الشارقة ـ مازن النسور:
أول ما تطأ قدماك أرضها للمرة الأولى، تشعر أنك في مكان تراثي شيد حديثاً، فتصاميم المباني الإسلامية وأجواء الثقافة صنعتا إمارة تعبق بالتاريخ والعلم واستحضار إنجازات العرب والمسلمين.
يقول معظم العرب المقيمين في الإمارات إن الشارقة تشعرك بالجو العائلي، ويفضلون السكن فيها رغم أن أعمالهم في مواقع بعيدة ويتكبدون عناء الذهاب والإياب إليها يومياً. 800 مسجد تنتشر على أرض إمارة لا تتجاوز مساحتها 2590 كم2، وهي تعادل 3.3% من مجموع مساحة دولة الإمارات “حسب ويكيبيديا”. حضارة إسلامية حاضرة بالأذهان، فهي بالفعل موطن لسكن العرب والمسلمين.
يشدك هناك تصاميم وديكورات المباني سيما الحكومية منها، التي اتخذت شكلاً “إسلامياً” متشابهاً متناسقاً، يعطي رونقاً وبعداً خاصين، قد تكون الملهم لمصمم فكرة مهرجان “أضواء الشارقة” الذي اختار هذا العام 14 مبنى لتسليط الضوء عليها وبالألوان.
جاءت لوحات المهرجان، متناغمة بين صروح الشارقة التراثية، وعمارتها التي رسمتها خطوط الفنون الإسلامية، لتنير عروضه الضوئية هذه المباني وتشمل القصباء، حصن الشارقة، مسجد النور، ميدان قصر الثقافة، واجهة المجاز المائية، مسجد المجاز، بحيرة خالد، دار القضاء، السوق المركزي، المركز الاستشاري وميدان الكويت، مطار الشارقة الدولي، مسجد عمر بن الخطاب في مدينة خورفكان، وجامعة الشارقة في مدينة كلباء.
14 مبنى بالألوان
وتكمن فكرة المهرجان “البسيطة” في إضاءة المباني من الخارج بتسليط الألوان عليها بطريقة تشبه جهاز الـ”بروجكتر”، من كل الجهات، لتظهر جماليتها للعيان ليلاً.
ويساهم “أضواء الشارقة” في تعزيز مكانة الإمارة الثقافية على خارطة سياحة المهرجانات حيث يعد واحداً من أبرز الفعاليات التي تنظم على مدار العام، واستقطب مهرجان العام الماضي أكثر من 200 ألف زائر.
وكان حاكم الشارقة سمو الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، شهد انطلاق الدورة الثالثة للمهرجان، ونظمته هيئة الإنماء التجاري والسياحي، واستمرت فعالياته من 7 إلى 15 فبراير.
وقال رئيس هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة محمد النومان، إن مهرجان هذا العام، يروي حكاية حضارة الأجداد وتراث بحري عريق، يعرض على واجهات معالمنا لتغمرها أمواج محملة باللآلئ وجوهرة لامعة اسمها الشارقة، لتحملنا بلوحات وألوان مذهلة إلى عالم خيالي لا مثيل له”.
وتميز العرض الأول للمهرجان بموضوع البيئة البحرية وما تتميز به إمارة الشارقة من تراث بحري لينقل عبر لوحاته وتصاميمه ذكريات الأجداد وحكايات البحر الغنية.
متحف الحضارة الإسلامية
ورغم أن المنظمين اصطحبونا كإعلاميين بجولة بحرية إلى معظم هذه المباني إلا أن متحف الشارقة للحضارة الإسلامية هو ما شد انتباهي، لاحتوائه على أكثر من 5 آلاف مخطوط وجهاز، خطه وصنعه أجدادنا العرب المسلمين عندما كانوا منارة العلم بالعالم.
محدثنا أو “الدليل السياحي” موسى، كان مجداً ومجتهداً وحافظاً للتاريخ، استطاع وضعنا في أجواء الشارقة الحضارية والتراثية والتاريخية بطريقة شيقة وممتعة.. شرح كثيراً عن مقتنيات المتحف الإسلامي، بدا وكأنه متحسراً على أيام العرب والمسلمين الأوائل عندما كانوا يقودون العالم بالطب والفلك والرياضيات وغيرها.
احتوى المتحف على معدات هذه العلوم التي استخدمها ابن سينا والزهراوي وابن حيان وغيرهم، جميعها أصلية بذل حاكم الشارقة جهداً جباراً لجمعها من أصقاع العالم تحت سقف واحد في إمارته.
ويوجد في الشارقة حوالي 14 متحفاً تاريخياً وأثرياً، تقف شاهدة على حقبة زمنية أثرت المدينة العصرية، وجاء اختيار منظمة اليونسكو للإمارة عاصمة الثقافة للعالم العربي عام 1998 تأكيداً على ذلك.
الأحياء المائية
الحديث عن مربى الشارقة للأحياء المائية، ويضم مجموعة من الكائنات البحرية والأسماك المختلفة لا ينفع “فالوصف ليس مثل من يرى بأم العين”.. مستوعبات (أحواض) مائية ضخمة تضم بداخلها الكائنات الحية التي تشكل البيئة البحرية للإمارات.
أسماك ومخلوقات بحرية متعددة الأشكال والأحجام والأنواع، تقف أمامها ولا يسعك وأنت تنظر إليها عن قرب إلا قول “سبحان الخالق”.