أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى أهمية الاستمرار في إصلاح وتطوير النظام القضائي في المملكة لإرساء دعائم الأمن. وذلك من خلال تدريب القضاة والحاجة للاستمرار في تعديل وتطوير عدد من القوانين، والتطبيق المتكامل والعادل للقانون بما يتفق مع روح الدستور وما ورد فيه.
وشدد صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى، خلال الكلمة التي ألقاها في حفل افتتاح منتدى حوار المنامة الثامن أمس والذي تنظمه المؤسسة الدولية للأبحاث الاستراتيجية لمناقشة عدد من القضايا المتعلقة بالأمن الإقليمي ويختتم أعماله غداً، على جملة من القضايا ذات التأثير المهم على الأمن الإقليمي، أبرزها التحديات التي تواجه المنطقة في ظل ازدياد الاهتمام الدولي بقضاياها، وما يشمل ذلك من مخاطر انتشار الأسلحة النووية وتصاعد ظاهرتي التطرف والإرهاب المتزايدتين في بعض الدول وازدياد خطر احتمال استخدام الأسلحة الكيميائية والحيوية، وضرورة التركيز على أمن صناعة النفط، إلى جانب تطور مظاهر الديمقراطية، والعلاقات الأمريكية الإسرائلية ودورها في عملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن هذه التحديات كانت موجودة قبل مظاهر ما يسمى بالربيع العربي.
وقال صاحب السمو الملكي إن المنطقة لم تشهد من قبل هذه الكثافة من التغيير وخلال فترة قصيرة عبر تاريخها العريق، لافتاً إلى أن هذه التغيرات تشهد انقساماً بارزاً بين الحصول على الحقوق الديمقراطية وتهديد الحريات في الوقت نفسه، مما يخلق تحديات تؤثر على السياسات الخارجية للدول، داعياً إلى ضرورة إدراك هذا الواقع الذي تمر به المنطقة، وانعكاساته على ممارسات صناع السياسات الخارجية في غرب العالم وشرقه.
إيجاد مخرج من الخلافات
وحول استجابة الحكومات الغربية للأحداث التي تمر بها المنطقة، قال صاحب السمو الملكي ولي العهد إن الحكومات في الغرب تشهد اختلافاً في وجهات النظر تجاه أنشطتها المتعددة من حيث مقدار التعاطي مع ما تمر به المنطقة. أما من ناحية الشرق فإن الحكومات تواجه تحديات جديدة تتعلق بكيفية تواصلها وتوظيفها لتأثيرها المتنامي، مرتكزة على الاهتمام الدولي بممارساتها الآخذ في الازدياد. محذراً سموه من عدم مواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة، نظراً لطبيعتها التي تفرض الكثير من أوجه الخلاف.
ولفت صاحب السمو الملكي إلى ضرورة التركيز على الانعكاسات التي تمخضت عن الثورة المعلوماتية واستخدام شبكات التواصل الاجتماعية.
من ناحية أخرى شدد صاحب السمو الملكي على أهمية أن تعي الدول كيفية التعامل مع الوضع الجديد في منطقة الشرق الأوسط. داعياً إلى إيجاد مخرج من الخلافات التي فرضتها التغيرات في المنطقة بأقل ضرر على الجانب الإنساني.
ونوه سموه بأن مملكة البحرين كان لها نصيب من التحديات التي تواجه المنطقة وكان لذلك انعكاسات تسببت في انقسام المجتمع البحريني والعديد من الجراح التي مازلنا نسعى للتعافي منها.
كما توجه صاحب السمو الملكي ولي العهد بالشكر إلى عدد من الأطراف التي ساهمت في إخراج البحرين من الأزمة الأخيرة التي مرت بها، وعلى رأسهم دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وذلك على دعم مملكة البحرين في التصدي لأي تهديدات خارجية محتملة خلال الأزمة وحماية المنشآت.
كما شكر صاحب السمو الملكي المساندة التي تقدمت بها بعض الدول الغربية وعلى رأسها المملكة المتحدة، من خلال نهجها في التواصل البناء مع مختلف الأطراف في مملكة البحرين من خلال القنوات الدبلوماسية دون استثناء أو تمييز وذلك إلى جانب دعمها للعديد من المبادرات المتعلقة بالإصلاح والتطوير. كما شكر سموه كلاً من سنغافورة وكوريا الجنوبية واليابان لإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة للإسهام في حل الأزمة.
وتقدم سمو ولي العهد بالشكر أيضاً لأعضاء اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، مشيراً إلى أن تشكيل هذه اللجنة يعد خطوة سباقة انتهجتها البحرين، أسهمت بشكل لافت في إحداث تغييرات مهمة في إطار جهود التعافي من آثار الفترة الماضية ولتكون توصياتها عنصراً فاعلاً في الخطوات القادمة تجاه الإصلاح، كما إنها مرجع لتوثيق الحقائق كما هي.
وتوجه صاحب السمو الملكي بالشكر لوزارة الداخلية بكافة منتسبيها على الإنجازات التي حققتها الوزارة من حيث البرامج الإصلاحية المتعددة وعلى ما يبذلونه منتسبو الوزارة من دور مهم في إرساء الأمن والاستقرار في المملكة وعلى درجات الالتزام في ضبط النفس على الرغم من الإصابات والوفيات التي تعرض لها رجال الأمن، مؤكداً دورهم في خلق مجتمع بحريني تتعايش فيه جميع الأطراف في ظل الأمن والاستقرار.
لست أميراً للسنة أو الشيعة فقط إنما للجميع
وأشار سموه إلى ما كان لجلالة الملك المفدى من دور ريادي مشهود له إقليمياً وعالمياً في تدشين مشروع إصلاحي سبَاق في مرحلة مبكرة من العقد الماضي، ومن تجربتنا وتجارب غيرنا نستقي أن عمليات الإصلاح قد تشهد منعطفات وتحديات دوماً حري بنا أن نتعامل معها للتوصل إلى ما نصبو إليه.
وقال سموه إنه ليس أميراً للسنة فقط أو للشيعة فقط في البحرين وإنما للبحرينيين جميعاً على تنوعهم، منوهاً إلى ضرورة الاستماع لصوت الغالبية العظمى من الشعب البحريني المتعايش مع بعضه البعض والذي يهمه أمنه ومستقبله.
وتطرق سموه للحديث عن الخطوات المتقدمة التي أحرزتها مملكة البحرين في مجالات متعددة وفق برامج إصلاحية وتطويرية، وأكد صاحب السمو الملكي أن على أي جهة ترفض توجهاً معيناً في التعامل مع الوضع أن تعي بأن العنف ليس حلاً، داعياً القيادات السياسية وكذلك المرجعيات الدينية وعلى أعلى مستوياتها إلى نبذ العنف، بل ومنعه أيضاً، لافتاً بأن الحوار هو الحل الأمثل لحل أي خلافات وليس ممارسة العنف. مشدداً على ضرورة الاستمرار في وقف العنف والسعي لبناء الجسور للبدء في حوار يضم مختلف الأطراف في مملكة البحرين.
ودعا سموه الحكومات الغربية الصديقة لاتخاذ دورها المتوازن مع جميع الأطراف، كما فعلت الحكومة البريطانية، مع اعتماد الانتقاد الموضوعي دون أن يميل ذلك لكفة دون أخرى.