قال الشيخ صهيب عبدالرزاق غلوم إن «قراءة القرآن وذكر الله خير علاج للشخص المحسود»، مشيرين إلى «ضرورة تحصين المسلم لنفسه بالرقية الشرعية والحرص على أذكار الصباح والمساء، والمحافظة على الصلوات والعبادات ليكون ما سبق حصناً حصيناً من العين والحسد».
وأشار إلى أن «الله سبحانه وتعالى ذكر الحسد والعين في مواطن كثيرة في القرآن الكريم»، موضحاً أن «العلماء تحدثوا عن 4 مواطن للحسد». وذكر أن «الحسد يتسبب في إصابة الإنسان بأمراض عضوية ونفسية وعصبية».
الحسد في القرآن
وأوضح الشيخ صهيب غلوم أن «الله سبحانه وتعالى ذكر الحسد والعين في مواطن كثيرة في القرآن»، يقول الله تبارك وتعالى: (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين)، ويقول سبحانه تعالى: (وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، ويقول تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَىَ مَآ آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مّلْكاً عَظِيماً)، ويقول تعالى (وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).
مراتب للحسد
وأضاف الشيخ غلوم أن العلماء تحدثوا عن 4 مراتب للحسد هي:
^ الأولى: تمني زوال النعمة عن المنعم عليه ولو لم تنتقل للحاسد.
^ الثانية : تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وحصوله عليها.
^ الثالثة: تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه حتى لا يحصل التفاوت بينهما، فإذا لم يستطع حصوله عليها تمنى زوالها عن المنعم عليه.
^ الرابعة: حسد الغبطة ويسمى حسداً مجازاً وهو تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه من غير أن تزول عنه.
وروى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ وَرَجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمل».
وقسم العلماء العين والحسد إلى العين المعجبة، والعين الحاسدة، والعين القاتلة.
والإصابة بالعين إما أن تكون من عين إنسية أو عين من الجن، فالجن يصيبون بالعين كإصابة الإنس أو أشد، والعين المعجبة: إن النفس إذا ما أفرطت في الإعجاب بنعمة من النعم أثرت فيها وأفسدتها بإذن الله تعالى ما لم يبرك صاحبها، يقول تعالى: (وَلَوْلآ إِذْ دَخَلْتَ جَنّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللّهُ لاَ قُوّةَ إِلاّ بِاللّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً)، ويقول صلى الله عليه وسلم «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَة».
أما العين الحاسدة فتوصف على أنها «تخرج العين من نفس حاسدة خبيثة، خبيث صاحبها، وهي في الأصل تمني زوال النعمة التي أنعم الله بها على المحسود»، يقول الله تعالى: (وَدّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ).
أما العين القاتلة أو «السمية» فتخرج العين من العائن إلى المراد إعانته بقصد الضرر، قال المولى عز وجل (وَإِن يَكَادُ الّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمّا سَمِعُواْ الذّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنّهُ لَمَجْنُونٌ).
وعند أحمد عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الْعَيْنَ لَتُولِعُ بِالرَّجل بِإِذْنِ اللَّهِ حَتَّى يَصْعَدَ حَالقًا ثُمَّ يتَرَدَّى مِنْه». وقد يصاب الإنسان بعين سمية في رأسه فتتلف خلايا مخه فيصاب بالجنون، أو قد يصاب الإنسان بعين سمية في نفسيته فيجهد من الضيق والحزن والكآبة وتضيق عليه الأرض بما رحبت فمثل هذا يخشى عليه من الانتحار والعياذ بالله».
وقال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن جابر بن عبدالله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس»، وعن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العين حق لتورد الرجل القبر والجمل القدر وإن أكثر هلاك أمتي في العين». وأكثر موتى المسلمين يموتون بسبب العين، وهذا يعني أن أكثر من 50% ممن يموت من المسلمين كان سبب موتهم حادث سيارة أو سقوط طائرة أو بسبب مرض معروف أو بسبب مرض غير معروف هو في الأصل من بعد قضاء الله وقدره بسبب العين. كما يستفاد من هذا الحديث أن الكثير من الأمراض العضوية والنفسية والعصبية التي يعجز الأطباء عن معرفة سببها وطريقة علاجها هي من أثر العين، فما دون الموت أحرى بوقوعه».
أعـراض العيــــن
وأشار الشيخ صهيب غلوم إلى أن «كثير من الناس يصابون بالعين وهم لا يعلمون، لأنهم يجهلون أو ينكرون تأثير العين عليهم، فإن أعراض العين في الغالب تكون كمرض من الأمراض العضوية إلا أنها لا تستجيب إلى علاج الأطباء، كأمراض المفاصل والخمول والأرق والحبوب والتقرحات التي تظهر على الجلد والنفور من الأهل والبيت والمجتمع والدراسة ، وبعض الأمراض النفسية والعصبية».
ومن أبرز أعراض العين والحسد صداع في الرأس، والسفعة وهي «السواد» أو الصفرة أو الشحوب في الوجه، وكثرة التعرق و التبول وأحياناً إسهالات متكرره، وضعف الشهية للأكل، وحرارة في الجسم، ولو كان الطقس بارداً أو العكس، إضافة إلى الخفقان في القلب، ويصاحبه الهلع والخوف من الموت، وألم أسفل الظهر، وثقل وألم في الكتفين، وألم يبدأ من جوف العين والصدغ وينزل من الرأس إلى الكتف إلى طرف أصابع اليد، والشعور بالضيق والتأوه والتنهد والرغبة في البكاء بدون سبب بل والبكاء من شدة الضيقة في الصدر، والكآبة والصمت وقلة الضحك والنظرة السوداوية للحياة وربما تمني الموت، والانفعالات شديدة والغضب غير الطبيعي وبعض الحالات النفسية كالجنون والوهم والخوف، وصعوبة في المشي أو الوقوف لفترة طويلة أو أداء أي عمل شاق، وقد لا يستطيع بذل أي مجهول، والنسيان وعدم القدرة على التركيز، والنفور من المسكن وكراهية البقاء فيه أو العكس، والنفور من المجتمع، والأرق وعدم القدرة على النوم، ورؤية أحلام تدل على العين كأن يرى في المنام من ينظر إليه في المنام أو رؤية عين أو مجموعة عيون، وأمراض لا يعرف الطب سبباً لها خصوصاً الأمراض الجلدية والباطنية والنفسية، وكثرة التثاؤب في الصلاة وعند استماع أو قراءة القرآن».
وفي هذا الصدد، خلص الشيخ صهيب غلوم إلى ضرورة «العلاج والقرآن خير علاج والله المستعان ولا بد من تحصين النفس خصوصاً أذكار الصباح والمساء وقراءه الرقية الشرعية والمحافظة على الصلاة وذكر الله والعبادات ليكون لنا حصناً حصيناً من العين والحسد».