أدى إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي البعيد المدى وغير المتوقع إلى فرض الملف الكوري الشمالي مجدداً على الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية دون أن ينجح في التأثير على سلوك بيونغ يانغ في ولايته الأولى، سواء من خلال التفاوض أو العقوبات.
واعتبر البيت الأبيض أن إطلاق الصاروخ «استفزاز شديد»، وطالبت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس بـ»رد» دولي على «الانتهاكات لقرارات مجلس الأمن»، إلا أن أوباما لم يدل بتعليق.
واعتبر فيكتور تشا مستشار الشؤون الكورية للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش أن السياسة الأمريكية الحالية تكشف عن «ميل لاعتبار عمليات إطلاق الصواريخ محاولات متهورة يقوم بها نظام متأخر على الصعيد التكنولوجي».
وتابع تشا الخبير في مركز «سي إس آي إس» في واشنطن أن «هذا لم يعد مقبولاً. فنجاح هذا الإطلاق على ما يبدو يجعل من كوريا الشمالية إحدى الدول غير الحليفة لواشنطن خارج الصين والاتحاد السوفيتي سابقاً التي تطور تكنولوجيا الصواريخ البعيدة المدى القادرة على إصابة الولايات المتحدة».
وأعرب إد رويس الرئيس الجمهوري المقبل للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي عن أمله في أن تتسم السياسة الأمريكية إزاء كوريا الشمالية «بالحيوية والقوة وبمقاربة جديدة».
وقال رويس «بدلاً من ذلك، فإن مقاربة الإدارة الحالية لاتزال قديمة وتفتقد إلى أفكار جديدة. علينا أن نتبنى أسلوباً مختلفاً أو أن نظل متفرجين بينما التهديد الكوري الشمالي ضد منطقة آسيا والولايات المتحدة يتصاعد».
وتعهد أوباما قبل وبعد انتخابه أواخر عام 2008 باعتماد سياسة «تواصل» مع الأنظمة المعادية للولايات المتحدة مثل إيران وكوبا وكوريا الشمالية. إلا أن هذه الدول لم تتفاعل سواء مع محاولات التقارب أو مع العقوبات الدولية التي فرضت عليها.
واعتبر جويل فيت الدبلوماسي السابق والمؤيد لخوض مفاوضات مع بيونغ يانغ أن التغيير يمكن أن يأتي من الخارج وخصوصاً من كوريا الجنوبية حيث تعهد المرشحان الرئيسان للانتخابات الرئاسية المقررة في 19 ديسمبر الجاري بالعودة عن سياسة عدم التسامح التي كان ينتهجها الرئيس المنتهية ولايته لي ميونغ باك إزاء العدو في الشمال.
وموقف الصين حيث بدا شي جينبينغ بتولي زمام السلطة يمكن أن يكون له أثر حازم. فقد سارعت بكين التي تعتمد عادة موقفاً متساهلاً مع كوريا الشمالية إلى إدانة إطلاق الصاروخ.
وأضاف فيت أنه لا يفهم كيف لم يتعامل أوباما الذي جعل من إعادة توزيع الموارد الأمريكية نحو آسيا أحد أسس سياسته الخارجية، بشكل أكثر جدية مع «التهديد الرئيس» برأيه ضد الشرق الأقصى والذي يمثله بلد بات يسيطر على التكنولوجيا النووية. وأشار مدير مؤسسة «مانسفيلد» غوردون فلايك إلى أن الدعوات لإجراء حوار بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تأتي فقط من خارج إدارة أوباما.
وأضاف فلايك «لا أحد يقول في الإدارة الأمريكية «ما أنهم نجحوا الآن علينا أن نستأنف المفاوضات معهم»».
وقال «أعتقد أن المعيار يظل ما حدده الرئيس في عام 2010 عندما أوضح أن على كوريا الشمالية أن تظهر جدية» في الملف النووي. وإن إطلاق الصاروخ «مؤشر جديد على عدم جديتها».
لكن ومن وجهة نظر السياسة الداخلية الأمريكية، فإن الكونغرس الذي يسيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ فيه، يمكن أن ينكب على الملف. وأوضح فلايك أن كوريا الشمالية «يمكن أن تصبح على رأس الملفات السياسية» في واشنطن.
«فرانس برس»