قال الباحث في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة د. أشرف كشك، إن: «الحقيقة التي لم ولن تكن محل اختلاف هي أن أمن العالم يبدأ من الخليج، وأمن الخليج هو أمن العالم، وبالتالي فإن الشراكة الحقيقية هي التي تنبى على أمن والتزام حقيقي».
وأكد د. أشرف كشك، خلال محاضرة، قدمها لضباط كلية الناتو لشؤون الشرق الأوسط، تحت عنوان «الأمن الإقليمي الخليجي: الواقع... المستجدات... أي دور لحلف الناتو»، أن «منطقة الخليج العربي كانت ولاتزال تحظى باهتمام، الأطراف الدولية لأهميتها الاستراتيجية البالغة الأمر الذي أدى إلى تداخل شديد بين الأمن الإقليمي ونظيره العالمي، للدرجة التي يمكن معها القول إن حالة الإقليم الخليجي هي التي تشكل ملامح النظام العالمي، وقال إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في سعيها لحفظ الأمن والاستقرار الإقليميين كان أمامها خيارات ثلاثة وهي الأمن الذاتي الخليجي، وبناء شبكة تحالفات دولية، فضلاً عن إقامة توازنات إقليمية مع عدة أطراف مهمة ومنها تركيا.
وأشار د. كشك إلى أن «مشكلة دول الخليج تتمثل في تنامي التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، التي بلغت أوجها بمطالبة إيران إدراج البحرين ضمن مفاوضاتها النووية تحت بند القضايا الإقليمية غير النووية وهو الأمر الذي لقي استهجاناً إقليميا ورفضاً دولياً، فضلاً عن تهديد إيران من آن لآخر بإغلاق مضيق هرمز الذي يعد الشريان الرئيسي لصادرات النفط الخليجية للعالم».
وقال د كشك، إنه ليس صحيحاً أن حركة التحديث في دول الخليج هي نتيجة فجائية لأحداث العالم العربي، ذلك أن دول الخليج الست شهدت إصلاحات حقيقية وفق خصوصية خليجية منذ عام 1991 بما يعني وجود رؤى ثاقبة لدى قادة تلك الدول بأهمية استيعاب شرائح المجتمع كافة في العملية السياسية وفق مبدأ التدرج. وأوضح د. كشك أن «هناك تنافساً دولياً على منطقة الخليج العربي، ما يثير التساؤلات حول الدور المتوقع لحلف الناتو تجاه الأمن في تلك المنطقة، الذي حدده د.كشك بثلاث مهام أساسية وهي: إمكانية التعاون بين دول الخليج العربية وحلف الناتو بشأن مفهوم إدارة الأزمات، انطلاقاً من أن دول الخليج تشهد أزمة مزمنة بسبب البرنامج النووي الإيراني، حيث إن لدى الحلف خبرة ممتدة في هذا الشأن، حيث اتخذت دول الخليج قراراً بإنشاء مركز لرصد الإشعاع النووي، إضافة إلى أن دول الخليج في سعيها لإقامة مشروع الاتحاد الخليجي بإمكانها الاستفادة من تجربة حلف الناتو وبخاصة فيما يتعلق بالجانب الدفاعي، فضلاً عن المفهوم الاستراتيجي للحلف والذي يتميز به الحلف عن غيره من المنظمات الأخرى. فضلاً عن أنه يمكن لحلف الناتو دعم الأمن الإقليمي بمفهومه الواسع من خلال رعاية هيكل أمن إقليمي على غرار مؤتمر هلسنكي مما يعد بداية إرساء لمفهوم الأمن التعاوني في منطقة الخليج القائم على احترام سيادة واستقلال الدول».
وأكد أنه لاتزال هناك معوقات أمام دور الحلف في الخليج ومنها استمرار القضية الفلسطينية دون حل، إضافة إلى تباين التعاون بين دول الخليج وحلف الناتو حيث لاتزال هناك دول خارج إطار مبادرة إسطنبول للتعاون الاستراتيجي بين حلف الناتو ودول الخليج عام 2004، وهي المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، فضلاً عن مستجدات الواقع العربي والتي أفرزت بيئة جديدة بالغة التعقيد.
وأوضح كشك أنه بالرغم من أهمية ما طرحه الحلف من مجالات للتعاون مع دول الخليج، إلا أن المفاهيم والمصطلحات ليست كافية لإحداث توازن القوى الإقليمي والشراكة الحقيقية هي التي تبنى على التزام حقيقي وربما تكون هناك حاجة لتعديل الحلف لبعض استراتيجياته تجاه التعاون مع دول الخليج، مضيفاً أن قد يكون لكل طرف حساباته التي حتماً تتباين.