كتب ـ عبدالرحمن محمد أمين:نشأ جابر الدوسري وترعرع في منزل جده ظافر قرب قصر الرفاع، وينتمي لقبيلة الدواسر وعملت عائلته بالديوان الأميري لدى كبار أفراد العائلة المالكة، انتسب لمدرسة الرفاع الغربي الابتدائية في السادسة من عمره، إلى جانب جلالة الملك المفدى والشيخ حمد بن إبراهيم آل خليفة وآخرين.امتد مشوار جابر الدوسري التطوعي على نصف قرن، ساهم خلالها بمجالات رياضية وإدارية كثيرة وانتسب لفرق أهلية متعددة، عندما كانت البحرين تزهو بحركة أدبية وثقافية ورياضية نشطة، وكان الشباب يعملون بجد ومثابرة وينفقون من جيوبهم الكثير ويدفعون اشتراكات شهرية للأندية المشتركين فيها وتوفير ما تحتاجه من مستلزمات.كان الحال مختلفاً حيث يتكفل الرياضي بشراء قمصانه وأحذيته، فيما يسعى الثقافي لتوفير ما يحتاج مجاله من أوراق حائط وأقلام وأصباغ لإحساسه بالمسؤولية ودوافعه الوطنية المخلصة في خدمة الوطن ونشر الوعي بين أبنائه.النشأة الأولىيقول جابر بن سعد بن ظافر الدوسري إنه من مواليد الرفاع الغربي 1950 «ولدت في منزل جدي المرحوم ظافر الدوسري قرب مبنى قصر الرفاع، وتنتمي عائلتي لقبيلة الدواسر ويعمل أفرادها بالديوان الأميري لدى كبار أفراد العائلة المالكة الكريمة، وعند بلوغي السادسة من العمر دخلت مدرسة الرفاع الغربي الابتدائية».ويذكر الدوسري زملاءه بالدراسة «مدير المدرسة كان المرحوم ميرزا ومن المدرسين عبدالله الخثلان وسعيد جوهر، وأذكر من الطلبة جلالة الملك المفدى والشيخ حمد بن إبراهيم آل خليفة».عام 1960 انتقل جابر الدوسري إلى الصف الأول الثانوي في مدرسة المنامة الثانوية، ويقول عن هذه المرحلة «كانت وسيلة النقل الباصات الخشبية القديمة، ومدير المدرسة المرحوم عبدالملك الحمر، ومن المدرسين السفير عبدالعزيز بوعلي ومحمد خليفات، ومن الطلبة الملك المفدى والحكم الدولي المتقاعد إبراهيم يوسف الدوي والفنان إبراهيم حبيب والصحافي عقيل سوار».وعن سنوات دراسته مع العاهل المفدى يتابع «كنت زميلاً للملك المفدى منذ المرحلة الابتدائية إلى الثانوية، بعدها اتجهت إلى قسم المعلمين بينما اختار جلالته الثانوية العلمية».سنوات العمللم يمارس جابر الدوسري مهنة التعليم رغم أنه اختارها في دراسته ويقول «لدى تولي الأمير الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة مقاليد الحكم عام 1961، وباعتبار أن الديوان الأميري حينها كان يعمل بعد الظهر، طلب مني الأمير العمل بالديوان مساءً، ومواصلة الدراسة صباحاً».ويردف «للحقيقة والتاريخ كان الأمير الراحل موجوداً للعمل وإدارة دفة الحكم واستقبال الضيوف والزوار صباح مساء، وفي عام 1977 تركت العمل بالديوان الأميري، والتحقت بديوان سمو رئيس الوزراء موظفاً في السكرتارية، بعدها رقيت لدرجة مراقب ثم مستشار السكرتارية الخاصة حتى تقاعدي عن العمل عام 2007 بعد خدمة استمرت 32 عاماً».ويسرد جابر سنوات ما بعد التقاعد «شعرت بحياة جديدة، وصار لدي متسعاً من الوقت لقضاء احتياجات الأسرة والتواصل الاجتماعي مع الأقارب والأصدقاء».ويواصل حديثه «يبدأ برنامجي اليومي بعد صلاة الفجر مباشرة في ممارسة رياضة المشي يومياً ثم قراءة الصحف المحلية، بعدها أقضي ساعة كاملة أمام الإنترنت للاطلاع على ما يستجد من أخبار وأحداث عالمية، وفي التاسعة صباحاً أخرج من المنزل لمتابعة عملي».بدايات الاشتغال بالرياضةيذكر جابر بداياته الرياضية بشيء من الحبور والبهجة «مارست لعبة كرة القدم بداية شبابي عام 1959 مع فريق أشبال الرفاع الغربي لكرة القدم، لأنها كانت النشاط الوحيد في تلك الفترة، وكان رئيس النادي الشيخ إبراهيم بن حمد بن عبدالله آل خليفة، وبعدها تولى رئاسة النادي الشيخ عيسى بن محمد بن عيسى آل خليفة، ثم انتقلت من فرق الأشبال إلى الدرجة الثانية، في الأولى كنت ألعب خط وسط ومركز ظهير واعتزلت لعبة كرة القدم عام 1974، حينها كنت سكرتيراً لنادي الرفاع».ويتابع جابر حديثه عن بدايات لعبه الكرة «في عام 1965 كنت أصغر عضواً إدارياً في النادي، ولعبت إلى جانب كبار لاعبي الرفاع الغربي أمثال عبدالله النجدي وفرحان مبارك ومحمد زيد وجوهر ويعقوب الماص وحسن علي، وكنت من ضمن أعضاء أول لجنة تأسيسية لتشكيل اتحاد كرة السلة ووضع النظام الأساسي له وهو النظام المعمول به الآن».ويذكر أسماء أعضاء اللجنة «المرحوم محمد الباكر وجاسم ياسين والكابتن سعيد العرادي والسفير محمد حمد المعاودة، وفي أول تشكيل لاتحاد كرة السلة كنت عضواً بمجلس الإدارة، وشغلت منصب أول مدير لمنتخب كرة السلة عام 1974 حيث شاركنا في أول بطولة عربية لكرة السلة أبريل 1974، بعدها في البطولة الآسيوية في طهران بالعام ذاته».مشوار التعليق الرياضيعن علاقته مع التعليق الرياضي يقول الدوسري «يعود الفضل في ممارستي التعليق الرياضي على المباريات للمرحوم إبراهيم كانو مدير إذاعة البحرين عام 1973، عندما عرف عني اهتمامي بالمجال الرياضي، حيث طلبني وأعطاني جهاز تسجيل طالباً مني عمل تجارب تعليق عليه».ويضيف «كان أول تعليق خارجي أشارك فيه خلال البطولة الآسيوية لكرة القدم بالكويت، وأثناء الدورة تعرفت على كبار المعلقين الرياضيين ومنهم خالد الحربان والمرحوم نوري ثويني وصادق بدر من الكويت، وعبدالمحسن الدوسري من الإمارات، وبعدها ومنذ بداية ثمانينات القرن الماضي وحتى عام 1992 بدأت العمل مع تلفزيون البحرين، وكنت أهتم ببرامج الرياضة والشباب وأتولى إعدادها وتقديمها، وساهمت في إنشاء أول مكتبة أرشيفية ورياضية بتلفزيون البحرين».اتحاد كرة القدمويتحدث جابر عن تجربته مع اتحاد كرة القدم «انتخبت عضواً في الاتحاد البحريني لكرة القدم لـ3 دورات متتالية، وعلى مدى 12 سنة متواصلة من عام 1980 إلى 1992، أثناء رئاسة الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة لاتحاد كرة القدم، كنا نعمل على قلب رجل واحد، وأُطلق على الشيخ عيسى بن راشد لقب «العنيد» حينها».ويواصل «رغم قلة الإمكانات حينها كان هدفنا الارتقاء بمستوى الكرة البحرينية، وكان مجلس إدارة الاتحاد يضم نخبة من رجالات البحرين بينهم محمد عبدالغفار العلوي وصالح عيسى بن هندي وعبدالله حمزة والمرحوم جميل الجشي، وكان منتخب كرة القدم حينها يضم ألمع اللاعبين أمثال حمود سلطان وفؤاد بوشقر ومحمد الزياني وخليل شويعر وإبراهيم زويد ومحمد بهرام، وكان الأخ والصديق العزيز حسن عتيق «دينامو» الاتحاد».ويضيف «كان حسن عتيق للأمانة شعلة من النشاط والحيوية قل نظيره، كان مسؤولاً عن الشؤون المالية بجانب إشرافه على عملية قيد اللاعبين وإصدار كشوفات الاتحاد، حيث عرف بالصدق والأمانة في الحفاظ على أموال الاتحاد إذ تقلصت تكاليف الصرف كثيراً في عهده، وللأسف أنه عند قدوم مجلس إدارة جديد للاتحاد لم يقدروا الأخ حسن عتيق رغم تفانيه وإخلاصه في العمل، ووضعوا أمامه الصعاب وضايقوه ما حدا به إلى الابتعاد، وأنا أتصور أن ابتعاده خسارة كبيرة للاتحاد والرياضة البحرينية بصورة عامة».مكتسبات العمل بالديوان الأميريويسرد الدوسري بدايات عمله بالديوان الأميري «عندما عملت بالديوان في عهد الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة عاصرت رغم صغر سني خيرة رجالات البحرين، أذكر منهم المرحوم الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، والمرحوم الشيخ عبدالله بن عيسى آل خليفة، والمرحوم الشيخ راشد بن عبدالله بن عيسى آل خليفة، والمرحوم أحمد شريدة والمرحوم عبدالله الخاطر، وممن عملت معهم أتذكر المرحوم فرحان محمد وحمد بن ناصر، وعملت لفترة سكرتيراً لمكتب رئيس الديوان الأميري حينها المرحوم يوسف رحمه الدوسري».رزق جابر بـ6 أبناء 4 ذكور وأنثيين ويقول «ابني الأكبر نادر حاصل على بكالوريوس علوم أمنية من جامعة الرياض ويمارس الأعمال الحرة، وابني فهد حاصل على ماجستير إدارة الأعمال ويمارس الأعمال الحرة، أما ابني أحمد فحاصل على شهادة تكنولوجيا معلومات، ويعمل مديراً لدى هيئة الاتصالات، أما سعد فهو حاصل على ماجستير في القانون، وهم جميعاً خرجوا من بيتي إلى منازلهم الخاصة، ولكن التواصل بيننا دائم ومستمر، هم ثروتي الحقيقية بالحياة ولا ينقطعون عن زيارتي». الرفاع في الخمسيناتيهوى جابر القراءة وممارسة الرياضة وخاصة المشي ولديه مكتبة في المنزل تضم كثيراً من الكتب يقضي بعضاً من وقته في قراءتها، ويحب تربية الحيوانات ولديه مزرعة في منطقة الحفيرة تضم أنواعاً من الدواجن والأغنام والأبقار. وعن حياة الرفاع في خمسينات القرن الماضي يقول «إذا أردنا أن نستعيد الحياة في الرفاع في القرن الماضي، كانت عبارة عن منطقة يحيط بها البر من كل صوب، وكانت البيوت قليلة ومتباعدة، ونظراً لقلة ساكنيها فإنها كانت كالأسرة الواحدة من حيث التواصل الاجتماعي، وكانت طرقها وعرة والسيارات شبه معدومة لعدم وجود الطرق المبلطة، وكان المشي على الأرجل وسيلة التواصل الوحيدة، وكان شباب الرفاع لا يجدون غير ممارسة لعبة كرة القدم لقضاء أوقاتهم، إلا أنه نظراً لشح الملاعب كانت منطقة الحنينية هي المكان الموجود بها ملعب كرة قدم، إلا أن الرفاع شهدت خلال السنوات الأربعين الأخيرة تطوراً كبيراً في كافة المناحي حيث صارت الآن من المدن الكبيرة في البحرين».طرائف لاتزال بالذاكرةويختم جابر الدوسري ذكرياته «من الأمور الطريفة والمحرجة التي صادفتني، أنه خلال إقامة أول بطولة خليجية لأندية مجلس التعاون في البحرين كنت معلقاً رياضياً على لقاء جمع فريق المحرق البحريني ونادي العربي القطري، وأثناء تعليقي على المباراة لاحظت تأخر دخول اللاعبين للملعب بسبب تشابه ألوان قمصان اللاعبين ما سبب تأخر اللعب 45 دقيقة، وكنت في موقف حرج فماذا أعمل؟ استفدت من ثقافتي في المجال الرياضي وخبرتي في التعامل مع الميكروفون وبدأت في الحديث عن تطور وتاريخ كرة القدم الخليجية حتى نزول اللاعبين إلى الملعب».
970x90
970x90