنعة أو خطر يهدد البلاد، وما هي إلا ساعات يستمتع فيها المعجبون برؤية فنانتهم ذات الشهرة الكبيرة والقاعدة الجماهيرية ومن ثم العودة للديار، حيث إن الجميع لهم مطلق الحرية في أفعالهم على ألا تتعدى على حرمات وحقوق الآخرين، والبحرين دولة منفتحة على الأديان والحريات لكنها تبقى دولة عربية مسلمة، وأعرفها تمنع أن تستقبل أي فنانة إذا كانت لا تشرف البحرين في حال وجدت مثل تلك الصفة، فينشغل النواب والشعب بأشياء ثانوية وتترك الأساسيات التي يحتاجها المواطن.
يتساءل البعض الآخر عن مبلغ فوق المعتاد من أجل التقاط صورة أو تناول عشاء مثلاً بغض النظر عن هذا الموضوع أو غيره من الميزانيات التي تصرف على الفعاليات، ويقول في قرارة نفسه لو أن مبالغ مثل هذه لو صرفت في أوجه الخير وإطعام الفقراء والمساكين، أو على برامج تساهم في تثقيف وزيادة وعي الناس في مجالات الحياة المفيدة، ونحن نرى المجاعة في دول العالم وكيف أن أفراداً ودولاً بأكملها قد لا تجد رغيف خبز ولا قطرة ماء، فضلاً عن المجازر والتشرد الذي يجبر الأسر على هجر مناطقهم لحماية أنفسهم ليؤول بهم الحال للمبيت في العراء، بينما ينفق أصحاب الترف أمولاً طائلة في أمور ثانوية كان من الأولى أن تصرف في أمور أحوج، وإن لم يكن بقدر المبالغ المذكورة فليكن على الأقل ربع المبلغ، فإن الله يبارك للإنسان ويرزقه من حيث لا يحتسب بقدر ما يراعي حاجة أخيه.
لا توجد مشكلة في تقديم الفنون الراقية ولكن دون إسفاف وابتذال، والأمر الأهم الذي كان من المفروض أن ينشغل به النواب بدل هذه الزيارة التي لا تسمن ولا تغني من جوع هو الحديث عن احتياجات المواطن، فلا يعقل أن ينتظر المواطن منزل لسنوات قد يموت ولا يحصل عليه، وينتظر غيرهم تحسيناً في الرواتب ومراقبة جشع التجار، وهذا بعض مما يتطلع إليه كل إنسان.
عبدالله الشاووش