الوقف عطاء مستمر وأجر دائم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو سنة يمتاز بها المجتمع الإسلامي، ولعب دوراً مهماً في تنميته وتقدمه في مجالات وميادين عدة.
ولقد اهتم المسلمون على مدار السنين ببناء دور العبادة قال الله تعالى: (إنما يعمر مساجِدَ اللَّهِ منْ آَمنَ بِاللَّهِ وَالْيوْمِ الْآَخرِ )، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: (( من بنى مسجداً لله تعالى يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة )).
ولقد كان –ومايزال- الاهتمام ببناء وتعمير المساجد سمة ونهجاً لحكام مملكة البحرين الكرام وعلى امتداد التاريخ، مما كان له الفضل في انتشار الكثير من المساجد والجوامع في جميع ربوع المملكة ما أتاح لجميع المواطنين والمقيمين أداء فريضة الصلاة بكل يسر وسهولة.
وقد اتخذت العناية ببيوت الله في العهد الإصلاحي الزاهر لجلالة الملك «حمد بن عيسى آل خليفة» حفظه الله ورعاه أشكالاً عدة جعلتها من المعالم الرئيسة لمملكة البحرين وأضفت لها رونقًا مميزًا ، خاصة في ظل ما توليه حكومتنا الرشيدة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير «خليفة بن سلمان آل خليفة» حفظه الله ورعاه من عناية فائقة ومتابعة دائمة لبيوت الله والقائمين عليها والعاملين بها، وحرص بالغ على تهيئة أفضل المناخات الملائمة لكي تقوم المساجد بدورها في المجتمع البحريني على النحو الأكمل .
وإنه من دواعي سروري، أن أوقع عقد إنشاء مركز إسلامي باسم الصحابي الجليل عبدالله بن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما، وذلك نيابة عن المهندس هشام عبد الرحمن جعفر الذي تبرع ببناء هذا المركز المبارك الذي يقام على مساحة قدرها 4500 متر مربع وعهد لإدارة الأوقاف للإشراف على هذا الجامع، فجزاه الله خير الجزاء وجعل هذا العمل الكريم في ميزان حسناته يوم القيامة، شاكرين له حُسن اختياره لاسم ومكان هذا المركز الإسلامي والذي سيخدم أهالي منطقة البحير في المحافظة الوسطى. وقد باشرت الإدارة منذ أكثر من سنتين وبالتنسيق والتعاون مع كل من المتبرع والاستشاري في دراسة التصاميم والرسومات الهندسية واستخراج تصاريح البناء، ومن المتوقع الانتهاء من عملية البناء في شهر أبريل 2014 بإذن الله ، وتبلغ قيمة عقد الإنشاء الذي تم توقيعه مع المقاول المنفذ للمشروع وهو مركز الشرق الأوسط للتجارة والمقاولات، مبلغ 1.200.000 دينار ( مليون ومائتا ألف دينار).
ولقد روعي في هذا التصميم الشكل العمراني المتميز وكذلك توجه مجلس الإدارة إلى بناء المساجد والجوامع صديقة البيئة الموفرة للكهرباء والماء، هذه النعم التي أنعم الله بها علينا والواجب علينا المحافظة عليها ، حيث إن ديننا الحنيف يحثنا على ترشيد الاستهلاك، وقد اهتم المجلس بهذا منذ أكثر من عام وناقش ذلك مع المكاتب الاستشارية لتطبيق هذا التوجه.
ولله الحمد، يسرني أن أعلن أن هذا هو المسجد الأول «صديق البيئة»الذي يُبنى في مملكة البحرين وسيكون هناك مسجد آخر سوف نعلن عنه قريباً. وفي هذا السياق، تم اتخاذ الإجراءات التالية عند تصميم هذا المشروع :
- إضافة المواد العازلة للحرارة والصوت في كل من الجدران والأسقف وذلك للعمل على توفير الطاقة داخل المشروع وتقليل حجم واستخدام أجهزة التكييف.
- تقليص حجم الزجاج في المشروع بما لا يؤثر على التهوية الطبيعية والإضاءة الخاصة بالمشروع وأيضاً تم استخدام نوع من الزجاج الثنائي (Double Glaze) المغطى بطبقة مظلله (Tented Glass) وذلك لعزل أفضل من الحرارة إلى داخل المشروع للتقليل من حجم واستخدام أجهزة التكييف.
- تركيب مرشدات لخفض مستوى تدفق الماء ومعالجة تسريبات المياه إن وجد. وفصل مياه الوضوء والتكييف وتجميعها وإعادة استخدامها في أعمال الري.
-استخدام التوصيلات الكهربائية والأجهزة ذات الكفاءة العالية ومصابيح الإنارة ذات العمر الطويل .
-استخدام «المقرنصات» و « ج أر سي» على النوافذ وذلك لإضفاء جمالية على المبنى وزيادة في التظليل للنوافذ مما يقلل من دخول الحرارة إلى المبنى وبالتالي التوفير في الطاقة.
-إضافة المساحات الخضراء للمشروع وذلك لإضفاء جمالية طبيعية للمشروع وتقليل التلوث في الجو.
ولقد توافقت سياسة مجلس الأوقاف مع توجهات حكومتنا الرشيدة لتحقيق الاستخدام الأمثل للثروات الطبيعية والموارد المتاحة،حيث بدأنا أول خطواتنا لتحقيق ذلك من خلال هذا الصرح الإسلامي وقمنا كذلك بمخاطبة لجنة تنظيم مزاولة المهن الـهـنـدسية لمراعاة تلك التوجهات مستقبلاً. وإنني من خلال منبر صحافتكم الموقرة أهيب بالاستشاريين بأن يسهموا معنا في دعم التوجه الحكومي الذي سيكون له بإذن الله تعالى مردود إيجابي في الحفاظ على نعم الله تعالى علينا من كهرباء وماء وغيرها من النِعم الجليلة.
الشيخ سلمان بن عيسى آل خليفة
رئيس الأوقاف السنية