كتب ـ حسين التتان وشيخة العسم وعايدة البلوشي:
المثقف إنسانٌ حالمٌ بطبعه، يتجاوز واقعه ومحيطه ويرسم «إمبراطورية الحلم»، ولا ينسلخ المثقف في مسعاه الحالم عن شخصه، فالذات دائمة الحضور، وعباقرة العالم رغم ما قدموه للبشرية بمختلف مجالات الإبداع انطلقوا في تحقيق أحلامهم العريضة من محاولة بناء مجد شخصي يخلّد ذكراهم.
الفقير يحلم وكذا الأمير، وبين هذا وذاك تتنوع الأحلام وتتعدد مشاربها، وتختلف أيضاً أسلحتنا ووسائلنا لتحقيق أحلامنا وتحويلها واقعاً، أفلاطون حلم بجمهورية للعدالة والفارابي بمدينة فاضلة والإسكندر المقدوني بحكم العالم، وماركس بحلم الانتصار للفقراء والمظلومين، وحتى الأنبياء كانوا حالمين ولكن على طريقتهم.
في البحرين شُغل المثقفون بالشأن العام عن سواه، فاستقرار البلاد وأمنها هاجس يقض مضاجعهم، وتماهت أحلامهم الشخصية «الصغيرة» في حلم واحد كبير «وطن مستقر.. ومواطنون مثقفون»، وبذلك جُرّدوا أو جردوا أنفسهم فعلياً ـ باستثناء قلة ـ من صفة الحالم الملازمة للمثقف.

المثقف إنسان قبل كل شيء، يحلم كغيره من البشر بمنزل جميل وسيارة فارهة وزوجة فاتنة وربما اثنتين، ولا يغفل عن أحلام تخص مهنته ومجال اختصاصه، فلماذا لا يحلم مثقفو البحرين على الصعيد الشخصي؟!.
بلد آمن وطن مستقر
حامد البوسطة فنان تشكيلي يتمنى السلامة للجميع ويحلم بـ»تنظيم معارض فنية محلية وعالمية، وتحسين دخله الشخصي وإكمال دراسته»، بالمقابل تأمل الشاعرة حصة مهنا السيسي تحقيق السعادة لأولادها «مشروعي المستقبلي التفرغ لأحفادي وتربيتهم» ولا تغفل عن الحلم «أن تستقر البلد».
القاص والروائي أمين صالح، وبعد أن جاوز الستين من عمره، تنحصر أحلامه في الشأن الثقافي «أتمنى الانتهاء من مسلسل بدأت العمل عليه منذ سنة ولم أكمل كتابته حتى الآن، وأتمنى أن أتفرغ لفكرة رواية».
الكاتب حمد النعيمي يحلم باستقرار وأمن البحرين والوطن العربي عموماً، وإكمال رسالته في الحياة و»ترك بصمة في المجتمع من خلال كتبي ومخطوطاتي»، ويضيف «لدي 8 أحفاد أتمنى أن يحققوا أحلامهم كافة، وينجزوا ما عجزنا عن تحقيقه».
المسرحي أحمد الصايغ يحلم أن يرجع الفن القديم للأطفال مثل «بابا ياسين» و»السلحوت»، وأن يتطور الفن المسرحي بالمملكة. وعلى الصعيد الشخصي يتمنى أن يكبر أولاده وتتيسر أمورهم، وأن يكونوا محل فخر لبلدهم، وأن يرجع الاستقرار لبلدنا»، فيما تنحصر أحلام الفنان التشكيلي عبدالله المحرقي «الصحة والعافية لي ولمن حولي، وأن ترجع البحرين بلد الأمن والأمان».
الشاعرة فوزية السندي تضع أجمل حلم تود تحقيقه في إنشاء مركز «ريكي»، وتقول «الحمدلله تحقق مركز البحرين للروكي وهو مركز للعلاج بالطاقة».
وتشاطر زملاءها المثقفين بحلمها الآخر «استقرار الوطن وعودة الأمور إلى سابق عهدها»، وتتمنى أن يحقق أولادها كل أحلامهم وأن يوفقوا على الصعيد الشخصي والمهني «بالنسبة للحلم الثقافي أتمنى أن أنتهي من كتابي قريباً ولم أحدد عنوانه بعد».
الثقافة مزدهرة والمسرح متطور
يحلم المسرحي حمزة محمد كأي مسرحي بحريني أن يتطور الحراك المسرحي وتكون هناك تسهيلات، ومسرح خاص للتدريب والبروفات وتقديم العروض النهائية لأن «الوضع الحالي ثابت لا يتحرك وخطواته تسير ببطء شديد».
المسرحي عبدالله حاتم يقول إن لكل إنسان حلماً يتطلع لتحقيقه سواء كان شاعراً أو كاتباً أو أديباً أو حتى مواطناً عادياً «أحلم أن يكون هناك اهتمام أكبر بالمثقف من قبل القطاعين العام والخاص ودعم مسيرته الثقافية».
المسرحي خليل المطوع يحوّل اهتمامه للدراما التلفزيونية «أتمنى الاهتمام بالدراما البحرينية وأن ترجع أيام دراما التسعينات (بيت العود، جزاوي الدار)، حيث إن الأعمال البحرينية حالياً مطعمة بالخليجية».
ويأمل الاهتمام بالدراما البحرينية أكثر «يجب أن يكون إنتاج الأعمال التلفزيونية بحرينياً خالصاً، ودعم الفنانين إعلامياً بصورة أكبر، وبلورة فكرة عملية لصناعة النجوم».
سلامٌ يعم العالم
المسرحية مريم زيمان تحلم أن يسود الأمن والسلام العالم، ويعيش في استقرار بعيداً عن جو التوترات، وأن ينعم الناس جميعاً بسعادة لا تنقضي «الإنسان يصنع مستقبله بيده، وعليه أن يضع يده في أيدي الآخرين لتحقيق هذا الحلم»، في المقابل تحلم أسناء صالح أن تكمل دراستها وتكون دكتورة وتخدم وطنها.
للشاعر والكاتب د.راشد نجم عبدالله حلم شخصي «أتمنى أن أوفق في إصدار ديوانين من الشعر انتهيت من مسودتهما باللهجة العامية، الأول باسم «همس المشاعر» ويضم بين دفتيه معظم قصائدي، والثاني بعنوان «دفتر القلب»، ويحوي نصوص أغانٍ وأبوريتات كتبتها».
ولكن الهم العام يشغله «أتمنى أن تهتم البحرين بالثقافة أكثر، وإعطاء المثقف فرصة المشاركة في اتخاذ القرار، ووضع استراتيجية واضحة المعالم لتطوير الأدب والثقافة».
يأمل عبدالله أن يكون للجمعيات الأدبية والثقافية دور أكبر في تفعيل الفضاء الثقافي والأدبي وخلق اهتمام جماهيري أكبر بالمسرح والفنون التشكيلية والموسيقى والشعر.
حلم الفنان التشكيلي جمال عبدالرحيم الأكبر «استقرار البلد والعالم العربي، والاستقرار ينعكس بطبيعة الحال على الثقافة والمثقفين، ويساعد على ازدهار الثقافة، وأتمنى أن تكون السنة المقبلة سنة خير للمثقف البحريني والعربي».
ويقول كاتب قصص الأطفال إبراهيم سند «حلمي أن أملك مؤسسة للطفولة أستطيع من خلالها إنتاج أفلام سينمائية ومسلسلات للأطفال وأغانٍ للطفولة، وإصدار صحيفة خاصة بالطفل».
ويحلم أن يمسك الطفل زمام الصحيفة «مدير التحرير إلى التنفيذ والإخراج مروراً بالصحافي كلهم أطفال، وأظن أنها ستكون تجربة ناجحة ونتائجها مميزة جداً، فالطفل لابد أن يعطى فرصة للتعبير عن رأيه».
الشاعر عامي إبراهيم الأنصاري يقول «أنا في طور إعداد ديوان جديد وأتمنى أن أتمكن من إصداره العام المقبل، وبالنسبة لعنوانه لدي أكثر من فكرة، وسيتضمن مجموعة من القصائد العامية والمواويل».
على الصعيد العام يتمنى الأنصاري إعادة إحياء وترميم جمعية البحرين للموسيقى والفنون الشعبية «كانت تحفظ كافة الألوان الأدبية من كتاب وملحنين وباحثين تراث وشعراء، وأتمنى أن يكون هناك تكتلاً يضم المهتمين بالنتاج الشعبي».
فيما يربط الكاتب والفنان والموسيقي إبراهيم الدوسري حلمه الشخصي بالحلم الوطني «أطمح إلى صدور كل كتب الثقافة الشعبية والإصدارات الفنية، وتوثيق مسيرة الأغنية البحرينية منذ سنة 1895 مرحلة ميلاد بن فارس حتى الفترة الحالية».
ويقول «أصدرت أربع أجزاء وأتمنى إصدار الجزء الأخير، ولدي مخطوطات لمجموعة قصصية وروايات»، ويواصل الدوسري «نحن المثقفون نحتاج لدعم وزارة الثقافة، ونحتاج لتفرغ لإكمال إنجازاتنا الثقافية».
أحلم ببحرين مختلفة
لا يفصل خالد الرويعي حلمه الشخصي عن الحلم العام «ليس بعيداً عنه وينحصر ضمن دائرة مشاريعي الشخصية» ويقول «أحلم بتمثال ينتصب أمام مطار البحرين لسالم العلان، أمر على شارع قاسم حداد وأسال المارة عن مركز السعداوي للفنون، أحلم بزيارة متحف يخلد تاريخ الكتابة المسرحية، أتسوق في شارع الفنانين وأقتني لوحة مشتركة لبوسعد والموسوي تمثل هوية البحرين وتراثها، أحلم بولدي يأتيني من مدرسة ناصر الخيري ويسألني عن معنى الدراما في المسرح، لأن مناهجهم تحث على البحث، أحلم بطابع بريد يحمل صورة العريض، أحلم بعروض في المحافظات الخمس، أحلم بالموسيقى كمادة رئيسة في مناهجنا المدرسية، أحلم ببحرين مختلفة».
ولا يخفي الرويعي حلمه بإطلاق عمل مسرحي ضخم «يستحيل أن يتحقق في البحرين ولذلك أحلم به» ويضيف «ظروف الإنتاج المسرحي لدينا مستحيلة ولذا أحلم بتحقيقها».
ويواصل «لدي خمسة كتب جاهزة تنتظر المراجعة الأخيرة وبعض الحذف والإضافة، وحلم آخر أتمنى تحقيقه قريباً وعندما يتحقق بالتأكيد سيعرفه الجميع..!».
إبراهيم بحر يحلم بالأمن والاستقرار للمملكة، وزواج أبنائه ورؤية أحفاده، فيما يحلم محمود الملا على الصعيد الشخصي بالخير والسعادة لأسرته، وأن يؤسس مرسماً بعد تقاعده ويتفرغ للفن، دون أن ينسى «الأمن الاستقرار للوطن».
عبد الله ملك يحلم أن تعود البحرين بلداً للأمن والأمان، وأن يعيش الجميع تحت مظلمة الأمن والاستقرار، وأن ترجع العلاقات كما كانت، بينما يسيطر على تفكير حسن كمال اليوم «تحقيق الهدوء والاستقرار في العالم».
عبدالرحمن محمود يحلم مثل أصدقائه المثقفين ولا يختلف عنهم في شيء «أن تعود البحرين كما كانت في المقدمة ثقافياً وفنياً»، وعلى المستوى الشخصي يتمنى محمود أن يرى أبناءه بمراكز مجتمعية ووظيفية مرموقة «وأن يكونوا في أمن واستقرار».
يوسف محمد لديه أحلام ويؤمن بإمكانية تطبيقها وترجمتها على أرض الواقع، ويقسّم أحلامه إلى أسرية «أتمنى أن يخلص أبنائي لوطنهم»، وشخصية «أتمنى أن تكون البحرين واحة للأمن والاستقرار»، وعملية «أن أقدم كل ما أملك وأكون على قدر المسؤولية والثقة وأترك بصمة جميلة يحتذى بها»، وإعلامية «أن أقدم برنامجاً إعلامياً يحمل رسالة».
أسامة الماجد حلم في طفولته أن يكون طياراً «لكن الظروف حالت دون تحقيق رغبتي»، ويضيف «عندها صنعت بنفسي كابينة في البيت واشتريت جهاز محاكاة، إنها تجربة حقيقية تجعل الشخص في أجواء الطيران، أحلم أن ألتحق بإحدى كليات الطيران».
لا للحلم نعم للمشروع
القاص حسن جاسم بو حسن يأبى أن يتحدث عن حلمه كمبدع بحريني، ويصر أن يتحدث عن حلم كل المبدعين على امتداد الوطن العربي، خاصة القاصين منهم.
يقول بوحسن «أنا كقاص، ويشاركني معظم القاصين في البحرين، أن الحلم أصبح في ذمة الله، إلى درجة أنه لم يبقَ هناك أي حلم يراود القاص البحريني، بسبب إهمال الجانب الأدبي في القصة، والذي يعتبر من أهم الفنون الأدبية على الإطلاق».
يمكن للشاعر أن يحلم على حد وصفه «هناك على سبيل المثال تركيز على الشعر، تخصص له المهرجانات والاحتفالات والندوات والأمسيات، لكن لم نجد ما يُؤسس للقاص البحريني أي نوع من الاهتمام».
يعود بو حسن ليتحدث عن الحلم والأمنية «أحلم أن نجد يوماً من الأيام من يُنعش فن القصة في البحرين، وأن يعود له الحُلم، خاصة أن بعض القاصين يحلمون فقط بطباعة قصصهم لا غير» ويتابع «أحلم أن يكون هناك فضاء واسع للقصة، وأن تعطى حقها الكامل، وتمنح أيضاً بقية الفنون حقوقها كاملة غير منقوصة».
لدى بو حسن ما هو أكبر من مجرد حلم «لدي مشروع، وليس مجرد حلم، فأنا أملك في ذاتي مشروع قاص تمكن من بناء مملكته القصصية الخاصة، من خلال إنشاء مجموعة قصصية جديدة، إذ تمكنت في الفترة السابقة من إصدار مجموعتين قصصيتين من جهودي الخاصة، وليس بدعم من أحد، وسيظل مشروعي قائماً وأبعاد حدوده واسعة جداً، سواء على مستوى القصة أو حتى مستوى الرواية».
لا يعتبر بو حسن ما حققه حلماً «الحلم أن يكون القاص قائماً بكيانه وباحترامه وبالمساحة الكبيرة المتاحة له هذا هو الحلم، فإذا وجدتَ قاصاً بحرينياً يقول لك إنه حقق كل حلمه فهذا رأي شاذ، أو ربما يكون كلامه حول الحلم، هو نوع من أنواع المجاملة، الحلم هو للقاص المبتدئ أو للإنسان العادي، لكن طموحي هو أكبر من مجرد حلم، فما يسكنني هو مشروعي الكبير، وسيعيش بداخلي طوال حياتي».
ادعموهم وهم سيبدعون
الكاتب والشاعر البحريني إبراهيم بوهندي يحلم أيضاً كأي مثقف ومبدع بحريني «أحلم أن يكون هناك اهتمام كافٍ بالجانب الأدبي والفني، خاصة بالشعر والنقد والموسيقى والنحت والفن التشكيلي والمسرح والقصة والرواية».
ويضيف «أنا لا أقول إن ليس هناك اهتمام على الإطلاق، ولكن أتمنى أن تزيد جرعات الاهتمام والتشجيع، سواء على مستوى مؤسسات الدولة أو حتى القطاع الخاص، وأن يكون الدعم متوازياً بين القطاعين بالتعاون مع المؤسسات الثقافية»، ويتابع «اهتمام القطاع الخاص بالجانب الثقافي ضعيف للغاية ويكاد ينعدم».
ويواصل حلمه «المبدع البحريني يحتاج لدعم فقط، وليتركوا بقية الإبداع عليه، كنَّا من قبل، ومنذ أيام إبداعاتنا الأولى، نعمل في الحقل الثقافي كمتطوعين، ولم تكن لدينا التزامات مادية أو أسرية، لكن اليوم وبعد أن كبرنا، وصارت الالتزامات المادية تلاحقنا، يكون الدعم للمبدع البحريني في هذه الحالة أمراً واجباً».
الحلم الأكبر الذي يراود بوهندي، أن يرى المسرح الوطني الجديد مفتوحاً للإبداعات البحرينية، وألا يكون حكراً على أحد أو يُحجر على أحد «هذا يعتبر من أهم أشكال الدعم للمبدعين والمثقفين البحرينيين».
حلم خاص وآخر للعموم
الشاعرة د.نبيلة زباري تقسم أحلامها إلى قسمين، حلم يخصها، وآخر يتجاوز حدودها «كلاهما حلم مشروع».
تقول زباري «المثقف أو المبدع له أحلامه وتطلعاته، ولولا الأمل لما استطاع المرء العيش في هذه الحياة، الأحلام كثيرة حتى وإن حصرناها في مجال الثقافة، فهناك حلم خاص وآخر على النطاق العام» وتضيف «الخاص أن أرى أشعاري تنتشر وتُقرأ وأحياناً تُغّنى على نطاق العالم العربي، بل وتتعداه بالترجمة إلى اللغات الأجنبية، وأتمكن من تمثيل بلادي خير تمثيل».
وتواصل «الحلم الآخر هو أن يتبوأ الشعر مكانته في المجتمع، ويكون له كيان في البحرين، بمعنى ألا تكون المؤسسات المهتمة بالشعر متفرقة، بل يجمعها كيان واحد، ودعم الكيان لبرمجة أنشطته المختلفة وإظهار المجال الإبداعي بأفضل صورة».